الفاخوري… “كادو” من بعبدا لسفيرة أميركا الجديدة

مدة القراءة 5 د


لم يمضِ أسبوع على تقديم السفيرة الأميركية الجديدة، دوروثي شيا، أوراق اعتمادها إلى الرئيس ميشال عون، حتى قبلت المحكمة العسكرية بالدفوع الشكلية التي تقدم بها وكلاء العميل الإسرائيلي عامر الفاخوري وإسقاط التهم الموجهّة إليه بذريعة مرور الزمن.

شيا انتهزت مناسبة تقديمها أوراق اعتمادها وقيامها بجولات بروتوكولية على كبار المسؤولين لتعيد طرح قضية توقيف الفاخوري وتطالب بالإفراج عنه بسبب المرض، لكن قيل لها، بحسبما نقلت مصادر متابعة، “إنّ الفاخوري سيحاكم في لبنان أمام القضاء العسكري ولن نتدخّل في عمل القضاء”. لكن يبدو أنّ الأمر تبدّل في غضون أيام، بسحر ساحر.

مصدر مقرب من “التيار الوطني الحر” نفى أن يكون الفاخوري، الذي أُوقِف منتصف شهر أيلول الماضي، عاد بطلب من أحد من التيار، كما استبعد أن يكون للفاخوري أيّ حيثية شعبية في منطقة الجنوب التي “لا تعني كثيراً للوزير جبران باسيل” خصوصاً مسقط رأس الفاخوري منطقة مرجعيون. وقال المصدر: “هذا الشخص محروق، ولا يمكن استغلاله بأي أمر. ربما هو عاد من باب حبّ العودة إلى وطنه لا أكثر بعد أن سقطت التهم عنه وفق القاعدة العشرية”.

المصدر نفسه كشف أنّ الفاخوري أُوقف زوراً بغير وجه حقّ، لكن ضغوطاً شعبية كان خلفها “حزب الله”، أجبرت السلطات اللبنانية على توقيفه لامتصاص غضب المتضررين من عمالة الفاخوري. “أراد الحزب أن يوجّه رسالة إلى جمهوره من خلال الفاخوري ومفادها أن لا تساهل من العملاء”. أما اليوم فقد هدأ الشارع وصارت الفرصة سانحة أمام إرضاء الجميع على السواء: “الغاضبون حصّلوا شيئاً من ردّ اعتبارهم، فيما تلبية الرغبة الأميركية باتت ممكنة”.

إقرأ أيضاً: التشكيلات القضائية “بتقطع”… بقوّة “17 تشرين”

لكن يبدو أنّ العهد لم يشأ تسليف ورقة الفاخوري للسفيرة الأميركية السابق إليزابيت ريتشارد، بل أراد أن يجعل من الملف عربون تقرّب من السفيرة الجديدة شيا. ربما أراده “كادو مش من قيمتها” يعيد من خلاله تعبيد الطريق بين بعبدا وعوكر.

وتقول المعلومات إنّ زيارة شيا إلى بعبدا كان عنوانها الأوّل ضرورة إطلاق الفاخوري، وإلا فالويل والثبور وعظائم الأمور، وفرض عقوبات على “غير المتعاونين”.
أضف إلى ذلك أنّ الظروف قد تبدّلت، خصوصاً بعد “ثورة 17 تشرين الأول” ضد السلطة، والعهد خصوصاً.

إذاً، ملف العميل عامر الفاخوري تحوّل، في غضون ستة أشهر، من ورقة رابحة إلى عبء ثقيل جاثم على صدر العهد، ما استدعى إطلاق صفارة تبرئته في التوقيت المناسب، وكان المحرّكَ الرئيسي لذلك سببان جوهريان، وهما:

أولاً، الحالة الصحية المتدهورة للفاخوري نتيجة إصابته بمرض “سرطان الليمفوما” من الدرجة الرابعة. وبالتالي فإن إحتمالات وفاته في السجن كانت كبيرة. وهذا الأمر لو حصل كان ليفتح أبواباً مغلقة على العهد، هو بغنى عنها في هذا التوقيت الدقيق. ولا يُستبعد أن تتسبّب وفاته داخل السجن بتوجيه التهم للسلطات اللبنانية بقتله، ربما تلامس حدود فرض العقوبات وفق “قانون ماغنيتسكي”، الذي يخوّل الإدارة الأميركية فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم.

هذا الملف تتولّاه في واشنطن السيناتور الديموقراطية جين شاهين عن ولاية نيوهمشاير التي يتبع إليها الفاخوري. طوال مدة توقيفه، لم تلقَ تحركات شاهين آذاناً صاغية في سفارة لبنان في واشنطن ولا في دوائر القرار هنا في بيروت، فتحركت مؤخراً باتجاه السيناتور الجمهوري تيد كروز، وباتت مساعيهما متقدمة جداً في سبيل اصدار قانون عقوبات ضد مسؤولين لبنانيين بموجب القانون المذكور.

منشور غبريال عيسى
ثانياً، بسبب الانهيار المالي والاقتصادي الذي يشهده لبنان، ولحاجة العهد وحكومته الماسّة اليوم إلى رضى واشنطن الذي تنظر إليه باهتمام أيّ جهة تريد المساعدة. من دون أن ننسى حظوتها داخل صندوق النقد الدولي الذي تملك فيه 17،46% من عدد الأصوات وننتظره أن يسلّمنا خارطة طريقه الخاصة بإخراجنا اقتصادياً ومالياً من عنق الزجاجة، بمبارك ورضى “حزب الله” المتوجّس.

ليتني استشهدت على يد العميل عامر الفاخوري قبل أن أسمع خبر إطلاق سراحة وتبرئته من دم من استشهدوا على يديه

أحمد إسماعيل، أحد المعتقلين المحرّرين من سجون الداخل الإسرائيلي، والذي أمضى 10 سنوات في المعتقلات، قال في حديث لـ”أساس” إنّ “إطلاق سراحه كان متوقّعاً، بحكم الوسيط الذي أتى به إلى لبنان (التيار الوطني الحر) وصمت حزب الله عن الموضوع واضح. هم حريصون على عدم إغضاب التيار العوني، أضف إلى ذلك ظروف مرضه. حتّى تحرّك الأسرى المحرّرين كان من باب رفع العتب وبسقف إعلاميّ مرسوم”.

وأضاف إسماعيل: “واضح أنّ للفاخوري علاقات مع التيار العوني، وابن الفاخوري متل ما بدو بيدير إدن الجرة. خلال تظاهراتنا إبان ثورة 17 تشرين اتهمونا بالخيانة والعمالة ورأينا عبارات كانت أشدّ تخويناُ رفعوها ضدّنا. اعتقدنا أنّ حكومة حزب الله ستكون صارمة. لو كانت القوات اللبنانية أو حزب الكتائب في الحكم لكان حكمهم على الفاخوري أقوى وأقسى”.

أما الأسير المحرّر من معتقل الخيام، صبحي عبدالله، الذي عانى من ظلم وتعذيب الفاخوري، فاختصر الحديث بجملة واحدة، قائلاً: “ليتني استشهدت على يد العميل عامر الفاخوري قبل أن أسمع خبر إطلاق سراحة وتبرئته من دم من استشهدوا على يديه”.

واللافت أنّ إطلاق الفاخوري بدأ يتحوّل إلى كرة نار داخل سجن رومية، حيث تصاعدت الأسئلة من نوع: “لماذا يبقى سجناء إسلاميون منذ سنوات بلا محاكمة ويخرج الفاخوري؟”. وقد راح البعض يطالب بخروج الشيخ أحمد الأسير، في حين بدأت حركة تمرّد في سجن رومية، يمتزج فيها الخوف من “الكورونا”، بالغضب من إطلاق الفاخوري.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…