“التيار” أمام مصرف لبنان… وديع عقل “ستايل”

مدة القراءة 4 د


منذ إسناده منصباً استشارياً إلى جانب وزير مكافحة الفساد نقولا تويني، يدأب القيادي في “التيار الوطني الحر” وديع عقل في إتحاف متابعيه، مؤيدين ومعارضين، وهؤلاء أيضاً هم من بيئته العونية، في “استعراض” حملاته في ملاحقة مكامن الفساد. يفقه المحامي في كل ملف تبعث منه رائحة فساد، من الميدل إيست، إلى الأملاك البحرية، النافعة، القضاء…

المستمع إلى المحامي ذي الجذور “الكتلوية”، يظنّ لبرهة من الزمن أنّ الشاعر سعيد عقل تقمّص لسان وديع عقل وصوته، وحتى حركات يديه. للتوضيح، فإنّ المحامي العوني هو ابن جبيل، ولا قربى بين المذكورين.

المفارقة، أنّ “المستشار” لم يسجّل له أي انجاز أو انتصار على أوكار الفساد حين كان في موقعه إلى جانب وزير مكافحة الفساد، ولو أنّه يعتبر أنّ الحملة التي قادها في ملف النافعة هي التي دفعت السلطة القضائية إلى التحرك. وحين طلب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل من مسؤول ملفات الفساد، أي عقل، تقديم إخبار قضائي أمام النيابة العامة يوم الاثنين ضد الميدل إيست… “ارتجفت” الأخيرة وقررت الاستسلام لـ”الليرة”.

وعليه، بعد تسجيل هذا الانتصار المدوي قرّر “التيار الوطني الحر” إسقاط هذه التجربة على مصرف لبنان. فكانت الدعوة للتظاهر أمامه يوم الخميس المقبل للمطالبة باستعادة الأموال المهربة الى الخارج ووجوب معرفة كامل الحقائق في هذا الملف.

عملياً، تحاول قيادة “التيار” اللعب على وتر الوجدان العوني لتحريك الأرضية البرتقالية من جديد، حيث تتوالى الدعوات عبر مجموعات الواتساب الحزبية للتلاقي يوم الخميس في شارع الحمرا، على أمل أن يكون الحضور أمام مصرف لبنان معبّراً وكثيفاً، في محاولة لترميم صورة حضور التيار الشعبي وتعويض التمزقات التي طالته خلال الأشهر الأخيرة.

في المبدأ، المهمة ليست مستحيلة. “التيار” هو ابن الشارع وهو الذي نشأ على أرصفة التحركات الاعتراضية ضدّ الوصاية السورية وفرز قيادات مناضلة لم تعرف في مسيرتها سوى النزول إلى الشارع للاعتراض. كما أنّه، ولأكثر من مرّةٍ، ولأكثرِ من سببٍ ودافعٍ، هدَّد ميشال عون يوم كان رئيسًا لتكتّل “التغيير والاصلاح”، بالنزولِ الى الشارعِ… وفعَلَها.

 كيف يمكن للقيادة العونية أن تقنع جمهورها القريب، والأهم منه ذلك البعيد أنّها غير مصابة بالانفصام بالشخصية؟

في 13 تشرين الأول الماضي وقف جبران باسيل مهدّداً بقلب الطاولة بوجه الحلفاء قبل الخصوم. لكن بركان 17 تشرين الأول سبقه وقلب الطاولة بطبقها الأساس: التسوية الرئاسية. ومرت عشرة أيام على الانتفاضة الشعبية قبل أن تتجرأ قيادة “التيار” على الضغط على قواعدها للنزول إلى الشارع. وحين فعلتها بدا المشهد هزيلاً، خجولاً، وكأنّه تنظيم هرم صار في خريف عمره. لا تجاوب من جانب القاعدة لا بل ثمة اعتراف ضمني من جانب القيادات الحزبية بأنّ “الأرض فلتت من بين أيدينا”، فيما الضياع يصيب هذه القيادات ويمزقها التخبط بين جنوحها لتأييد الجانب المطلبي من التظاهرات وبين انتمائها الحزبي ولو أنّها مقتنعة أنّ القيادة مُدانة في أدائها.

اليوم، وبعد هدوء عاصفة الحراك الشعبي، يحاول “التيار الوطني الحر” التقاط أنفاسه بالعودة إلى أسالبيه- الأُمّ: النزول إلى الشارع. تعتقد القيادة أنّها بذلك تصيب عصفورين بحجر واحد: الضغط على رياض سلامة من جهة، وشدّ عصب جمهورها من جهة ثانية.

ولكن في العمق، المسألة معقدة وصعبة جداً: كيف يمكن للقيادة العونية أن تقنع جمهورها القريب، والأهم منه ذلك البعيد أنّها غير مصابة بالانفصام بالشخصية؟ كيف يمكن لها أن تبرر أنها فعلاً من “جينات” معارضة وأنّ معارضتها غير مقنّعة وأنّها غير مسؤولة عن الوزراء العشرة الذين تفاهم على تسميتهم رئيس الحكومة حسان دياب وجبران باسيل؟

أكثر من ذلك، لا يمكن لـ”التيار الوطني الحر” التعامل مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على أنّه من تركة الماضي الثقيل طالما أنّه تمّ التجديد للرجل في العام 2016 بتفاهم واضح مع رئيس الجمهورية، فيما كان باسيل الركن الثالث غير المرئي للاتفاق، بشكل أمّن الضوء الأخضر لحاكم مصرف لبنان للاستمرار في سياسته النقدية التي عمرها عقود والتي أوصلت البلاد إلى قعر الهاوية.

ولذا، فإنّ محاولة غسل اليدين من “دماء” رياض سلامة، لن تجد لها “سمّيعة”، فيما يبدو ثوب المعارضة على “التيار الوطني الحر” فضفاضاً، كما على غيره من الأحزاب الذي شكّلوا مكوّنات التركيبة الحاكمة، سواء بالشراكة أو بتغطية تلك الحكومات المتعاقبة.

مواضيع ذات صلة

أميركا مطمئنّة.. ونتنياهو “يسرق الوقت”

عاد الموفد الأميركي آموس هوكستين من زيارته إلى المنطقة، ووصل إلى العاصمة الاميركية أمس. وقبل أن يصل إلى واشنطن كان قد طمأن عين التينة إلى…

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…