تخطّى عدد وفيات كورونا في العالم المليون، وعدد الحالات 33 مليوناً. أوروبا تغرق في الإصابات مرة أخرى على أبواب الشتاء. أسرّة العناية الفائقة تمتلئ في مدريد بإسبانيا، وفي مرسيليا بفرنسا، وهي المدينة التي ظنّت قبل أشهر قليلة أنها قضت على الوباء أو تكاد. الإجراءات والاحترازات والإغلاقات تُستعاد في كثير من البلدان، كما في بريطانيا. والحديث يسري في كلّ مكان عن موجة ثانية.
في الولايات المتحدة، تجاوز عدد الوفيات الـ 200 ألف، وتجري الهند بسرعة وتكاد تحتل المركز الأول في العالم مكان الولايات المتحدة، بإصابات متسارعة بلغت نصف مليون أسبوعياً، على مدى أربعة أسابيع.
إقرأ أيضاً: كورونا: الأنفلونزا العادية ستحاصرنا.. والكمامة علاجنا الوحيد
وبالمقارنة مع نسبة الوفيات في العالم، عام 2017، لأسباب أخرى، يتبيّن أنّ وفيات كورونا هذا العام تجاوزت كلّ النسب على الشكل التالي: وفيات الملاريا (620 ألفاً)، الانتحار (794 ألفاً) ونقص المناعة (954 ألفاً).
تبعاً لهذه الاحترازات، اعتمدت طريقة تجريبية لحساب نسبة الإصابة في العالم، لا تقتصر فقط على رصد الأجسام المضادة، بل تستند كذلك إلى نسب الوفاة عموماً، ونسب الإصابات المسجّلة رسمياً، والحاصل المتوسط بينهما، وهو بديل معقول عن تكثيف الفحوص للأجسام المضادة
يمثّل عدد وفيات كورونا في العالم حالياً، 3% من العدد الإجمالي للإصابات المسجّلة رسمياً. لكن هذا الرقم هو أدنى بكثير من العدد الحقيقي. فكثير من المصابين بالفيروس لا يمرضون بكوفيد -19، وكثير منهم لا يلحظهم النظام الصحي. ولهذا، ومن أجل معرفة العدد الحقيقي التقريبي لإصابات الفيروس حول العالم، عمل العلماء ومسؤولو الصحة العامة، على الإفادة من فحوص الدم التي تجري لأسباب مختلفة لكشف وجود الأجسام المضادة الناتجة عن الإصابة بالفيروس. لكن حتى هذه الفحوص غير دقيقة، لأن الأجسام المضادة في أجساد المرضى قد تكون ناتجة عن فيروسات أخرى، ما قد يؤدّي إلى تضخيم أعداد الإصابات المحتملة. كما أنّ النتائج تختلف من منطقة إلى أخرى، بسبب انتشار فيروسات شبيهة بالكورونا في بعض المناطق دون أخرى. وبالمقابل، لا ترصد هذه الفحوص المستويات المتدنّية من نسب الأجسام المضادة. وبعض المصابين (وغالبهم من الشباب) يصارعون الفيروس من دون فرز أجسام مضادة، ولا يُسجَّلون رسمياً على أنهم مصابون.
وتبعاً لهذه الاحترازات، اعتمدت طريقة تجريبية لحساب نسبة الإصابة في العالم، لا تقتصر فقط على رصد الأجسام المضادة، بل تستند كذلك إلى نسب الوفاة عموماً، ونسب الإصابات المسجّلة رسمياً، والحاصل المتوسط بينهما، وهو بديل معقول عن تكثيف الفحوص للأجسام المضادة.
أما الرسوم البيانية المنشورة في مقال مجلة “الإيكونوميست”، فتعبّر عن تقديرات مستندة إلى 279 إحصاءً للأجسام المضادة في 19 بلداً. وهي تفترض بمجملها أنّ الإصابات بفيروس الكورونا، منذ أن سمع العالم بالفيروس أول مرة نهاية كانون الثاني الماضي، كانت حوالى مليون إصابة في العالم يومياً. وفي أيار الماضي، بلغ معدّل الإصابات يومياً أكثر من 5 ملايين. وعلى الرغم من النسبة العالية من عدم اليقين في هذه التقديرات، لكن يمكن القول إنّ ما بين 500 مليون إلى 730 مليون فرد حول العالم قد أُصيبوا بالفيروس، أي ما نسبته 6,4% إلى 9,3% من مجمل سكان العالم. أما منظمة الصحة العالمية، وإن لم تنجز بعد بحثها الخاص عن الأجسام المضادة، إلا أنّها وضعت حدّاً لنسبة الإصابات يصل إلى 10% من سكان العالم.
لكن إذا كان الوباء منتشراً أكثر مما هو ظاهر، إلا أنه نسبياً أقلّ خطورة مما تبديه الإحصاءات الرسمية في البلدان الغنية. وبحسب دراسة البريطاني ديفيد سبيغلهالتر David Spiegelhalter، في جامعة كامبردج، فإن مخاطر الموت من تزايد انتشار وباء كوفيد -19، تزداد 13% مع كلّ سنة إضافية من عمر الإنسان، ما يعني أنّ من هو في سنّ الـ 65 من المحتمل أن يموت بالوباء أكثر بمئة ضعف من فرد آخر بسنّ 25 سنة. ونسبة من هم في سنّ الـ65 تتفاوت في العالم. فبحسب إحصاءات العام الماضي، يبلغ سنّ 20.5% من سكان الاتحاد الأوروبي أكثر من الـ65، مقابل 3% فقط من سكان البلدان الأفريقية ما وراء الصحراء.
قد جمعت مجلة الإيكونوميست بيانات عن الوفيات الحاصلة بكلّ الأمراض الممكنة، من البلدان التي تبلّغ عنها أسبوعياً أو شهرياً، وتضمّ معظم أوروبا الغربية، وبعض أميركا اللاتينية، وعدد قليل من البلدان الكبيرة الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وجنوب أفريقيا
وكما هو حال العدد الحقيقي للإصابات في العالم، فكذلك عدد الوفيات المسجّلة، هو أقل مما هو معلن. ولمعرفة العدد الحقيقي لوفيات الكورونا، لا بدّ من مقارنة العدد المتوقّع للوفيات عموماً هذا العام مع الوفيات المتحقّقة في العام السابق، فنحصل على فائض الوفيات بما قد يدلّ على العدد الحقيقي لوفيات كورونا. فعلى الرغم من أنّ الإحصاءات الرسمية قد تُغفل أو تخطئ في تحديد أسباب الوفاة، إلا أنه من النادر أن تخطئ في حساب أعداد الوفيات ككلّ.
وقد جمعت مجلة الإيكونوميست بيانات عن الوفيات الحاصلة بكلّ الأمراض الممكنة، من البلدان التي تبلّغ عنها أسبوعياً أو شهرياً، وتضمّ معظم أوروبا الغربية، وبعض أميركا اللاتينية، وعدد قليل من البلدان الكبيرة الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة وروسيا وجنوب أفريقيا. وبين آذار وآب الماضيين، سجّلت هذه البلدان 580 ألف وفاة من كوفيد – 19 من بين حالات الوفاة، ولكن توجد 900 ألف حالة وفاة زائدة عن العام السابق؛ وعلى هذا، يبدو أنّ الحصيلة الحقيقية لوفيات الوباء، أكبر بنسبة 55% من النسبة الرسمية. ويشير هذا التحليل إلى أنّ الأرقام الرسمية الأميركية تقلّل من شأن عدد الوفيات بنسبة 30% أو أكثر (قدّمت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أميركا تقديراً مماثلاً). وهذا يعني أنّ العدد الحقيقي للوفيات في الولايات المتحدة حتى الآن ربما يكون أقرب بكثير إلى 300 ألف من 200 ألف. وهذا حوالى 10? من العدد الإجمالي لوفيات الأميركيين سنوياً، وهو 2.8 مليون، أو بعبارة أخرى، نصف عدد الذين يموتون بالسرطان. ولم ينته بعد عام 2020.
لقراءة النص الأصلي اضغط هنا