بولتون: بايدن يعقّد أزمة الشرق الأوسط بتحييد إيران

2024-02-08

بولتون: بايدن يعقّد أزمة الشرق الأوسط بتحييد إيران


انتقد المستشار السابق للأمن القومي الأميركي جون بولتون زجّ الرئيس الأميركي جو بايدن التهديد الإيراني في قضية الفلسطينيين التي لا تزال دون حلّ، معتبراً أنّه يجعل حلّ مشكلة الشرق الأوسط أكثر صعوبة بلا داع. ونصحه “التركيز أوّلاً على إحباط هجمات طهران المتعدّدة، قبل أيّ قضية أخرى”.
حذّر بولتون من عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مستنداً في تحذيره إلى معرفته الوثيقة به باعتباره مستشاره للأمن القومي سابقاً وطُرد من منصبه لنشره كتاب “الغرفة التي حدثت فيها: مذكّرات البيت الأبيض” الذي يكشف فيه أسرار إدارة ترامب وخططها ويصف ترامب بأنه “رئيس جاهل بأبسط الحقائق الجغرافية، ولا تتعدّى قراراته رغبته في التمسّك بمنصبه لفترة ولاية ثانية..”، لكنّه مع تحذيره من عودة ترامب، لا يرى بولتون سفير الولايات المتحدة السابق لدى الأمم المتحدة في عهد الرئيس جورج بوش الابن أنّ عودة الرئيس جو بايدن ستكون أفضل، “فهو لديه الكثير من الأهداف الاستراتيجية الخاطئة والمربكة والمتناقضة التي تتصادم وتعيق بعضها بعضاً”.
بولتون في مقالة له بصحيفة “واشنطن بوست”: قبل أن تشنّ واشنطن ضرباتها ضدّ الأصول الإيرانية والميليشيات المدعومة من إيران في سوريا والعراق واليمن، سلّط الإعلام الضوء على مخاوف إدارة بايدن من احتمال تداعيات إقليمية أوسع نطاقاً. وخوفاً من تصعيد الصراع الحالي وإشعال حرب أكبر من خلال تجاوز “الخطّ الأحمر” الذي أعلنته طهران، سمعنا أنّ الولايات المتحدة لن تهاجم الداخل الإيراني، وأنّ الردّ الانتقامي سيكون مدروساً بعناية حتى لا يؤدّي إلى تعطيل المفاوضات من أجل وقف طويل الأمد لإطلاق النار وإعادة الرهائن الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس، أو تعطيل المحادثات الرامية إلى الاعتراف بـ “فلسطين” مع السلطة الفلسطينية كحكومة ما بعد الحرب في غزة، أو منع اعتراف السعودية بإسرائيل، أو تعقيد رغبة الرئيس بايدن في سحب القوات الأميركية من العراق وسوريا، أو تعقيد جهوده للانضمام إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، وأشياء أخرى كثيرة.

في رأي بولتون أنّ واشنطن لا تحتاج إلى التطلّعات فحسب، بل تحتاج إلى الأولويات والاستراتيجيات الملموسة لتحقيقها

مخاوف بايدن المعقّدة
رأى بولتون أنّ مخاوف بايدن معقّدة للغاية لدرجة استحالة إيجاد التوازن الصحيح. وهي مخاوف مشروعة لكن ليس للأسباب التي قدّمتها مصادر مجهولة في الإدارة. المشكلة تأتي من بايدن نفسه، لديه الكثير من الأهداف الاستراتيجية الخاطئة والمربكة والمتناقضة التي تتصادم وتعيق بعضها بعضاً، التي من المرجّح أن تؤدّي إلى نتائج غير كافية أو غير مرغوب فيها لجميع هذه الأهداف. فكرة إحياء السلطة الفلسطينية من رمادها في الضفة الغربية لحكم غزة تترك الإسرائيليين من مختلف ألوان الطيف السياسي عاجزين عن الكلام. وصف إيشان ثارور من “واشنطن بوست” أخيراً السلطة الفلسطينية بأنّها “ضعيفة وغير شعبية.. ويمزّقها الفساد”، كما وصف زعيمها محمود عباس بأنّه “يخنق المجتمع المدني ويتهرّب من الدعوات إلى إجراء انتخابات جديدة.” إنّ تكليف مثل هذا الكيان بالمسؤولية عن الضفة الغربية، ناهيك عن غزة في مرحلة ما بعد الصراع، فكرة تتحدّى المنطق السليم.

غزّة: حرب إيرانية – إسرائيلية؟
وأضاف: “قبل 7 أكتوبر، كانت الرياض والقدس تتقدّمان نحو الاعتراف المتبادل، بدافع من رؤيتهما المشتركة للتهديد الإيراني، التي تضخّمها الفوائد الاقتصادية والسياسية الملموسة التي يمكن أن تنجم عن هذا الاعتراف. والصراع الحالي لم يغيّر هذه الحقائق. بل إنّ استراتيجية “حلقة النار” التي تتبنّاها إيران ضدّ إسرائيل ركّزت على مواءمة أولويّات الأمن القومي لإسرائيل والمملكة العربية السعودية، لا تقليصها. يمكن للرياض وعواصم الخليج الأخرى المساعدة من خلال التوضيح العلني لماذا تعتبر هذه حرباً إيرانية ضدّ إسرائيل، وليست حرباً عربية أو فلسطينية-إسرائيلية، ولم يتمّ حلّ قضية إقامة الدولة الفلسطينية.
على الرغم من الرغبة في تعميق العلاقات السياسية العسكرية بين واشنطن والرياض، نبّه بولتون إلى أنّ “مجلس الشيوخ لن يصدّق على أيّ معاهدات مهمّة هذا العام أو في المستقبل، بالنظر إلى أغلبية الثلثين التي يتطلّبها الدستور. إذا اقترح مفاوضو بايدن أنّ التصديق السريع على المعاهدة أمر واقعي، فيجب على الإسرائيليين والسعوديين توخّي الحذر. ومن غير المرجّح أن يؤدّي فوز دونالد ترامب في تشرين الثاني إلى تغيير الوضع، لأنّه لا يمكن لأحد أن يقول بصراحة ما الذي سيفعله، بخلاف التطلّع إلى تقديم نفسه في أفضل ضوء ممكن”.

حذّر بولتون من أنّ الاعتراف بدولة فلسطينية قبل التوصّل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل لن يؤدّي إلّا إلى تفاقم الخطأ

إيران هي السبب في الحرب..
حذّر بولتون من أنّ الاعتراف بدولة فلسطينية قبل التوصّل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل لن يؤدّي إلّا إلى تفاقم الخطأ. وأشار إلى قول وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إنّ الاعتراف “لا يمكن أن يأتي في بداية العملية، لكن لا ينبغي أن يتمّ في نهاية العملية”. وفي رأيه أنّ “هذه الاقتراحات تعكس حملة ياسر عرفات اللامتناهية مع وكالات الأمم المتحدة لجعل “فلسطين” دولة بمجرّد قول ذلك. فهي تتعارض مع سنوات من السياسة الأميركية، فضلاً عن اتفاقيات أوسلو، وسوف تدفع إسرائيل إلى تشديد مقاومتها. وهذه ليست الطريقة للتعامل مع حليف تهدّده طهران بشكل خطير”.
أمّا بالنسبة لقضية “الحرب الأوسع”، فإنّ الولايات المتحدة وإسرائيل هما أصلاً في حرب أوسع نطاقاً منذ 7 أكتوبر، بحسب بولتون الذي اعتبر أنّ “القلق الحقيقي ليس من “الحرب الأوسع”، بل من السبب وراء الحرب الحالية، وهو إيران بالتأكيد. وإلى أن تتوقّف إيران عن التدخّل خارج حدودها، وتتوقّف عن تسليح وتجهيز وتدريب وتمويل الجماعات الإرهابية، وتتوقّف عن السعي إلى الحصول على الأسلحة النووية، فلن يكون هناك سلام وأمن دائمان في الشرق الأوسط. إيران لا تخشى ولن تخشى القوة الأميركية حتى تدفع ثمناً باهظاً لما أطلقته حماس قبل أربعة أشهر من حرب باتت تشمل الآن أعمال عنف ينفّذها الحزب والحوثيون والميليشيات الشيعية”.
في رأيه أنّ “واشنطن لا تحتاج إلى التطلّعات فحسب، بل تحتاج إلى الأولويات والاستراتيجيات الملموسة لتحقيقها”. وأكّد أنّ “تحديد الأولويات أمر ضروري هنا، وهو أمر واضح ومباشر، على عكس ما يدّعي البيت الأبيض. ومن خلال زجّ التهديد الإيراني في قضية الفلسطينيين التي لا تزال دون حلّ، قام بايدن بدمج العديد من المشاكل في مشكلة أكبر وحلّها أكثر صعوبة.

إقرأ أيضاً: “CIA” الظلّ: لبنان الضحيّة الاقتصاديّة لحرب غزّة

وبدلاً من ذلك، يجب على الولايات المتحدة وإسرائيل التركيز أوّلاً على إحباط هجمات طهران المتعدّدة، ثمّ التركيز بشكل مكثّف على قضايا أخرى. وأيّاً كانت تعليقاتهم العامّة، يدرك القادة العرب تماماً أنّ تعزيز العلاقات مع إسرائيل يشكّل أهمّية بالغة لأمنهم، وخاصة في مواجهة مستقبل محتمل مع رئيس أميركي عاجز. وكلّ يوم يمرّ دون أن تتّحد الدول ذات التفكير المماثل ضدّ إيران يجعل تحقيق أيّ من أهداف بايدن المتعدّدة أكثر صعوبة”.
لم يكن الشرق الأوسط مشكلة سهلة الحلّ على الإطلاق. لكنّ بايدن يجعل الأمر أكثر صعوبة بلا داع، بالنسبة لبولتون..

 

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

تقرير استخباريّ أميركيّ: الضفة الغربية نحو انتفاضة ثالثة؟

حذّر تقرير استخباريّ أميركي من أن تؤدّي العمليات العسكرية الإسرائيلية الواسعة النطاق وتوسيع المستوطنات في الضفة الغربية في الأشهر المقبلة إلى اندلاع انتفاضة ثالثة خطيرة…

ماذا تفعل إسرائيل في قلب آسيا الوسطى؟

بينما تتّجه الأنظار إلى الحرب الإسرائيلية ضدّ غزة ولبنان وتتفاقم المخاوف من حرب أوسع نطاقاً تشمل إيران والولايات المتحدة الأميركية، تبرز القوقاز وآسيا الوسطى كساحة…

إسرائيل وأخطاؤها الخمسة.. الطريق نحو الهاوية

“إسرائيل في ورطة خطيرة. مواطنوها منقسمون بشدّة، وهي غارقة في حرب لا يمكن الفوز بها في غزة. جيشها منهك وكذلك اقتصادها ولا تزال الحرب الأوسع…

هل من نهاية للصّراع الإسرائيليّ مع الحزب؟

سيظلّ الحزب يشكّل تهديداً لإسرائيل حتى بعد الحرب المحتملة، بحسب دانييل بايمان أحد كبار الباحثين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والأستاذ في كلّية الخدمة الخارجية…