بوصعب لـ”أساس”(1): صندوق النقد يعتبر الحكومة غير جدّيّة

مدة القراءة 8 د

لا يعطيك نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب معلومة كاملة. تتقاطع فيه وعنده شبكة علاقات ومصالح معقّدة. فهو نائب الرئيس نبيه برّي برلمانيّاً، و”سرّه” النيابي. وهو القريب من رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل. وهو “مودع كبير” مصلحته من مصلحة المودعين. لكنّه يمثّل “الدولة” بمنصبه الرسميّ. وهو الذي كلّفته “الدولة” التفاوض على ترسيم الحدود البحرية مع الوسيط الأميركي آموس هوكستين، وما أدراك ما “خريطة الطريق” غير المكتوبة التي اتفق معه عليها! وهو المشتبك مع “جمعية المصارف” ويتوجّه لاتّهامها بـ”التضليل” في دعوى قضائية. وهو المكلّف غير الرسمي بالتفاوض مع صندوق النقد الدولي ممثّلاً مجلس النواب.

كلّ هذا يجعله “بئر معلومات”، ماليّة ومصرفية ونيابية وسياسية و”ترسيميّة”. لهذا كان معه هذا الحوار، بعد عودته من واشنطن، حيث التقى مستشار الأمن القومي جايك سوليفان، على وقع تهديد الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله بـ”الحرب” ردّاً على عدم قبض “ثمن الترسيم”. والتقى مع ممثّلي صندوق النقد الدولي ومع نواب أميركيين ومسؤولين آخرين. كذلك التقى صديقه في “اتفاق أبراهام” اللبناني آموس هوكستين.

 

* صندوق النقد الدولي يتّهم الحكومة بأنّها “غير جدّية في أسلوب التعاطي” ولا تريد صفقة معه.

* الانتخابات الرئاسيّة يمكن أن تبصر النور خلال شهر أو ستّة أشهر.

* البرلمان لن يسنّ قوانين خطّة غير واضحة وخالية من خارطة إعادة أموال المودعين.

 

ميقاتي لا يقاتل مصرف لبنان كفاية… وينفّذ ما يريده رياض سلامة

*لم نذهب إلى صندوق النقد لمناقشتهم أو نسف الخطة، بل ذهبنا لنقول إنّ القوانين لن تمرّ بلا آليّة واضحة لاستعادة أموال المودعين.


* ميقاتي لا يقاتل مصرف لبنان كفاية… وينفّذ ما يريده رياض سلامة.

* هناك من لا يريد الصندوق ولا خطة التعافي، وعلى رأسهم مصرف لبنان والحاكم.

* أنا والمصارف على خلاف كبير مثل أيّ مواطن، لكنّني مودع كبير، وودائع الناس همّي الأكبر.

* تهديدات نصرالله أتت بعد التسريبات عن عقوبات تطال سلامة وارتفاع الدولار..

 

وهنا نصّ الحوار: 

 

*لماذا يتّهمونك بأنّك تحاول “تطيير” خطة التعافي التي وضعتها الحكومة، من خلال الزيارة التي قمت بها إلى واشنطن مع النواب نعمة إفرام ومارك ضو وياسين ياسين؟ وما هي نقاط الخلاف على هذه الخطة؟

– كنّا في مجلس النواب نطالب مجلس الوزراء بإطلاعنا على خطة التعافي، لكنّ مشاريع القوانين، ومنها قانون الكابيتال كونترول، كانت تصلنا بالمفرّق. عدد كبير من النواب كانوا يقولون عن حقّ: “دعونا نطّلع على الصورة الكاملة”. وثمّة وجهة نظر تقول إنّه لا بدّ من الاطّلاع على الصورة كاملة قبل التشريع لأنّ الإنقاذ يجعل هذه القوانين الأربعة مترابطة: الكابيتال كونترول، وإعادة هيكلة المصارف، وتعديل قانون السرّيّة المصرفية، والانتظام المالي. ونحن نميّز جيّداً بين الصلاحيّات، لكن يحقّ للنائب أنّ يطّلع على الخطّة لأنّه سيصوّت على قوانينها. وهكذا بعدما وصلت الخطة إلى مجلس النواب، وجدنا نقاط خلاف كثيرة فيها، والمجلس النيابي لا يقبل بتشريع قوانين لخطّة غير واضحة لإعادة أموال المودعين.

*هذا يعني أنّ الخلل الأساسي في الخطة هو أموال المودعين؟

– نعم، أموال المودعين هي الأساس، وخطة الحكومة تقول إنّ كلّ وديعة تحت 100 ألف دولار يحصل عليها صاحبها بالتقسيط على سنوات، فكيف ذلك؟ الجواب غير واضح. “كيف” ليست واضحة. كنّا نخوض نقاشات مع الحكومة ونقول إنّه يمكن التفاهم حول هذه النقاط. فإذا كانوا لا يحتاجون إلى المجلس النيابي ولا إلى النواب، فلماذا يتحدّثون معنا؟

في الخلاصة، نحن في مجلس النواب معنيّون، وإلى أن تبصر خطّتهم النور، عليهم أن يناقشونا. وحتى موقف مصرف لبنان في هذا الخصوص رماديّ. فلا نعرف ما وجهة نظره تجاه تلك الخطة، وهل هناك إمكانية لتطبيقها أم لا. والأمر نفسه ينطبق على المصارف. لهذا تركت الحكومة خطّتها “رمادية” في المحطات الرئيسية، كي تُترجَم مستقبلاً بهذا الشكل أو ذاك، ولهذا نصرّ على الوضوح في “كيفية” استعادة أموال المودعين.

*ما نتحدّث عنه هو الخطّة نفسها التي قُدّمت إلى صندوق النقد الدولي أيضاً؟

– نعم. هناك خطة التعافي وقوانين “الكابيتال كونترول”، و”إعادة هيكلة المصارف”، و”السرية المصرفية” و”الانتظام المالي”. تقول الحكومة إنّها تعمل على هذه المشاريع كلّها، لكنّها تأخّرت لسنوات. وقع الفراغ الرئاسي قبل تحويل مشاريع القوانين إلى مجلس النواب، ثمّ اضطرّت الحكومة إلى إرسالها لأكثر من نائب كي يوقّعوا عليها كاقتراح قانون. وهذا التأخير يعني أنّ العمل لم يكن نهائياً.

صندوق النقد الدولي اجتمع معنا بصفتنا نوّاباً أكثر من مرّة. السبب أنّ هناك دوراً أساسياً للمجلس النيابي، لكن يبدو أنّ هناك امتعاضاً من هذا الدور وهذه الاجتماعات…

*صندوق النقد طلب منكم زيارته أم أنتم ذهبتم إليه في واشنطن؟ وما هو الجديد الذي اكتشفته؟

– صودف وجودنا في واشنطن فارتأينا أن نتواصل مع الصندوق. كان أمراً طبيعياً. أمّا ما فهمناه من مسؤولي الصندوق، فهو أنّهم لم يطّلعوا على القوانين التي تعمل عليها الحكومة. على الرغم من ذلك دافعنا عن الحكومة وقلنا إنّها أرسلت لكم كلّ هذه القوانين.

الجوّ العام في الصندوق يقول إنّه لا يوجد تواصل بينه وبين الحكومة، وإنّ “لبنان غير جدّيّ في أسلوب التعاطي” معه. ولهذا على رئيس مجلس الوزراء أو نائبه التوجّه إلى المسؤولين فيه ليسمعا ما سمعناه قبل الامتعاض من اجتماعنا بهم. كان هدفنا القول بشكل واضح إنّ “القوانين التي ستأتي من الحكومة إلى المجلس لن تمرّ إن لم ترِد فيها آلية استعادة أموال المودعين”. واضح أنّ ثمّة من تحسّس من هذا الكلام أو ربّما لا يريد للّبنانيين أن يعرفوا تلك الحقائق. السرعة في العمل غائبة، وهذا ما قاله الصندوق وليس نحن.

 لم نذهب إلى صندوق النقد لمناقشتهم أو نسف الخطة، بل ذهبنا لنقول إنّ القوانين لن تمرّ بلا آليّة واضحة لاستعادة أموال المودعين

*في تقديركم ما هو سبب التأخير؟

– أستطيع القول إنّ هناك من لا يريد صندوق النقد، ولا خطة التعافي ولا قانون الكابيتال كونترول، وعلى رأسهم مصرف لبنان والحاكم.

*هل تقصد أنّ الرئيس ميقاتي “يعمل” عند حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وينفّذ توصياته؟

– لا أقول ذلك، لكن الرئيس ميقاتي لا يمارس الضغوط الكافية على الحاكم. وهو ليس على استعداد لـ”فتح مشكل معه” كي تمرّ الخطة. فإذا كان مصرف لبنان هو العائق، فليقولوا ذلك صراحة في الإعلام لأنّني أسمع ذلك في الغرف الداخلية فقط. ليقولوا صراحة إنّ مصرف لبنان غير مقتنع بخطّة صندوق النقد.

 

مشكلة الكابيتال كونترول 

*لكن قانون الكابيتال كونترول تأخّر سنوات، وفي مجلس النواب.. أليس كذلك؟

– الكابيتال كونترول مشروع قانون من أصل 4 اقتراحات موازية تشكّل مجتمعة الخطّة. وكانوا يطالبوننا بإقراره من دون البقيّة… دعونا نطّلع على الأقلّ، وبالتوازي، على بقيّة القوانين كي نعرف ما هي رؤية الحكومة لكلّ الاقتراحات ولخطّة التعافي!

على الرغم من ذلك كنت مقتنعاً بضرورة إقرار الكابيتال كونترول، وأقررناه في اللجان المشتركة. لكن قلنا قبل الذهاب به إلى الهيئة العامة: ماذا نفعل ببقيّة القوانين؟ لأنّ جزءاً من مخاوف اللبنانيين تتعلّق بـ”الكابيتال كونترول”، ويتّهموننا بتطيير أموال المودعين.

ما لا يعرفه اللبنانيون أنّ الكابيتال كونترول لا علاقة له ببقاء الودائع أو بشطبها أو شطب جزء منها. قانونا “الانتظام المالي العام” و”إعادة هيكلة المصارف” هما القانونان اللذان يقرّران مصير الودائع. وهذا لا بدّ من توضيحه للرأي العام الذي تمسّك ببعض الشائعات، لأنّ بعض من يدّعي تمثيل المودعين من جمعيّات، هي فعليّاً جمعيات ناشطة لحساب المصارف. مصرفيون كثر كانوا يوصوننا بالتواصل مع الجمعية الفلانيّة أو الممثّل الفلانيّ عن جمعية المودعين الفلانيّة… فكيف يُعقل أن يتوسّط المصرفي لممثّل عن المودعين؟ وهل المودع يتحدّث باسم المصرف؟

*على ماذا يستند الرئيس ميقاتي عندما وعد اللبنانيين بأنّ ودائعهم ستعود “كاملةً” في لقائه التلفزيوني الأخير؟

– أنا أشدّ على يد الرئيس ميقاتي، وعلينا أن نتعاون معه إن استطاع ذلك. ووضع السجالات جانباً. اتّهمني بـ”التفشيخ”… رددت عبر “تويتر”، فاتّصل وطالبني بالتنسيق والحوار من أجل إنقاذ الوضع، لكن حتماً ليس بالمماطلة التي يتّبعونها.

إقرأ أيضاً: بو صعب: كيف صار “العونيُّ” رجل الحوار؟

*بعض النواب يقولون إنّ قانون الكابيتال كونترول “لزوم ما لا يلزم”، وبعضهم الآخر كانوا معه وانقلبوا عليه، وكأنّه ليس من مصلحة المودعين وإنّما يصبّ في مصلحة المصارف… لِمَ هذا التناقض؟

–  طبعاً لمست التناقض، وربّما هذا جزء من المخطط الذي يتبعونه من أجل تطيير القانون. الكابيتال كونترول ضروري لضبط الفوضى، ولوقف شفط الدولارات من السوق. وللسيطرة على حركة خروج  هذه المليارات من لبنان. هناك بين 8 و10 مليارات دخلت إلى لبنان في 2022 ولا نعرف أين هذه الأموال وكيف خرجت.

 

في الجزء الثاني غداً: هل تعرّض لبنان لـ”خديعة” في صفقة الترسيم؟

لمتابعة الكاتب على تويتر:  mdbarakat /  @emadchidiac@

 

مواضيع ذات صلة

شينكر لـ”أساس”: تطبيق 1701… أو تحوُّل لبنان إلى “سوريا 2”

ماذا يقول المساعد السّابق لوزير الخارجيّة الأميركيّ لشؤون الشّرق الأدنى ديفيد شينكر عن سير الأحداث في المنطقة؟ هل باتت الحرب في لبنان قريبة من الانتهاء؟…

سفير مصر لـ”أساس”: الخماسيّة عائدة… التّسوية قريبة

يوم الأحد الماضي كان مفصليّاً. فقد طوى تصعيداً كاد يؤدّي إلى حرب كبرى. وأقفل معه مواجهة اعترف طرفاها الحزب وإسرائيل بانتهائها. وعليه، بدأت في المنطقة…

شينكر لـ”أساس”: لا حرب موسّعة.. حادث مجدل شمس غير مقصود

يستبعد ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق نشوب حرب واسعة بين إسرائيل والحزب على خلفيّة حادثة مجدل شمس لسببين: الأوّل أنّها…

فارس سعَيْد: فرنجية رئيساً قبل دخول ترامب البيت الأبيض؟

وقوع لبنان على لحظة سياسية مشابهة لتلك التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى بعبدا تزداد حظوظه السياسية، وسببه المناظرة الرئاسية الأميركية بين دونالد ترامب وجو…