آخر نكتة: الإصلاح والتغيير صار عهداً قوياً!

مدة القراءة 3 د


في جلسة انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية اللبنانية، صوّت أحد النواب لميريام كلينك، وحينما تُلِيَ اسمُها بصوتٍ عالٍ في المجلس، مباشرة على الهواء، ضحك الجميع. وسأل رئيس مجلس النواب نبيه بري: “مين ميريام كلينك؟”، فأجابه أحد النواب إلى جانبه ووصل صوته إلى المشاهدين في بيوتهم: “هيدي اللي بتغني وبترقص وبتتعرّى”.

تسمية كلينك في تلك الجلسة كان بالتأكيد بمثابة مزحة سمجة.

تقول النكتة الأولى إنّ كثيرين رأوا في انتخاب الرئيس ميشال عون فرصة لاستعادة “عهد الرئيس فؤاد شهاب”، أي عهد المؤسسات الفاعلة والقضاء النزيه ومكافحة الفساد. والنكتة تقول إنّ كثيرين أيضاً أملوا أن يتّصف عهد عون بالبحبوحة والرخاء. وإذا فشلت هاتان النكتتان في إضحاككم، ستتكفل الثالثة بأن تطرحكم أرضاً من الضحك: عون حين وصوله إلى رئاسة الجمهورية كان يترأس واحدة من أكبر التكتلات النيابية وكان يحمل حينذاك شعار “التغيير والإصلاح”، ليتحول بعد الانتخابات النيابية في العام 2018 إلى تكتّل “لبنان القوي” برئاسة جبران باسيل. انتهت النكتة.

إقرأ أيضاً: صافرة نهاية العهد: حين يحتفل العونيون بهدف… في مرماهم!

بين “التغيير والإصلاح” و”لبنان القوي”، وصلنا في تشرين الأول من العام 2019 إلى انفجار اجتماعي ثوري عارم ذهب بعيداً في المطالبة بإسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري ومعها إسقاط الرئيس ميشال عون وعهده. كان المزاح هنا قد توقف. وبدأ الجدّ. لم يكن الأمر شبيهاً بالمناكفات المدروسة داخل مجلس النواب. كان سيل الناس الغاضبين جارفاً ووضع العهد ومعه حكومته في مأزق. ثم ما لبثت حكومة جبران باسيل أن انهارت باستقالة سعد الحريري. العهد يترنّح على وقع أصوات الناس المعترضين في الشوارع. يترنّح أيضاً على وقع عدم الرضا الدولي عنه، ويترنّح لعجزه عن تحقيق أي انجاز ولو بسيط على مستوى “الطموح” الشهابي. 

العهد القوي كان يراهن على معجزة النفط: أن يعيد إنجاز استخراجه، إن حصل، شيئاً من ماء وجه الرئيس الذي اقترن عهده بالخراب على مختلف المستويات

القضاء أمعن في التسييس والتمييع واستخدمه العهد لكمّ الأفواه. الإستقرار المالي انهار دفعة واحدة، وبدأت الأحداث تكشف أن العهد يخيب آمال من أرادوا تشبيهه بعهد فؤاد شهاب، وينحدر ليكون أقرب، بل أسوأ من عهد شارل حلو، الذي شهد هو الآخر أزمة اقتصادية كبيرة مع إفلاس بنك إنترا. حينذاك، في العام 1967، كتب غسان تويني افتتاحية في “النهار” بعنوان “المعجزة، هل نصنعها؟” هاجم فيها تدخّل الدولة بالإقتصاد، وراهن أنّ المعجزة لا تكون إلا بإنجاز اللبناني الفرد، أي بمعنى آخر “اللبناني الحربوق”. تويني كان معارضاً للشهابية، وإنجاز “اللبناني الفرد” ظهرت نتائجه بوضوح بعد سنوات في العام 1975 مع اندلاع الحرب الأهلية. 

العهد القوي كان يراهن على معجزة النفط: أن يعيد إنجاز استخراجه، إن حصل، شيئاً من ماء وجه الرئيس الذي اقترن عهده بالخراب على مختلف المستويات، ويطفو على بحر النفط المستخرج جبران باسيل بخفته المعهودة، ليصل بدوره إلى رئاسة الجمهورية. و”على حظّ الحزينة” انهار سعر برميل النفط مع تداعيات أزمة كورونا وزيادة الإنتاج من روسيا والسعودية، وانهارت معه الآمال بتحقيق المعجزة.  

هل صنع اللبنانيون المعجزة بعد أزمة بنك إنترا؟ هل يصنعونها اليوم في عهد ميشال عون بعد الانهيار الاقتصادي الحاد الذي يعانيه البلد المفلس؟

زمن المعجزات انتهى، وأسطورة طائر الفينيق هي النكتة الرابعة في هذه المقالة القصيرة.

مواضيع ذات صلة

قمّة الرّياض: القضيّة الفلسطينيّة تخلع ثوبها الإيرانيّ

 تستخدم السعودية قدراً غير مسبوق من أوراق الثقل الدولي لفرض “إقامة الدولة الفلسطينية” عنواناً لا يمكن تجاوزه من قبل الإدارة الأميركية المقبلة، حتى قبل أن…

نهج سليم عياش المُفترض التّخلّص منه!

من جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005 إلى جريمة ربط مصير لبنان بحرب غزّة في 2023، لم يكن سليم عياش سوى رمز من رموز كثيرة…

لبنان بين ولاية الفقيه وولاية النّبيه

فضّل “الحزب” وحدة ساحات “ولاية الفقيه”، على وحدانية الشراكة اللبنانية الوطنية. ذهب إلى غزة عبر إسناد متهوّر، فأعلن الكيان الإسرائيلي ضدّه حرباً كاملة الأوصاف. إنّه…

الأكراد في الشّرق الأوسط: “المايسترو” بهشلي برعاية إردوغان (1/2)

قال “أبو القومية التركية” المفكّر ضياء غوك ألب في عام 1920 إنّ التركي الذي لا يحبّ الأكراد ليس تركيّاً، وإنّ الكردي الذي لا يحبّ الأتراك…