الأميركيون ودعم اليونيفيل.. حان وقت الحساب

مدة القراءة 7 د


شكّل ما صدر عن وزارة الخارجية الأميركية، عن توجّهها لإعادة النظر بدعم القوات الدوليّة العاملة في جنوب لبنان، “اليونيفيل”، الحدث الأبرز الذي جبّ ما قبله من مواقف وأحداث على الساحة اللبنانية، نظراً لتداعياته المحتملة على الوضعين السياسي والأمني.

إقرأ أيضاً: “اليونيفيل” على شفير المجهول الأميركي؟

النائب السابق الدكتور فارس سعيد رأى في تصريح لـ”أساس” أنّ هذا الكلام الأميركي، إضافة إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي إيف لودريان إلى بيروت، مؤشّرات تؤكد أنّنا ذاهبون في شهر آب إلى “روزنامة سياسية بالغة الخطورة ومشبعة بالتواريخ المفصلية: في 7 آب سيصدر حكم المحكمة الدولية بقضية الرئيس رفيق الحريري، كما أنّ آب سيشهد نقاشاً حاداً في مجلس الأمن حول جدوى استمرار دعم قوات اليونيفيل لتنفيذ القرار 1701. وهنا يدور تساؤلان: ماذا إذا انسحب الأميركيون من عملية تمويل اليونيفيل، فرفعوا الغطاء السياسي عن عملها؟ ما هو مصير الوضع في الجنوب؟ هل هو البقاء على معادلة توازن الرعب؟ أم ذهاب إيران وحلفائها إلى مغامرة عسكرية بهدف الخروج من الشرنقة التي هم فيها الآن؟ أم أنّ الإسرائيلي سيقدم على عملية عسكرية وهو الحاضر دائماً للقيام بأعمال كهذه”.

وأضاف الدكتور سعيد: “ما يجدر الإشارة إليه أنّ تنفيذ 1701 يعود للجيش اللبناني، واليونيفيل قوات مساندة وليست قوات تدخّل. وهنا يدور الكلام عن توجه أميركي للمطالبة بجعل اليونيفيل قوات تدخّل، ما يطرح التساؤل إن كانت تستطيع هذه القوات أن تعمل في الجنوب على أساس أنها قوات تدخّل لا مساندة”.

فرنسا اليوم قلقة على مستقبل لبنان، ومن توجّهات لبنان الحالية، لأنها تشعر أنّ التوجّه الذي يسير به يشكّل خطراً عليها

الدكتور سعيد رأى أنه على خلفية كلّ ذلك فإن “المحطة الأهم هي زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى بيروت، والأبرز زيارته القوات الدولية في الجنوب وما سيطلقه من مواقف هناك، حول القرار 1701 والقيود الجديدة التي يسعى الأميركي لفرضها على القرار”.

ولفت سعيد إلى أنّ “زيارة لودريان سبقها تصريحه في مجلس الشيوخ الفرنسي حيث دعا  اللبنانيين إلى أن: ساعدوا أنفسكم كي نساعدكم. وبالتالي سجّل لودريان كلاماً غير دبلوماسي لأنه قال أمام مجلس الشيوخ إنّ فرنسا خسرت رهان التكامل بين الإصلاحات وبين مؤتمر سيدر”.

الدكتور سعيد نفى أيّ مبادرة انقاذية يحملها الوزير لودريان وقال: “نحن وسط حصار عربي ودولي. لا أحد يريد أن يساعدنا من الخارج إذا كنّا لن نساعد أنفسنا. ويبدو أنّنا لا نريد أن نساعد أنفسنا”.

وختم الدكتور سعيد: “البطريرك الراعي طرح برنامجاً للحوار الوطني يتضمّن الحياد ورفع الحصار عن الشرعية وتنفيذ القرارات الدولية. ونحن الآن نمرّ بمأزق وفي مرحلة وطنية تستحقّ منّا أن نطرح الأمور كما هي، أي بالشكل الذي طرحه البطريرك والذهاب إلى حوار وطني جامع حول هذه النقاط”.

من جهته الخبير العسكري العميد المتقاعد نزار عبد القادر أضاء على “تقارير صدرت عن جهات أميركية رسمية ودراسات صلبة من مراكز القرار الأميركي، أشارت إلى وجود نقاش جدّي داخل الكونغرس يشارك فيه الحزبان، حول مشروع فرض عقوبات على لبنان وعلى قيادات لبنانية بسبب عدم الالتزام بتفيذ القرار 1701 وعرقلة عمل قوات اليونيفيل”.

وأضاف العميد عبد القادر: “نحن نعيش في مرحلة صعبة، حزب الله يسيطر على الأكثرية النيابية والإيرانيون يقولون بذلك علناً، وهناك حكومة حسان دياب التي اتُهمت من الداخل والخارج بأنّها حكومة حزب الله. وبالتالي هناك إمكانية كبرى جداً لأن تقرّر إدارة الرئيس دونالد ترامب أن توقف تمويلها قوات اليونيفيل. وهذا لا يعني بالضرورة انسحاب هذه القوات من لبنان، بل على الأقلّ تقليص عديدها ونواتها بنسبة 60%”.

وختم العميد عبد القادر: “نحن في ورطة. هذه الحكومة عاجزة عن فتح أيّ حوار مع أيّ جهة دولية حتى مع أصدقاء لبنان في الغرب. وعاجزة عن فتح أيّ حوار مع أيّ دولة عربية لها سفير في لبنان. لقد انتقلنا إلى مرحلة جديدة على صعيد قوات اليونيفيل، ليس تغيير قواعد الاشتباك، بل توسيع كامل لها لتشمل الحدود الشرقية والقرى والزواريب للتفتيش عن مخابىء حزب الله”.

المحاضر في الجامعات الفرنسية ورئيس “المرصد اللبناني للعلاقات الدولية الاستراتيجية”، الدكتور وليد عربيد، يرى أنّ “هذه الزيارة تأتي لتؤكّد مرة جديدة أنّ فرنسا تسعى دائماً إلى مساعدة لبنان، إن كان من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية. لذلك، سيحمل الوزير معه سلّة توجيهات من الرئيس الفرنسي ماكرون تتضمّن رسالة إلى اللبنانيين بأنّ لبنان لا يستطيع أن يكمل مسيرته السياسية والاقتصادية، إلاّ إذا باشر بتفعيل الإصلاحات ومكافحة الفساد في البلد”.

“العالم كله على كفّ عفريت. الوضع الاقتصادي السيء ليس فقط في لبنان، بل تعاني فرنسا بدورها من أزمات اقتصادية بعد التغيير الحكومي”، بهذه الكلمات يؤكّد عربيد أن “لا مساعدات مالية للبنان”، ويقول: “كان من الممكن في وقت سابق أن تتجه فرنسا لعقد مؤتمر سيدر الذي هو إجماع اوروبي على مساعدة لبنان بـ11 مليار دولار. ولكن اليوم من الأولويات التي يطالب بها لودريان هي القيام بإصلاحات سياسية”.

ويتابع: “لودريان آتٍ لإقناع اللبنانيين بأن يبقى لبنان في المحور الغربي، وبأنّ الغرب سيقدّم مساعدات، وبأنّ الولايات المتحدة الأميركية ستتراجع عن تطويق لبنان”، مشيراً إلى أنّ الزيارة المتوقّعة قريباً للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي إلى الفاتيكان حاملاً معه “مشروع تحييد لبنان”، هي لأخذ الضوء الأخضر وضغط الكنيسة الكاثوليكية على الدول الغربية لمساندة لبنان”.

وعن المطلوب من السلطة اللبنانية تجاه هذه الزيارة، يعتبر عربيد أنّ “فرنسا كانت ولا تزال تعمل بإرادة قوية لمساندة لبنان وإخراجه من أزماته. لكنّ المطلوب من أجل الردّ إيجابياً على هذه الزيارة أن تقوم الحكومة اللبنانية بالإصلاحات المطلوبة منها، إن كان في التوجّه إلى قبول مقترحات صندوق النقد الدولي، أو قبول مقترحات الاتحاد الاوروبي. لذلك، اليوم الكرة هي في ملعب الحكومة من أجل الحصول على المساعدات”.

من جهته العميد السابق في كلية الاعلام في الجامعة اللبنانية الدكتور جوزيف صدقة، ينظر إلى زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية إلى بيروت بشكل آخر، فيقول لـ”أساس” إنّ “هذه الزيارة تخدم فرنسا كما تخدم تماماً الدولة اللبنانية”. ويضيف: “فرنسا ما تزال تعتبر لبنان بوابتها نحو الشرق الاوسط، وما تزال تراهن عليه. لذلك، قدّمت المساعدات له وتحديداً في أزمة المدارس الفرانكوفونية”. مضيفاً أنّ “فرنسا اليوم قلقة على مستقبل لبنان، ومن توجّهات لبنان الحالية، لأنها تشعر أنّ التوجه الذي يسير به يشكّل خطراً عليها، وهي تخشى من أن تفقد موطئ قدم لها في العالم العربي. ولأجل ذلك، هي تسعى إلى أن تعيد لبنان إلى موقعه القديم”.

لودريان آتٍ لإقناع اللبنانيين بأن يبقى لبنان في المحور الغربي، وبأنّ الغرب سيقدّم مساعدات

ويضيف صدقة: “فرنسا تسعى لأن تبقى صديقة مع كافة الأطراف في لبنان، لأنها لا تستطيع أن تلعب دوراً مهمّاً إذا لم تكن صديقة لجميع الأطراف. لذلك، هي لن تجرؤ على اتخاذ مواقف سياسية صارمة ضدّ أيّ طرف من الأطراف. لكن في الوقت نفسه، سيشدّد لودريان على ضرورة عودة لبنان إلى مساره التاريخي والحيادي، وتعزيز دور الدولة والمؤسسات. وتلتقي مطالب فرنسا مع خطاب البطريرك  الراعي الذي طالب بفكّ الحصار عن الشرعية”.

وختم مؤكداً أنّ “غالبية الشعب اللبناني اليوم ليست مع التوجّه والخطّ السياسي الذي تسير به السلطة اللبنانية. فهل الشعب يريد معاداة العالم العربي؟ وهل الشعب موافق على الدخول بالخطّ الإيراني؟ والنقطة الرئيسية هي: إلى أيّ حدّ السلطة قادرة على الابتعاد وامتلاك حرية القرار؟ ولذا، سيحصل شدّ حبال بين المحاور التي تتصارع على لبنان (المحور الأوروبي والمحور الشرقي، والمحور الأميركي)”. وعن زيارة اللواء عباس ابراهيم إلى الكويت اعتبر أنّ “السعي إلى التقرّب من الكويت تبسيط سياسي. فهل من المعقول أنّ دولة الكويت تساند لبنان وتقف ضدّ قرار السعودية والولايات المتحدة وأوروبا؟!”، مشدّدًا على أنّ “السلطة اليوم بحاجة لتصحيح مسارها السياسي. والتحدّي الموجود هو “كباش” حول لبنان، فمن الذي سيفوز بعد رهانه على المصلحة التي يريدها. فمصلحة ايران أخذ لبنان، ومصلحة أوروبا إعادة لبنان الى المسار التقليدي، ومصلحة الولايات المتحدة هي تحجيم حزب الله وتغيير دوره في المنطقة”.

 

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…