هل يمكن أن يفوز جو بايدن بولاية رئاسية ثانية؟ وماذا لو فاز؟ كيف ستكون سياسته في الداخل والخارج؟ ما هي آثار ذلك علينا؟
هل يمكن أن يخسر بايدن؟ وأمام مَن سوف تكون الخسارة؟ من يراهن على خسارته؟ كيف سيكون تأثير ذلك علينا؟
علامات استفهام وأسئلة كثيرة من دون أجوبة عن حالة ستكون شديدة التأثير، وهو ما سيوسّع قاعدة الاحتمالات المتعدّدة.
يمكن فهم شخصية بايدن بوصفه من أقدم الساسة الحاليين في واشنطن. فحين دخل المجلس التشريعي عام 1972 كان أصغر نائب في التاريخ المعاصر، إذ لم يكن قد تجاوز الـ 30 عاماً. والآن هو أكبر رئيس في سُدّة الحكم سنّاً (82 عاماً). وفي حال فوزه بولاية ثانية سيبلغ من العمر 87 عاماً عام 2028. حينما سألته المذيعة جودي ديدروف: هل حالتك الصحية تؤهّلك الآن لمواصلة الحكم 4 سنوات أخرى؟ أجاب بهدوء شديد وثقة عجيبة: تابعوني جيّداً وأعدكم أنّني لن أخفي شيئاً عن صحّتي، وإذا ألمّ بي شيء فسوف أعلنه.
عالم بايدن هو عالم معركة الرئاسة المقبلة بامتياز، وهذا يعني أنّ كلّ ما يدعم معركته الانتخابية من قرارات أو كلمات أو تصريحات له الأولوية المطلقة
صحّة مَن الأهمّ: بايدن أو الاقتصاد؟
ليست صحّة الرئيس بايدن وحدها موضع تساؤل، إذ يتعلّق السؤال الأهمّ بصحّة الاقتصاد الأميركي.
دافع بايدن عن الوضع الاقتصادي بشراسة واضحة وحاسمة في ما يعرف بالخطاب السنوي أو خطاب “حالة الاتّحاد” الذي ألقاه أمام مجلسَيْ الشيوخ والنواب وقضاة المحكمة العليا وكبار قيادات الجيش.
استغرق الخطاب ساعة و13 دقيقة صفّق له الحضور خلالها 12 مرّة وقوفاً، وقوطع من الجمهوريين 3 مرّات قيل له في إحداها صراخاً “أنت كاذب” حين اتّهم الجمهوريين بمحاولة إلغاء امتيازات برنامج الرعاية الصحيّة للمواطنين.
كان خطاب بايدن محليّاً بامتياز، داخلياً موجّهاً إلى قاعدته الجماهيرية. ذكر في الخطاب كلمة تضخّم 13 مرّة، وكلمة بطالة 8 مرّات، وكلمة فيتو 3 مرّات، مهدّداً بالاعتراض على أيّ قرار جمهوري مضادّ!
باختصار كان خطاب الرجل خطاب إعلان إعادة ترشيح نفسه لولاية ثانية من دون إعلان ذلك مباشرة، وهو ما حدث بعده بـ 48 ساعة.
ذكر أوكرانيا مرّتين فقط متحدّثاً عنها باقتضاب، والصين وروسيا 3 مرّات.
لم يذكر إيران أو إسرائيل أو فلسطين أو اليمن أو سوريا أو آثار الزلزال الأخير مرّة واحدة!
عالم بايدن هو عالم معركة الرئاسة المقبلة بامتياز، وهذا يعني أنّ كلّ ما يدعم معركته الانتخابية من قرارات أو كلمات أو تصريحات له الأولوية المطلقة.
يمكن فهم شخصية بايدن بوصفه من أقدم الساسة الحاليين في واشنطن. فحين دخل المجلس التشريعي عام 1972 كان أصغر نائب في التاريخ المعاصر، إذ لم يكن قد تجاوز الـ 30 عاماً. والآن هو أكبر رئيس في سُدّة الحكم سنّاً (82 عاماً)
بايدن يغازل
أهمّ ما في خطاب بايدن مغازلته الطبقات الفقيرة والمتوسطة والشريحة العليا من هذه الطبقة عبر تقديم أكبر رشوة اجتماعية، وهو ما يلقى دعماً من وسط ويسار الحزب الديمقراطي وتعارضه بقوّة كلّ تيارات الحزب الجمهوري.
لفت مصدر عربي قريب من مصادر القرار في واشنطن إلى أنّ الحرب الروسية الأوكرانية جزء من مكوّنات حملة بايدن الانتخابية، وحينما سألتُه: كيف هذا؟ قال: “هزيمة بوتين في تحقيق أهدافه في أوكرانيا هي عنصر أساسي لفوز بايدن في سباق الرئاسة، والعكس أيضاً صحيح”.
وعود ترامب
بالمقابل قال دونالد ترامب الذي أعلن ترشيح نفسه إنّ بايدن ورّط العالم في حرب عالمية ثالثة كلّفت الشعب الأميركي مئة مليار دولار حتى الآن، واعداً في حال انتخابه بإنجاز اتفاق سلام في 24 ساعة.
بالطبع لم يتوقّف بايدن عند نقاط الفشل الواضحة في ولايته الأولى، وهي:
1- فشل تحقيق اتفاق مع إيران.
2- فشل لجم البرنامج النووي الكوري الشمالي.
3- فشل الوساطة الأميركية في حرب اليمن عقب الارتباك في موقف الإدارة من تصنيف حركة الحوثيين.
4- فشل واشنطن في كسر الجمود الذي يعيشه مشروع الدولتين في فلسطين.
في ما يتّصل بالداخل، لم يتطرّق بايدن إلى ما حدث من عجز هو الأكبر في تاريخ الموازنات السنوية في البلاد بسبب زيادة الإنفاق الاجتماعي والصحّي.
فاخر الحزب الديمقراطي بتوفير 12 مليون وظيفة جديدة ووصول معدّل البطالة إلى أدنى حدّ منذ 40 عاماً.
بالطبع لم يتعرّض بايدن لسياسات الاحتياطي الفدرالي ورفعه الفائدة على البنوك، الأمر الذي جعل من الدولار الأميركي أداة ضغط على كلّ عملات العالم.
تؤكّد تسريبات من البيت الأبيض أنّه في حال فوز بايدن سينشط في وقف التمدّد الإيراني، وسوف يمنع طهران من الحصول على سلاح نووي، وسيدعم المفاوضات من أجل مشروع الدولتين في فلسطين، وسيضغط لعقد اتفاق سلام في اليمن.
لم تتضمّن هذه الوعود شيئاً عن الأوضاع في سوريا ولبنان والعراق والسودان.
إقرأ أيضاً: إيران “العدوّ العاقل” بنظر الغرب
في السياسة الدولية تشغل مسألتان عقل بايدن:
– الأولى تراجع نموّ الاقتصاد الصيني وإحداث تباطؤ في ميزان بكين التجاري.
– الثانية استنزاف موارد روسيا الماليّة والعمل على تشكيل حالة ضغط داخلي على بوتين بهدف ضرب شعبيّته.
وكما قال لي مسؤول أميركي خدم دبلوماسياً في روسيا أخيراً، الهدف هو إسقاط بوتين عبر تحقيق النصر في أوكرانيا.
ولكن لماذا يكنّ بايدن هذا الحقد الدفين على بوتين؟ الإجابة الأسبوع المقبل بإذن الله.