مفاوض إسرائيليّ يكشف: قناة عبر بيروت لإتمام صفقة الرهائن

مدة القراءة 6 د


كشف المفاوض الإسرائيلي السابق والحالي (غير الرسمي) بشأن الرهائن، غيرشون باسكن، أنّ هناك إلى جانب المفاوضات القطرية بشأن الرهائن لدى حركة حماس، قناة أخرى نشطة أيضاً “من خلال بيروت، بمشاركة أميركية مباشرة. وهي القنوات نفسها التي استُخدمت للمفاوضات بين إسرائيل ولبنان بشأن حدودهما البحرية العام الماضي”. وقال إنّه “أمر واعد للغاية”.
رأى باسكن في مقابلة عبر الفيديو من منزله في القدس أجرتها معه مجلة New Statesman البريطانية أنّه “لا يوجد سوى وسيلة لضمان إطلاق سراح الرهائن أحياء، وهي إطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية، ونقطة البداية لحلّ النزاع هي الاعتراف بأنّ جميع أولئك الذين يعيشون بين النهر والبحر لديهم الحقوق نفسها. فإذا لم نبدأ هناك، فلن نصل إلى أيّ مكان”.
باسكن الذي أمضى ما يقرب من عشرين عاماً في التفاوض مع حماس ولعب دوراً رئيسياً في إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط من قبل حركة “حماس” التي أسرته من عام 2006 إلى عام 2011، أكّد أنّه الآن في تواصل مع كلّ من القيادة الإسرائيلية وحركة “حماس” بصفة غير رسمية للتفاوض بشأن إطلاق سراح 242 رهينة في غزّة، ويدرك من التجربة أنّ مشاركة البلدان الأخرى، قطر التي تستضيف قيادة حماس في الدوحة وتسهّل تحويلات الأموال إلى المجموعة، ومصر التي تسيطر على معبر رفح الحدودي في جنوب قطاع غزّة، ستكون حاسمة بالنسبة لعودتهم الآمنة.

نتانياهو يفتقر للمبادرة
أوضح باسكن أنّه يقوم بإبلاغ المسؤولين الإسرائيليين عن عمله، إلا أنّه لا يطلب الإذن أبداً. وقال: “عندما علمت بعدم وجود أيّ اتصال بين قطر وإسرائيل، أعطيتهم أرقام هواتف. لقد استغرق الأمر بضعة أيام، لأنّه لم يكن واضحاً من جانب الحكومة الإسرائيلية وقطر ما إذا كانا سيقبلان عرض الاتصال المباشر”، مشيراً إلى أنّ هذا الافتقار الواضح للمبادرة من جانب حكومة بنيامين نتانياهو قد يفاجئ البعض، ولا يريح عائلات الرهائن كثيراً، لكن هذه هي ببساطة “الطريقة التي تسير بها الأمور”.

حول ما سيحدث إذا أعادت إسرائيل احتلال غزّة قال باسكن: يجب أن تعلن أنّها لا تنوي البقاء

التفاصيل الكاملة للصفقة
قدّر باسكن أنّ حوالي 7,000 سجين فلسطيني، بمن فيهم نشطاء من حماس شاركوا في 7 أكتوبر، سيكونون جزءاً من الصفقة. وقال: “أيّاً كان من يتعيّن عليه اتّخاذ هذا القرار، فإنّ الحمل هائل”، لكن هذه هي “الطريقة الوحيدة لإعادة الرهائن جميعاً أحياء”. وأشار إلى وجود ما لا يقلّ عن 559 من هؤلاء المعتقلين صدرت بحقّهم أحكام بالسجن مدى الحياة لقتلهم إسرائيليين، وأنّه يمكن إرسال هؤلاء إلى غزّة، أو إلى دول أخرى تدعم حماس إلى حدّ ما، مثل تركيا أو إيران أو قطر. وأضاف: “لقد تحدّثت مع مسؤولين أمنيين إسرائيليين قالوا إنّهم مستعدّون فقط لإرسال السجناء إلى غزّة، وبعد ذلك سيتعاملون معهم واحداً تلو الآخر”، موضحاً أنّ كلّ نشطاء حماس الذين شاركوا في اعتقال شاليط، بما في ذلك حرّاس السجن الأربعة، قد ماتوا الآن. وقال: “أتصوّر أنّ هذه ستكون نهاية أيّ شخص لمس المختطفين الآن، بما في ذلك الذين أرسلوا المسلّحين لقتل الناس في 7 أكتوبر وأسر آخرين”.
أضاف باسكن أنّه عمل على مدى عقود على مشاريع لتعزيز السلام والتعايش اليهودي العربي، وساعد في عام 1992 في إقامة محادثات سرّية في لندن مع محاورين إسرائيليين وفلسطينيين، تمهيداً لعملية أوسلو. وفي حزيران 2006، بعد أيام من اختطاف حماس لشاليط، فتح اتصالات مع الحركة لإطلاق سراحه الذي تمّ بعد خمس سنوات وأربعة أشهر من الأسر، مقابل إطلاق سراح 1,027 سجيناً فلسطينياً على الرغم من أنّ العرض كان “مطروحاً على الطاولة”، كما قال، منذ كانون الأول 2006. كما أمضى 8 سنوات في التفاوض من أجل إعادة جثّتي أورون شاؤول وهدار غولدين، وهما جنديان إسرائيليان قُتلا في غزّة عام 2014 (تدّعي حماس أنّهما ما زالا على قيد الحياة)، وللإفراج عن الإسرائيليَّين أفيرا منغيستو وهشام السيد المعتقلين في القطاع منذ عامَي 2014 و2015. وفي عام 2011، اقترب من إقناع حماس بالموافقة على وقف طويل الأمد لإطلاق النار، لكن في عام 2012، اغتالت إسرائيل أحمد الجعبري، قائد الجناح العسكري لحماس في غزّة، وهو ما أدّى إلى “تدمير أيّ إمكانية للمضيّ قدماً في الاتفاق”. وكانت آخر محاولاته التوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أيلول 2022، وقال: “أقنعت غازي حمد [عضو المكتب السياسي لحماس] بلقائي في مكان محايد. اقترحت ثلاثة بلدان مختلفة، لكنّه تردّد.. وربّما عرف ما كانت تخطّط له حماس في 7 أكتوبر، لأنّه غادر غزّة إلى بيروت قبل بضعة أشهر”.

خلص إلى القول: “على إسرائيل أن تقدّم شيئاً أفضل للشعب الفلسطيني، حتى تتمكّن من إلقاء اللوم على حماس بإرجاع القضية الفلسطينية 75 عاماً إلى الوراء

الخلاص بحلّ الدولتين
اعتبر باسكن أنّ العقبة الأساسية أمام جهوده كانت منذ فترة طويلة أنّ إسرائيل “لم تكن تنوي حقّاً تنفيذ أيّ اتفاق حقيقي”. وقال: أرادت إسرائيل من وراء هذا الحصار إبقاء حماس ضعيفة في غزّة حيث يعيش أكثر من مليونَي شخص حياة دون المستوى المقبول. لقد كنت أدرك أنّ شيئاً ما سينفجر في النهاية. ووفقاً له فإنّ “الفارق الكبير بين مفاوضات شاليط في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين ومحنة الرهائن في غزّة الآن هو الوقت”. وقال: “الآن، ليس أمامنا خمس سنوات وأربعة أشهر. أمامنا أيام قبل أن يدخل الجيش الإسرائيلي غزّة ويقتحم الأنفاق بحثاً عن الرهائن والإرهابيين وقادتهم. وبمجرد أن يبدأ ذلك، ستنتهي الفرصة السانحة للتفاوض”.
حول ما سيحدث إذا أعادت إسرائيل احتلال غزّة قال باسكن: “يجب أن تعلن أنّها لا تنوي البقاء. يجب على الحكومة ألّا تستسلم لضغوط السكان السابقين في غوش قطيف (المستوطنات اليهودية في غزة) للعودة إلى القطاع، فهذا الأمر سيكون “كارثة لإسرائيل”. وإذا تمّ إخراج حماس من غزة، فيجب على قوة عربية دولية تحقيق الاستقرار فيها، كما فعلت في لبنان بعد الحرب الأهلية، حتى يتمّ إجراء انتخابات السلطة الفلسطينية. وفي الوقت نفسه، هناك حاجة إلى عملية سياسية حقيقية تعطي الأولوية لحلّ الدولتين، مع دعم دولي هائل وضغط من كلا الجانبين. ويجب أن تكون نقطة البداية الاعتراف بأنّ جميع الذين يعيشون بين النهر والبحر لديهم الحقوق نفسها. فإذا لم نبدأ هناك، فلن نصل إلى أيّ مكان”.

إقرأ أيضاً: واشنطن بوست: هدنة خلال أيّام لتبادل الأسرى

وخلص إلى القول: “على إسرائيل أن تقدّم شيئاً أفضل للشعب الفلسطيني، حتى تتمكّن من إلقاء اللوم على حماس بإرجاع القضية الفلسطينية 75 عاماً إلى الوراء. علينا أن نخرج من الوهم القائل بأنّ بإمكانك احتلال أمّة أخرى والاحتفاظ بها وحراستها لمدّة 56 عاماً، ثمّ تتوقّع حصولك على السلام. لا يمكنك احتجاز مليونَي شخص في منطقة صغيرة كهذه، في طريق مسدود، وتتوقّع الهدوء”.

 

لقراءة النص الأصلي: إضغط هنا

مواضيع ذات صلة

قائد سابق للناتو: حان وقت ضرب الحوثيين

يرى قائد أعلى سابق لقوات حلف شمال الأطلسي، جيمس ستافريدس، في مقال له في موقع “بلومبرغ”، أنّه حان الوقت للغرب، لضرب ما أسماه “العدو الإيراني…

فريدريك هوف: خطوات ترسم مستقبل سوريا

حّدد الدبلوماسي والمبعوث الأميركي السابق إلى سوريا السفير فريدريك هوف عدّة خطوات تستطيع تركيا، بمساعدة واشنطن، إقناع رئيس هيئة تحرير الشام، أبي محمد الجولاني، باتّخاذها…

الرواية الإسرائيلية لتوقيت تفجير “البيجرز”

هل كان يمكن لتفجير “البيجرز” لو حدث عام 2023 انهاء الحرب في وقت أبكر؟ سؤال طرحته صحيفة “جيروزاليم بوست” التي كشفت أنّه كان يمكن لتفجير البيجرو…

فريدمان لفريق ترامب: ما حدث في سوريا لن يبقى في سوريا

تشكّل سوريا، في رأي الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان، نموذجاً مصغّراً لمنطقة الشرق الأوسط بأكمله، وحجر الزاوية فيها. وبالتالي ستكون لانهيارها تأثيرات في كلّ…