الأربعاء: معركة “سكور” تحضيراً للخيار الثالث

مدة القراءة 6 د

ساعات مقبلة مفصلية تفصلنا عمّا سيشهده لبنان بعد جلسة الغد الأربعاء. القوى السياسية تسابق الساعات لجمع أصوات ليس لانتخاب رئيس للجمهورية بل لخوض معركة “سكور”. في الوقت عينه يخوض فريق الثنائي وفرنجية تقويماً جدّياً لمسار معركته التي وضعته في الزاوية في جلسة الرابع عشر، بينما تسعى مبادرة بكركي إلى جلب كلّ القوى المتصارعة إلى الطاولة برعاية دولية إقليمية. سيناريو يوم الأربعاء ليس مفتوحاً على الكثير من الاحتمالات، بل هو واضح في أنّ نتيجة التصويت ستحدّد عنوان المرحلة المقبلة بالمواجهة أو بالحلّ على قاعدة ما قاله رئيس تيار المردة سليمان فرنجية نفسه في كلمته في ذكرى اغتيال عائلته حين دعا إلى حوار وطني غير مشروط وانفتاح على الخيار الثالث.

إعادة تقويم وتخبّط
كيف يعقل لحزب سبق أن فرض شروطه في أكثر من دولة وفرض نفسه قوة إقليمية واجهت إسرائيل، أن يكون عاجزاً عن فرض شروطه في البلد الذي انطلق منه، في بيته؟ هو سؤال يطرحه اليوم الحزب وسط نقاش بين مسؤوليه عن مسار معركته الرئاسية غير الموفّقة حتى الساعة. في معلومات “أساس” أنّ مجموعة محطّات يعيد الحزب قراءتها إذ يعتبرها محطات أضرّت به بدءاً من إعلان الرئيس برّي ترشيح فرنجية مع الزميل نقولا ناصيف في صحيفة “الأخبار” وصولاً إلى تحديد برّي جلسة في 14 حزيران وإعلانه أنّه سيصوّت لفرنجية مسقطاً خيار الورقة البيضاء. وتحدّثت مصادر مقرّبة من الحزب عن محاولات قام بها الأخير باتجاه الرئيس برّي للدعوة إلى تأجيل الجلسة لتجنّب وضع الفريق في موقع حسّاس وضعيف بوجه الإجماع المسيحي. غير أنّ برّي رفض ذلك انطلاقاً من التزامه بتعهّدات خارجية وداخلية، لا سيّما أنّه سبق أن أعلن أنّه في حال وجود مرشّحين فسيدعو إلى جلسة. ومن يعرف برّي يعرف أنّه حريص على الالتزام بتعهّداته في رئاسة المجلس أمام القوى المحلّية والخارجية على حدّ سواء.

في نقاشات الصالونات السياسية بدأ الحديث عن خيار ثالث جعله كلام فرنجية خياراً ثابتاً. يقول البعض إنّ ما بعد جلسة الأربعاء سيُطرح على نحو حاسم اسم الرئيس المقبل

محاولات تشكيل كتلة الورقة البيضاء
واحد من الأهداف التي يعمل من أجلها فريق الثنائي حالياً في الساعات التي تسبق الجلسة، هي تصعيد الخطاب ودعوة مجموعة من المتردّدين والمستقلّين إلى التصويت بورقة بيضاء لخفض الفارق بين المرشّحَين فرنجية وأزعور. ففي الوقت الذي يعمل فيه فريق أزعور على بلوغ 65 صوتاً في الدورة الأولى لإحراج الرئيس برّي أمام عدسات الكاميرا وعواصم العالم والضغط على الثنائي الذي سينسحب في الدورة الثانية، فإنّ الثنائي يفضّل أن يكون الفارق عشرة أصوات بين المرشّحَين على أن يكون ما يقارب 23 صوتاً من الأوراق المتفرّقة والبيضاء، لأنّ الحزب لا يخرج بذلك منكسراً من الجلسة. ففيما يرى البعض أنّ حصول أزعور على 65 صوتاً سيُجلس الحزب إلى طاولة الحوار مكرهاً ومنكسراً أمام خيار التوافق، يرى البعض الآخر، في قراءةٍ هادئةٍ للمشهد السياسي نظراً إلى حجم الاحتقان في البلد، أنّ كتلة الورقة البيضاء يمكن أن تنقذ البلد من مشكل كبير. وبناءً على أن لا أحد انكسر أمام الفريق الآخر يمكن لكتلة الورقة البيضاء أن تسهّل إخراج الحلّ على قاعدة أن لا غالب ولا مغلوب في تسوية مقبلة عنوانها رئيس توافقي.

واحد من الأهداف التي يعمل من أجلها فريق الثنائي حالياً في الساعات التي تسبق الجلسة، هي تصعيد الخطاب ودعوة مجموعة من المتردّدين والمستقلّين إلى التصويت بورقة بيضاء لخفض الفارق بين المرشّحَين فرنجية وأزعور

العرب عائدون من المعركة لا ذاهبون
بالعودة إلى السؤال عمّا سيعنيه مصير هذه المعركة للحزب، لا بدّ أن يقرأ فيها هذا الأخير العبرة في ضرورة “لبننة” الاستحقاق، بمعنى أن يضع جانباً قوّته وجبروته وأسلحته ويخوض المعركة بصفته إحدى هذه القوى السياسية في البلاد. حتماً يستهزئ البعض في الحزب من هذا الكلام على اعتبار التسريبات التي تشير إلى أنّه جاهز للمواجهة وله القدرة على الصمود ولن يخسر وقادرٌ على فرض فرنجية أو الفراغ. غير أنّ واقع الحال مختلف، ومؤشّرات المرحلة مختلفة، فقد بدأ حوار مباشر بين الأميركيين والإيرانيين، والأهمّ اللقاء الثنائي الذي حصل من دون مشاركة المساعدين بين المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية علي خامنئي وسلطان عُمان هيثم بن طارق أثناء زيارة الأخير طهران الأسبوع الماضي، والذي تحدّثت مصادر متابعة له عن أنّ السلطان هيثم حمل رسالة شخصية مباشرة من بايدن إلى خامنئي. عادت المصادر نفسها وربطت هذا اللقاء بزيارة قام بها خامنئي لأحد مراكز المشروع النووي الإيراني ودعا خلالها السلطات الإيرانية المعنيّة إلى التعاون مع وكالة الطاقة الذرّية الدولية. هذا بالإضافة إلى موجة التفاهمات الحاصلة في دول المنطقة على قاعدة تثبيت هدوء الساحات للأعوام المقبلة. وإذا كان الحزب ينتظر التسوية الملائمة له انسجاماً مع تطوّرات إيران، فلا بدّ من وقف خطاب التخوين لأنّ أثره باقٍ بينما الأزمة الرئاسية ذاهبة إلى الحلّ لا محالة.
في نقاشات الصالونات السياسية بدأ الحديث عن خيار ثالث جعله كلام فرنجية خياراً ثابتاً. يقول البعض إنّ ما بعد جلسة الأربعاء سيُطرح على نحو حاسم اسم الرئيس المقبل. يتحدّث البعض عن أسماء عدّة، من بينها النائب إبراهيم كنعان. هل يكون ذلك عقاباً لرئيس التيار جبران باسيل الذي ذهب بعيداً جدّاً في معركة الحزب، ومكافأة من الحزب لخيار عدد من نواب كتلة لبنان القوي التصويت بورقة بيضاء بدل الالتزام بالتصويت لأزعور؟ أم يكون محاولة جديدة لكسب الوقت بانتظار تسوية إقليمية بمشاركة إيران؟

إقرأ أيضاً: لماذا يَرفض “الثنائيّ الشيعيّ” جهاد أزعور؟

قال رئيس حزب التوحيد وئام وهاب في حديث صحفي حرص على نشره إنه في لقاء بينه وبين الأمين العام للحزب عبّر السيّد عن عدم رفضه ترشيح قائد الجيش للرئاسة رغم تمسكه بسليمان فرنجية. وقال وهاب ان لجوزيف عون حظوظ عالية في حال انسحب فرنجية أمام الاجماع المسيحي وان عون  لم يخطئ مع الحزب وإنه حافظ على تماسك المؤسسة العسكرية. وبالتالي، وانطلاقا من كلام وهاب هذا، يجب أن نفتتح قراءة المرحلة المقبلة.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: josephinedeeb@

مواضيع ذات صلة

بين لاريجاني وليزا: الحرب مكَمْلة!

دخلت المرحلة الثانية من التوغّل البرّي جنوباً، التي أعلنها الجيش الإسرائيلي، شريكة أساسية في حياكة معالم تسوية وقف إطلاق النار التي لم تنضج بعد. “تكثيفٌ”…

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…