السفيرة الأميركية في مواجهة حزب الله: صراع على مستقبل لبنان

مدة القراءة 5 د


منذ أن وَطِئت السفيرة الأمريكية الجديدة دوروثي شيا أرض لبنان حتى بدأت نشاطاتها ومتابعاتها في كافة الاتجاهات، وخصوصاً في مواجهة حزب الله وسحب البساط اللبناني من بين يديه بهدوء ورويّة.

 وكما يقول المثل اللبناني: “أول وصولو شمعة على طولو”، فكانت قضية إطلاق سراح العميل عامر الفاخوري من السجن أولى القضايا التي تولّتها، وقد أوصلتها الى الخاتمة السعيدة بأقصى سرعة ممكنة وبأقل الانعكاسات السلبية. وقد انشغل اللبنانيون والإعلام اللبناني بهذه القضية طيلة الأسابيع الماضية ولا تزال مفاعيلها قائمة حتى الآن. واعتبرت بعض الأوساط السياسية والدبلوماسية في لبنان أن السفيرة حقّقت أول هدف في مرمى الحزب الذي لم يستطع ان يتجنّب تجرّع الكأس المرّ.

والقضية الثانية التي تولّتها السفيرة شيا، كانت متابعة التعيينات المالية في مصرف لبنان ولجان الرقابة المالية حيث أوصلت رسالة قوية إلى المسؤولين اللبنانيين تتحفّظ فيها عن بعض الأسماء المطروحة أو التغييرات التي قد تحصل. وقد اعترفت السفيرة بذلك علناً، كما أن الناطقة الإعلامية باسم السفارة لم تنفِ ذلك، وكان لها ما أرادت وتأجّلت التعيينات بحُجج مختلفة.

إقرأ أيضاً: حزب الله يعدّل قواعد الاشتباك: لبنان الساحة.. بدلاً من سوريا؟

لكن يبدو أن السفيرة الأميركية مستمرة بنشاطاتها وحيويتها، سواء من خلال الإطلالات الإعلامية وتحديد الأهداف التي تسعى لتحقيقها في لبنان، أو من خلال سلسلة اللقاءات والزيارات التي تقوم بها مع بعض القيادات اللبنانية وخصوصاً المعارِضة للعهد والحكومة، حتى راجت في الأيام القليلة الماضية معلومات وسيناريوهات عديدة حول “انقلاب” سياسي تُعدّ له السفيرة مع عدد من الشخصيات اللبنانية لإسقاط حكومة الرئيس حسان دياب والمتهمة بأنها حكومة حزب الله، وبالتالي إقصاء الحزب وإضعاف دوره داخلياً وخارجياً”.

مصادر دبلوماسية غربية مطلعة في بيروت اعتبرت أن هذه السيناريوهات ليست دقيقة، لكنها لم تنفِ الجهد الذي تقوم به السفيرة لإضعاف الحزب تحت عناوين مختلفة.

فإلى أين ستؤدي المعركة بين السفيرة الأميركية وحزب الله؟ وهل ستنجح الدبلوماسية الأميركية العريقة في هذه المعركة القاسية والخطيرة؟ وهل نجاحها في بعض الخطوات سيجعلها قادرة على الوصول إلى النهاية المطلوبة؟

المصادر الدبلوماسية نفسها تقول إن السفيرة الأميركية تُعتبر من الشخصيات الدبلوماسية المتمرّسة، وتمتلك خبرات سياسية ودبلوماسية مهمّة، وهي محيطة بكافة ملفات المنطقة ولبنان، وهي تدرك طبيعة الساحة التي تعمل فيها. وقد تكون تجربتها قريبة جداً من تجربة السفير الأميركي الأسبق في لبنان جيفري فيلتمان، وقد تكون استفادت كثيراً من تجربته خصوصاً في مرحلة ما بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتشكيل المحكمة الدولية.

في الأيام القليلة الماضية كانت هناك متابعة مباشرة للقاءات التي تقوم بها السفيرة ونشاطاتها، وتمّ تعميم العديد من المعلومات والسيناريوهات حول الخطط الجديدة التي يمكن أن تكون السفيرة تُعدّ لها

لكن كيف سيتعاطى حزب الله مع هذه الحرب التي تقودها السفيرة الأميركية؟ وهل سيقبل الحزب بتسليم لبنان للإدارة الأميركية مجدّداً بعدما نجح بالتحوّل الى قوة فاعلة وحاسمة في البلد بالتعاون مع حلفائه؟

من يتابع أداء الحزب خلال الأسابيع الماضية يلاحظ حجم المتابعة من قبله لما تقوم به السفيرة، سواء في قضية العميل عامر الفاخوري، أو على صعيد التعيينات المالية. وكان للأمين العام السيد حسن نصر الله، ولاحقاً للنائب حسن فضل الله مواقف واضحة بهذا الإطار. وفي الأيام القليلة الماضية كانت هناك متابعة مباشرة للقاءات التي تقوم بها السفيرة ونشاطاتها، وتمّ تعميم العديد من المعلومات والسيناريوهات حول الخطط الجديدة التي يمكن أن تكون السفيرة تُعدّ لها. لكن بالمقابل، فإنّ الحزب وحلفاءه لن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام كل ذلك. واذا كانت الظروف الداخلية، وأزمة انتشار فيروس كورونا، والأوضاع الاقتصادية الصعبة، قد دفعت الحزب للسكوت أو عدم مواجهة ما جرى خلال الأسابيع الماضية، فإن المؤشّرات والمعطيّات من بيئة حزب الله تشير إلى أن المرحلة المقبلة قد تشهد صراعاً قوياً بين ما تخطّط له السفيرة وبين ما يمكن أن يقوم به الحزب في إطار المواجهة. فهل سيصل هذا الصراع إلى صراع مفتوح داخلي على ضوء انتظار ما ستعلنه المحكمة الدولية في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري في نهاية الشهر الحالي أو منتصف الشهر المقبل، أو أن التطوّرات الإقليمية والدولية وتطوّرات انتشار فيروس الكورونا ستجنّب لبنان معركة قاسية قد تطيح بكلّ الاستقرار والهدوء النسبي الذي ينعم به البلد حالياً.

المطلعون والعارفون بطبيعة السفيرة الأميركية الجديدة وموقعها في الإدارة الأميركية يؤكدون بأنه علينا أن لا نستهين بما تقوم به، لكن المهمّ هل ستكون الرياح مؤاتية لما تخطّط له ام ستنقلب عليها كما حصل سابقاً مع السفير جيفري فيلتمان في ايار 2008؟ 

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…