اتّهم النائب جبران باسيل الرئيس نبيه برّي والمعارضة، وعلى رأسها القوات اللبنانية، بتشكيل تحالف مماثل لـ”تحالف الطيّونة” لتطيير “فرصة” الحوار وانتخاب رئيس الجمهورية.
تحدّث باسيل صراحة في خطابه خلال عشاء البترون الذي روّج له مناصروه على أّنّه مفصليّ عن “رفض المعارضة الحوار بالمطلق كأنّها تقدّم خدمة لصاحب المبادرة لتطيير الجلسات المفتوحة”. وعاير رئيس المجلس، بعدما كان رحّب رئيس التيار سابقاً بخطوته، بتوجيهه “دعوة إلى حوار تقليدي وصيغة ملتبسة تحت الضغط للجلسات المتتالية وكأنّ هناك نيّة لتطيير الفرصة”.
مرّة أخرى أيضاً يَحشُر باسيل الحزب، عشيّة بدء الحوار رسمياً بينهما في مجلس النواب، في زاوية تصنيفه ضمن “الجهة التي تريد فرض رئيس علينا ليس لديه تمثيل وشرعية شعبية ولا مشروعية ميثاقية ولا عدد كافٍ من النواب لإيصال مرشّحها وتصرّ على موقفها الذي يطيل الفراغ، وما بتحكي إلا بتقاسم السلطة ومصلحتنا بعد 6 سنين”، في إشارة إلى وعد الحزب بتبنّي ترشيحه بعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية المقبل.
هي ذروة الضغوط المتبادلة بين باسيل والثنائي الشيعي، الحزب تحديداً، انطلاقاً من واقع تأثيرهم المباشر على الواقع الرئاسي، إذا اتّفقوا أو اختلفوا، تحت سقف معطيات مستجدّة من ضمنها: فحوى الكلام الذي نقله وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عقب زيارته السعودية، واللقاء المرتقب بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على هامش مؤتمر مجموعة الدول العشرين في الهند الذي سيتزامن مع وصول الموفد الرئاسي جان إيف لودريان الى بيروت في مهمّته الثالثة والأخيرة، وما تردّد عن اجتماع مرتقب للّجنة الخماسية المعنيّة بأزمة لبنان في نيويورك قبل نهاية شهر أيلول الجاري، في وقت تجزم فيه مصادر دبلوماسية ازدياد وتيرة التنسيق القطري-السعودي في شأن لبنان.
تقول أوساط مطّلعة قريبة من الحزب لـ “أساس”: جبران يُناور كسباً للوقت، والدليل إمساكه بورقتَيْ أزعور والحوار معنا، ولعلمنا أنّ مطالبه “ما بتخلص” من العهد الجديد
باسيل: أنا جاهز
لا يُتوقّع الكثير من لقاء الحزب والتيار في مجلس النواب في المدى المنظور، لكنّ باسيل نفسه أقرّ، وفق المعلومات، في اجتماع المجلس السياسي للتيار يوم الأربعاء بأنّه “جاهز فوراً للبحث باسم أيّ مرشّح للرئاسة بما في ذلك سليمان فرنجية وانتخابه في الجلسة نفسها لإقرار اللامركزية والصندوق الائتماني. غير ذلك، ما حدن يراهن نقبل بفرض أي مسار علينا لو شو ما صار ومهما طال الوقت”، مؤكّداً أمام أعضاء المجلس السياسي: “حوارنا مع الحزب مستمرّ ومريح، خصوصاً أنّه يناقش ورقة أولويّاتنا الرئاسية، لكنّ هذا لا يعني تخلّينا حتى الآن عن ترشيح جهاد أزعور”.
الأهمّ في كلام باسيل تشكيكه في أنّ “برّي قد يكون تسرّع بدعوته إلى الحوار ثمّ الانتخاب المفتوح للرئيس. فالحزب لن يكون مرتاحاً لجلسات متتالية قد تنتج مفاجآت ولا تُعرَف نهايتها أو تنعكس عليه سلباً مع إصراره على انتخاب فرنجية”.
مناورات
في السياق نفسه تقول أوساط مطّلعة قريبة من الحزب لـ “أساس”: “جبران يُناور كسباً للوقت، والدليل إمساكه بورقتَيْ أزعور والحوار معنا، ولعلمنا أنّ مطالبه “ما بتخلص” من العهد الجديد. ومن جهتنا، نحن نناور حتى نأتي به إلى ملعبنا. كلانا يعلم أنّ الآخر يناور عليه. نحن نقزانين من بعض ونريد بعض في الوقت نفسه. وهذه معادلة لا تنتج بالعادة حلولاً”.
على خطٍّ موازٍ يربط باسيل، وفق مصادره، “تلبيته دعوة الحوار من جانب برّي بالإجابة على عدّة نقاط ما تزال ملتبسة، من ضمنها ضمانات بأن ينتهي الحوار المحدّد بمدّة زمنية قصيرة جدّاً بجلسات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس بعد إقرار اللامركزية الإدارية والمالية والصندوق الائتماني”.
ضمن هذا السياق، أتى ردّ نائب “حركة أمل” علي حسن خليل الذي أشار إلى انتقال باسيل من “الترحيب بمبادرة برّي الحوارية إلى نغمة الشروط والأولويات، وإثقال المهمّة بنقاش عبثي لتطيير الحوار وحرفه عن وجهته”.
وفق معلومات “أساس” فإنّ لجنة اللامركزية الإدارية التي بدأت أعمالها أمس في مجلس النواب سيعقبها تأليف لجنة أخرى لمناقشة ملفّ الصندوق الائتماني
لقاء رعد – عون: عموميّات
حين يُترك الملعب السياسي مفتوحاً للمناورات يتحوّل لقاء اجتماعي بين قائد الجيش العماد جوزف عون ورئيس الكتلة النيابية للحزب محمد رعد في منزل صهر قائد الجيش العميد السابق أندريه رحّال إلى “حدثٍ كبير” لا مفاعيل له سوى تزكية مسار شدّ الحبال بين التيار الوطني الحر والحزب. مع العلم أنّ رحّال خضع أخيراً لعملية جراحية زاره على إثرها أكثر من قيادي في الحزب. وهو معتمد من قبل قيادة الجيش في العلاقة مع الضاحية ومكتب نجيب ميقاتي في السراي، وقد أتت زيارة رعد ضمن إطار الاطمئنان على صحّته، وجرى حديث مع قائد الجيش في العموميّات.
في السياق نفسه تندرج الأحاديث المتزايدة الآتية، للمفارقة، من صوب فريق الثنائي الشيعي عن تمديد محتمل لقائد الجيش في ربع الساعة الأخير الفاصل عن إحالة عون إلى التقاعد في 10 كانون الثاني 2024، وذلك من خلال ضغط أميركي على وزير الدفاع موريس سليم للتوقيع على القرار.
لكنّ باسيل قال لمحازبيه يوم الأربعاء: “جوزف عون نفسه قال لا يقبل بالتمديد إلا بقانون. ومن جهتي أقول إنّه يقبل بالتمديد بقرار من وزير الدفاع. والوزير موريس سليم، قبل أن أقول له أيّ شيء، اتّخذ قراره سلفاً بعدم توقيع قرار التمديد لقائد الجيش ولن يتراجع. معطياتي تقول إنّ كلّ المواقع يتمّ ملؤها بالوكالة، ولن تتغيّر المعادلة مع قيادة الجيش التي يتسلّمها الأعلى رتبة، وهو اللواء بيار صعب”.
إقرأ أيضاً: المناورات الأخيرة رئاسيّاً.. بين اللقلوق واليرزة والحارة
على خطّ آخر، وفق معلومات “أساس” فإنّ لجنة اللامركزية الإدارية التي بدأت أعمالها أمس في مجلس النواب سيعقبها تأليف لجنة أخرى لمناقشة ملفّ الصندوق الائتماني. وفيما حسم باسيل أسماء من سيعيّنهم في هذا الملفّ، فإنّ الحزب سيختار ممثّليه في لجنة الحوار مع التيار بعد دراسة مشروع الصندوق الائتماني داخل أروقة الحزب.
لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@