بداية لا بدّ من تسجيل ثلاث نقاط لبنانية على هامش زيارة الوفد الأمنيّ القطري للبنان ولقائه مروحة واسعة من الأحزاب والشخصيات اللبنانية.
1- تقديم النائب نبيل بدر نفسه لزملائه على أنّه المعتمَد الوحيد للسياسة القطرية في لبنان وأنّ زميله النائب عماد الحوت هو المساعد له بما كلِّف به من الوفد الأمنيّ القطري.
2- مرافقة أحد مستشاري رئيس حكومة تصريف الأعمال الوفد القطري في زيارته للعديد من الشخصيات.
3- تكليف قائد الجيش لصهره الضابط المتقاعد أندريه رحال (الملقب ب “ديديه”) متابعة الاتصالات التي يجريها الوفد القطري. كما أنّه صار يشارك في لقاءات قائد الجيش مع النواب والسياسيين.
أربعة قطريّين يلتزمون الصمت
ضمّت تشكيلة الوفد القطري الأمنيّ 6 أعضاء هم: رئيس الوفد، وهو شخصية غير معروفة الصفة، والاسم الذي تمّ تداوله الأرجح أنّه اسم غير صحيح لأسباب أمنيّة. والمستشار في السفارة القطرية مشعل الكواري (أبو فهد) الذي يلعب دوراً بارزاً في التواصل السياسي اللبناني مع السفارة. وقد انحصر الحديث من الجانب القطري في كلّ اللقاءات برئيس الوفد والمستشار الكواري. فيما باقي أعضاء الوفد وهم 4 التزموا الصمت المطبق واكتفوا بالإنصات وكتابة الملاحظات.
من الدوحة 2008 إلى بيروت 2023 هناك الكثير الكثير من التغييرات والتبدّلات قد يكون على رأسها اتفاق بكين الذي جمع المملكة العربية السعودية وإيران
لقاء غير ودّيّ مع فرنجيّة
في اللقاء بين الوفد القطري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية سادت أجواء غير ودّية بعدما طرح رئيس الوفد اسم قائد الجيش كمرشّح لرئاسة الجمهورية، ممّا استدعى ردّاً عنيفاً من فرنجية الذي اتّهم جوزف عون بأنّه يخوض حملة إعلامية غير نظيفة ضدّه، مشيراً إلى استحالة أن يكون عون مرشّحاً توافقياً فيما يناصبه العداء.
بالمقابل، لم يكن لقاء الوفد مع النائب فيصل كرامي أكثر إيجابية وإن كان بعيداً عن التوتّر والحدّة، حيث أبلغ كرامي الوفد بأنّه يلتزم الحلّ العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية من دون أيّ تدخّل آخر، مشدّداً على أنّه سيلتزم القرار السعودي في الشأن الرئاسي.
جعجع متفاجئ
التوتّر في لقاء فرنجية والوفد القطري انسحب على لقاء الوفد مع رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع الذي ما إن طُرح عليه اسم قائد الجيش للرئاسة حتى بادر الوفد بالسؤال: ما هو موقف التيار الوطني الحر وحزب الله؟ فكان ردّ رئيس الوفد مستفزّاً لجعجع حين قال: “لا شأن لك بهما نريد موقفك”. وكانت الإجابة القطرية مؤشّراً لرئيس القوات إلى الإسراع في إنهاء اللقاء.
القيادة القطريّة والوفد الأمنيّ
مصادر عربية خاصة بـ”أساس” أشارت إلى أنّ مباحثات الوفد الأمني القطري في بيروت شابتها نقطة ضعف رئيسية وهي:
لا تنسيق من قريب أو بعيد في الموضوع اللبناني بين الدوحة والرياض. فالسفير السعودي في بيروت أجاب على سؤال عن التنسيق بدبلوماسية عالية بالقول أنّ التنسيق قائم مع قطر لكن ربّما الوفد الأمني ليس على اتصال بالقيادة القطرية.
إقرأ أيضاً: المسيحيون على توقيت جبران باسيل
ليالي الأنس في الدوحة
تسعى قطر أو بعض من قيادتها، وتحديداً في الأمن، إلى استعادة ذكريات اتفاق الدوحة عام 2008 الذي خرج بتسوية أدّت إلى انتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً توافقياً للجمهورية، إلا أنّ استعادة ليالي الأنس في الدوحة لا تبدو متوفّرة اليوم، فلا الدوحة ما زالت هي الدوحة لجهة التأثير والدور، ولا الأطراف اللبنانية التي شاركت في الدوحة ما زالت هي نفسها، أو أكثر تحديداً ما زالت تفكّر بنفس المنطق والمسار.
من الدوحة 2008 إلى بيروت 2023 هناك الكثير الكثير من التغييرات والتبدّلات قد يكون على رأسها اتفاق بكين الذي جمع المملكة العربية السعودية وإيران، وهو العنصر المستجدّ إن لم يكن الجوهر المستجدّ لأيّ مبادرة أو أيّ وفد يريد أن يجرّب حظوظه في لبنان.
لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@