كشفت مصادر مصرفية عن قيام مصارف لبنانية ببيع سندات “يوروبوند” إلى مستثمرين أجانب، ما وُصف بأنّه تصرّف “قانوني مشروع” ولكنّه “غير وطني” و”غير أخلاقي” في ظلّ الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمرّ فيها البلاد تزامناً مع استحقاق سندات الـ”يوروبوند” في التاسع من آذار المقبل، ولو أنّها في سبيل الحصول على سيولة نقدية.
وفيما تدور شكوك حول عدد من المصارف، تداولت مصادر في الأوساط المالية والمصرفية أسماء مصارف هي “Blom”، و”Société Générale”، و”BLC”، و”بنك بيروت” وغيرها من المصارف، رجّحت أن تكون شاركت في عمليات البيع، مقدّرة قيمة السندات المباعة بنحو 600 مليون دولار أميركي، قائلة إنّ 38% منها تعود لـ”بنك بيروت” (نحو 233 مليون دولار) المملوك من رئيس جمعية المصارف سليم صفير، الذي كشف يوم الإثنين في تغريدة على “تويتر” أنّه زار النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم “لوضعه في صورة الأوضاع المصرفية والنقدية”. ولم يُعرف إن كان الأمر استدعاءً قضائياً على خلفية هذه المعلومات.
اجتمعت بالنائب العام المالي القاضي علي ابراهيم ظهر اليوم ووضعته في صورة الأوضاع المصرفية والنقدية.
— Salim Sfeir (@sfeir_salim) February 17, 2020
وقد يكون قرار المصارف البائعة مؤشراً إلى ما ينتظر حمَلَة “سندات آذار” في الأيام المقبلة، لكن لا يُستبعد أن تكون هذه المصارف قد حصلت على معلومات بأساليب “تخالف قوانين التداول في السوق”، بَنَت عليها قرار البيع بما يُشبه الهروب، الذي يُصنّف قانوناً، في حال ثبوت ذلك بالأدلة، جريمة تسنتد على معلومات تخصّ “التداول من الداخل” أوInside” Trading” تمكّن مرتكبها من الوصول إلى بيانات أو معلومات “غير عامة”، مخلّة بمبدأ “العدل بين المستثمرين”.
وغالباً ما يُدعى صفير، بصفته رئيس “جمعية المصارف”، إلى الاجتماعات المالية التي تُعقد في القصر الجمهوري وتجمع الرؤساء الثلاثة إلى جانب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وعلى الرغم من المباركة السياسية التي نالها خيار الامتناع عن الدفع والهيكلة من الرؤساء الثلاثة، إضافة إلى موقف الرئيس فؤاد السنيورة الذي دعا صراحة إلى عدم الدفع، وموقف الرئيس سعد الحريري الذي أولى “الأهمية للخطة”. إلا أنّ القرار النهائي لاستحقاق آذار، سيكون بيد وفد “صندوق النقد الدولي” وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالتكافل والتضامن.
مصدر في مصرف لبنان أكد لموقع “أساس” قيام مصارف بعملية البيع، كاشفاً أنّها “شملت سندات تستحقّ على التوالي في آذار ونيسان وحزيران”. المصدر نفى ربط عمليات البيع بالمصارف المذكورة (ربما لضرورات التحقيق)، لكنّه أكّد أنّ يسدّ بعضاً من “حاجة المصارف للسيولة”.
لا يُستبعد أن تكون المصارف حصلت على معلومات بأساليب “تخالف قوانين التداول في السوق”
وبدا هذا التبرير غريباً، خصوصاً أنّ المصارف باعت قسماً من السندات بأقلّ من 25 بالمئة من قيمته الفعلية قبل أسابيع وصولاً إلى قسم بيع بأقل من 70 بالمئة من قيمته خلال الأيام الأخيرة. لكنّ المصارف في المقابل ترفض الحصول على “السيولة المطلوبة” التي يقدمها المصرف المركزي بفائدة 20 %. وهذا يثير التساؤلات.
وربطاً بالشكوك حول احتمال عدم اطّلاع المصرف المركزي على عمليات البيع، تكشف إجابات المصدر في مصرف لبنان أنّ الأخير كان على دراية كاملة بعمليات البيع.
ولدى سؤال المصدر عن سبب تمنّع مصرف لبنان عن استعادة هذه السندات بقيمة أقل من قيمتها الفعلية، قبل بيعها لمستثمرين أجانب قد يحرجوننا أمام المحاكم الأجنبية، أجاب أنّ مكان طرح السندات في الخارج، سيحتّم على المصرف المركزي دفع قيمتها في الخارج أيضاً، وهذا يعني أنّ مصرف لبنان سيكون مضطراً إلى تحويل الدولارات إلى خارج لبنان… وهو ما يريد الهرب منه.