الحزب “يهدّىء” بمفاوضات الترسيم.. لتأخير جهنّم والعقوبات

مدة القراءة 5 د


لم يصدر عن حزب الله أيّ موقف رسمي ومعلن حول “اتفاق الاطار” الذي أعلنه الرئيس نبيه بري مقدّمة للتفاوض مع العدوّ الإسرائيلي حول ترسيم الحدود البريّة والبحرية. وبانتظار صدور موقف رسمي، فإنّ التعليق الوحيد من الحزب جاء في مقدمة قناة “المنار” الناطقة باسم الحزب مساء الخميس، التي أشادت بالاتفاق انطلاقاً من لاءات ثلاث:

– لا تفاوض مباشر كما كان يريد الصهاينة، أي لا تفاوض دبلوماسياً، بل بالبزّة العسكرية، وعبر وسيط، وفي مقرّ الأمم المتحدة. وهذا يؤكد حال العداء مع الكيان الصهيوني.

– لا فصل بين البرّ والبحر، كما كان يرجو العدوّ، وإنما تلازمٌ بين المسارين.

– لا تنازل عن نقطة ماء ولا حبة تراب.

هذه اللاءات الثلاث، ووفقاً للقناة، محمية بمعادلة “الجيش والشعب والمقاومة”، لاسترجاع كامل الحقوق.

إقرأ أيضاً: بونفيلد لـ”أساس”: خطوة مهمّة تؤدي في النهاية إلى تهيئة أجواء إيجابية بين لبنان وإسرائيل…

ومن المعروف أنّ هناك قواعد عديدة تحكم حزب الله على صعيد ملفّ الحدود، وأهمها الموافقة على ما تتبنّاه الدولة اللبنانية رسمياً وعدم الدخول في مفاوضات مباشرة والتنسيق الدائم مع الرئيس نبيه بري والجيش اللبناني في كلّ التفاصيل. وقد طُبّقت هذه القواعد في التعاطي مع ملف مزارع شبعا، وكلّ ملفات الحدود بعد الانسحاب الإسرائيلي في العام 2000 وبعد حرب تموز 2006 وصدور القرار 1701. كما أنّ الحزب التزم بموقف الدولة اللبنانية بعدم المطالبة بتحرير القرى السبع التي كان يسكنها لبنانيون. وكانت هناك مطالبات بتحريرها سابقاً، لكن توقفت هذه المطالبة لاحقاً.

يبدو أنّ الموقف الأميركي حرص على تأخير الإعلان عن الموافقة على الاتفاق خلال المباحثات لتشكيل الحكومة منعاً لإعطاء دفع لتلك المفاوضات وللمبادرة الفرنسية

وقد أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مراراً أنّ الحزب يوافق على ما توافق عليه الحكومة اللبنانية بشأن ملف الحدود البرية والبحرية والخلاف مع العدو الإسرائيلي. وكان الحزب يواكب المفاوضات التي يقوم بها الرئيس نبيه بري مع الأميركيين في هذا المجال.

لكن لماذا تمّت الموافقة على “اتفاق الإطار” للمفاوضات مع العدو الإسرائيلي اليوم؟ وهل لذلك علاقة بالضغوط الأميركية على لبنان وبالأوضاع الصعبة التي يواجهها لبنان مع تجميد المبادرة الفرنسية بانتظار انتهاء الانتخابات الأميركية الرئاسية؟

الرئيس نبيه بري كان قد أعلن سابقاً أنّ هذا الإتفاق قد أُنجز قبل أكثر من شهرين وقبل إصدار العقوبات الأميركية على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس. وقال إنّ الاتفاق كان ينتظر موافقة الأميركيين والإسرائيليين على الإعلان. لكن يبدو أنّ الموقف الأميركي حرص على تأخير الإعلان عن الموافقة على الاتفاق خلال المباحثات لتشكيل الحكومة منعاً لإعطاء دفع لتلك المفاوضات وللمبادرة الفرنسية، وتأجيل ذلك كي يكون الإعلان وبدء المفاوضات قريباً من موعد الانتخابات الأميركية وبالتزامن مع مبادرات التطبيع مع الكيان الصهيوني من قبل بعض الدول العربية. وكلّ ذلك بهدف استثماره ضمن الحملة الانتخابية للرئيس الأميركي دونالد ترامب.

لا يمكن فصل التوصّل إلى هذا الاتفاق عن استمرار العقوبات الأميركية على المسؤولين اللبنانيين والضغوط الاقتصادية والمالية الصعبة وتعثّر المبادرة الفرنسية، وفي ظلّ احتدام الصراع في المنطقة بين محور المقاومة والأميركيين

لكنّ الأوساط المطلعة على أجواء حزب الله تؤكد أنّ هذا الاتفاق ليس له علاقة مطلقة مع عمليات التطبيع مع العدو الصهيوني، وهو يحدّد إطاراً للمفاوضات لترسيم الحدود البرية والبرية. ومن غير الواضح إذا كان سيحقّق نتائج عملية سريعة. وهو ليس له علاقة بدور المقاومة في الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية، وهذا حقّ مستمر طالما استمرّ العدوّ في اعتداءته او في استهداف مجاهدي المقاومة.

لكن في مقابل هذه الثوابت والتوضيحات، لا يمكن فصل التوصّل إلى هذا الاتفاق عن استمرار العقوبات الأميركية على المسؤولين اللبنانيين والضغوط الاقتصادية والمالية الصعبة وتعثّر المبادرة الفرنسية، وفي ظلّ احتدام الصراع في المنطقة بين محور المقاومة والأميركيين. ما يعني أنّه قد يكون رسالة تهدئة وإيجابية من الأطراف اللبنانية، خصوصاً الرئيس ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل وحركة أمل وحزب الله، إلى الأميركيين، بهدف التخفيف من الضغوط بانتظار معرفة نتائج الانتخابات الأميركية ومصير لبنان والمنطقة في المرحلة المقبلة.

نحن إذن أمام مؤشر إيجابي داخلي وخارجي. وبغضّ النظر عن نتائج المفاوضات وما ستحقّقه على صعيد ترسيم الحدود البحرية والبرية، والبدء بالخطوات العملية لاستخراج النفط والغاز من البلوك 9، فإنّ ما جرى قد يفتح الباب أمام مخارج جديدة للأزمة اللبنانية وللحصول على دعم أميركي ومن صندوق النقد الدولي. وهذا قد يؤخّر الوصول إلى جهنم التي تحدّث عنها الرئيس العماد ميشال عون قبل أسبوعين.

مواضيع ذات صلة

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…

الليلة الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”..

تحملُ ليلة هروب رئيس النّظام السّوريّ المخلوع بشّار حافظ الأسد قصصاً وروايات مُتعدّدة عن تفاصيل السّاعات الأخيرة لـ”ديكتاتور الشّام”، قبل أن يتركَ العاصمة السّوريّة دمشق…