“بَجّت” بين وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون ولم يعد للصلح مطرحاً!
وَصَلَ “المَشكَل” إلى حدّه “الأصغر”. قائد الجيش الذي يطلب مساعدات من الدول، من ضمنها أموالاً مخصّصة لصيانة الآليات، أصدر قراراً بمنع “تصليح” السيارات العسكرية الموضوعة بتصرّف وزير الدفاع ومساعديه، ومَنِع زواره والعاملين في فريقه وضباّط يخدمون في وزارة الدفاع بينهم رئيس الغرفة العسكرية من ركن سياراتهم في الباحة الرئيسية للوزارة ما يدفعهم إلى ركنها في “باركينغ” الوزارة في الباحة الخارجية والسير مسافة طويلة قبل الوصول إلى مكاتبهم!
“أمن الدولة” بخدمة أمن الوزير!
تفيد المعلومات، أنّ “المؤزارة” بالسيارات العسكرية أتت من جانب مديرية أمن الدولة تجنّباً لاحتمال تعطّل “موكب” وزير الدفاع. لكن كافة الأطراف المَعنية بهذه “الفضيحة” تهرّبت من نفي أو تأكيد الواقعة!
معلومات “أساس”: قراريّ فصل العميد شحادة وتكليفه بمهام مدير الإدارة العامّة حُسِما، من وراء ظهر وزير الدفاع، بين قائد الجيش وحزب الله وتوّج التعيين باللقاء الذي جَمَع العماد عون والرئيس نبيه بري في عين التينة في 13 الجاري
توتر في اليرزة
تغلي “اليرزة” بالشائعات و”اللقلقات” والرؤوس الحامية. كل الفترة الفاصلة بين أزمة تكليف مفتّش عام يحلّ مكان اللواء المتقاعد ميلاد اسحاق وبين أزمة تكليف ضابط يحلّ مكان اللواء مالك شمص الذي سيتقاعد في 3 شباط لم تؤمّن المخرج الآمن لإنهاء معركة الصلاحيات رغم دخول عدّة وسطاء على الخط بينهم الوزير السابق ناجي البستاني.
شحادة من اليونفيل إلى “الإدارة العامة”
“وِلعِت” الأمور بعد إصدار قائد الجيش مذكّرة “تشكيلات وفَصِل” قَضَت بفَصِل منسّق الحكومة لدى قوات “اليونفيل” العميد منير شحادة إلى المديرية العامة للإدارة لمدّة شهر على أن يلتحق بمركز فصله في 20 الجاري (أي يوم الجمعة الفائت) لكن مع الاستمرار في مهامه كمنسّق الحكومة لدى قوات الطوارئ.
ضمن المذكرة نفسها فَصَلَ قائد الجيش الضابط الأعلى رتبة في المديرية العامة للإدارة العميد بسّام شبارو ووَضعه بتصرّف قائد الجيش لمدة شهر على أن “يلتحق” بمقرّ عام الجيش في 2 شباط. مع العلم أنّ قرار الفصل أتى ضمن مذكرة تشكيلات شملت 116 ضابطاً، بينهم سبعة عمداء، وأربعة قرارات فصل فقط والبقية تشكيلات عادية.
أشارت المُذكّرة إلى “تأمين وظائف الضبّاط المنقولين وتحديد وظائف الضبّاط الذين لم تحدّد وظائفهم بموجب هذه المذكرة من قبل الرؤساء المسؤولين على أن تُفاد قيادة الجيش بذلك لاحقاً”. هذا يعني حتمية صدور قرار عن الوزير سليم في شأن تكليف شحادة كون قائد الجيش معني بالفصل وليس إصدار قرار بالتكليف.
كما قام قائد الجيش يوم الخميس بتمديد قرار فَصل العميد ملحم إلى المفتشية العامة مع العلم أنّ الأخير لم يتمكن من ممارسه مهامه بسبب رفض وزير الدفاع توقيع قرار تكليفه تسيير أعمال المفتشية.
من يُتابع شؤون قيادة الجيش ووزارة الدفاع يعرف بأنّ مذكّرة التشكيلات تكفّلت بنسف الجسور مع الوزير سليم كونها تشكّل امتداداً لأزمة تكليف مفتّش عام وللتراكمات السابقة في العلاقة
عون-حزب الله
في هذا السياق تشير معلومات “أساس” إلى أنّ قراريّ فصل العميد شحادة وتكليفه بمهام مدير الإدارة العامّة حُسِما، من وراء ظهر وزير الدفاع، بين قائد الجيش وحزب الله وتوّج التعيين باللقاء الذي جَمَع العماد عون والرئيس نبيه بري في عين التينة في 13 الجاري. ثمّة من تَحدّث عن تمريرة مقصودة من عون لحزب الله في سياق التجاذب الحاد الحاصل اليوم حول الملف الرئاسي.
مع العلم أنّ قائد الجيش اتّخذ في 24 كانون الأول 2021 قراراً غير مسبوق في تاريخ المحكمة العسكرية قضى بما يُشبه “عَزِل” شحادة من منصبه كرئيس للمحكمة وووضعه بالتصرفّ وتعيين رئيس فرع المكافحة السابق علي الحاج مكانه. من يومها يسيطر الجفاء على العلاقة بين “القائد” وشحادة إلى أن تمّ تعيين الأخير في 8 نيسان 2022 منسّقاً للحكومة لدى قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان.
المُلفت أنّ العميد شحادة يُحال إلى التقاعد في تشرين الاول المقبل. وحتى الآن هو خيار الثنائي الشيعي لتعيينه بالأصالة مديراً عاماً للإدارة بحيث يُرفّع إلى رتبة لواء ويَكسب سنة إضافية. لكن إذا لم يتمّ انتخاب رئيس جمهورية لن يكون هناك حكومة ولا تعيينات!.
لا مآخذ على شحادة
يُدرِك كثيرون أهمية موقع المدير العام للإدارة لدى “الثنائي” باعتباره أحد “مكتسبات” الطائفة الشيعية بحكم توزيع المناصب العليا المسلّم بها في الإدارات والمؤسّسات الامنية والعسكرية.
واقع الأمر أنّ قرار قائد الجيش بفَصِل العميد بسام شبارو (سنّي) قَطَعَ الطريق أمام تسلّم ضابط يعرف تفاصيل “المديرية” مهام المدير العام، ولو بالتكليف، كونه الأعلى رتبة. لكن دائماً الكلِمة الفاصلة هي للاعتبارت الطائفية!
المحيط القريب من وزير الدفاع يجزم لـ “أساس” أن تصرّف الوزير سليم نابع من خلفية قانونية محض خصوصاً أنّه ابن المؤسسة ويعرف تفاصيلها. إذ لا مأخذ إطلاقاً لديه على العميد شحادة “القريب منه” والمُستحِق والذي يلتقيه باستمرار ولا يرفض إطلاقاً قرار تكليفه بتسيير الأعمال، لكن هناك مسار خاطئ تخطّى من خلاله قائد الجيش صلاحياته وخالف قانون الدفاع وتطاول على صلاحيات وزير الدفاع و”كأنّه مش عامل حساب لأحد”. وطالما لن يتمّ تصحيح هذا الخطأ لن يوقّع الوزير سليم على قرار تكليف شحادة تماماً كما فَعَل في حالة المفتش العام”.
قيادة الجيش: ليلزم الوزير حدوده
في المقابل، يتمسّك قائد الجيش بقانونية كل خطوة أقدم عليها فـ “هو صاحب السلطة العسكرية على كل قطعات الجيش وعلى تشكيلات الضبّاط والعسكر وفصلهم، بينما مهام وزير الدفاع هي محض إدارية”.
أكثر من ذلك، يشير قريبون من قائد الجيش إلى وجود تراكمات سلبية في العلاقة مع وزير الدفاع يَصعب حلّها وتساؤلات حول أدائه في الوزارة، إضافة إلى إدارة أذنيه لمرجعيته السياسية وتجاوز حدود صلاحياته بتجاهله واقع أنّ قائد الجيش هو الذي “يحرّك” العسكر ويشكّله ويأتمر بأوامره ويختار الأنسب من الضبّاط. لذلك على وزير الدفاع أن يَلزم حدوده”.
مذكّرة “نسف الجسور”!
من يُتابع شؤون قيادة الجيش ووزارة الدفاع يعرف بأنّ مذكّرة التشكيلات تكفّلت بنسف الجسور مع الوزير سليم كونها تشكّل امتداداً لأزمة تكليف مفتّش عام وللتراكمات السابقة في العلاقة.
ففي 24 كانون الأول الماضي أحيل إلى التقاعد المفتش العام العضو في المجلس العسكري اللواء ميلاد اسحق (موقع أرثوذكسي).
عملاً بالتراتبية العسكرية عَمَد وزير الدفاع من ضمن صلاحياته على تكليف الضابط الأعلى رتبة في المفتشية العميد ملحم حداد (كاثوليكي) لتسيير أعمالها.
لكن إثر ذلك أصدر قائد الجيش مذكرة قَضَت بفصل مدير الأفراد في الجيش العميد جرجس ملحم إلى “المفتشية” ليُصبِح الأخير الأعلى رتبة، كما فَصَلَ العميد حداد من “المفتشية” ووضعه بتصرّف قائد الجيش. والنتيجة خروج المفتشية عن الخدمة بسبب عدم تمكن العميد ملحم من ممارسة مهامه.
وفق هيكلية وزارة الدفاع ترتبط المديرية العامة للإدارة والمفتشية العامة بوزير الدفاع مباشرة، وهما تعتبران مؤسّستان مستقلتان عن قيادة الجيش وتحت سلطة الوزير.
تفيد المعلومات، أنّ “المؤزارة” بالسيارات العسكرية أتت من جانب مديرية أمن الدولة تجنّباً لاحتمال تعطّل “موكب” وزير الدفاع. لكن كافة الأطراف المَعنية بهذه “الفضيحة” تهرّبت من نفي أو تأكيد الواقعة!
“لن أوقّع لو خربت الدني”
من هنا بدأت الأزمة حيث يرى قائد الجيش أنّه صاحب صلاحية في الفَصل، فيما يعتبر وزير الدفاع بأنّ “القائد” يتجاوز صلاحياته ولا يحق له فَصل ضابط إلى مؤسسة مرتبطة مباشرة بوزير الدفاع إلا بعد التنسيق معه وفق مقتضيات قانون الدفاع.
ورغم إصرار الوزير سليم على التصرّف بخلفيته العسكرية في سياق عمله كوزير في حماية الجيش وتأمين حقوق عسكره ومحاولة إبعاد السياسة عن اليرزة، لكن “مكتب القائد” تصرّف دوماً مع وزير الدفاع كوديعة محسوبة على ميشال عون وجبران باسيل ويريد أن يأخذ من درب صلاحيات “القائد”!
يُنقل عن وزير الدفاع قوله في مجالسه: “أنا لست وزير وصاية بل وزير سلطة على المؤسّسات التابعة لوزارة الدفاع خلافاً لوضع كل الوزراء الآخرين. ولا أحد يستطيع تجاوزني واستغيابي. وفي حال بقي الوضع الشاذ قائماً لن أوقّع لو خربت الدني”، نافياً “دخوله بمواجهة سياسية مع الثنائي الشيعي”.
شلّ عمل الجيش؟
وفقاً لقانون الدفاع لن يتمكّن العميد شحادة من ممارسة مهامه في المديرية العامة للإدارة بعد إحالة اللواء شمص إلى التقاعد إلا بعد توقيع وزير الدفاع قرار تكليفه بتسيير الأعمال.
هنا تكمن خطورة الأمر. فعدم توقيع وزير الدفاع قرار التكليف أو بدء العميد شحادة مهامه قافزاً فوق قرار الوزير سليم سيشكّل حالة غير مسبوقة في وزارة الدفاع ستؤدي إلى شلّ عَمَل المديرية العامة للإدارة التي تشكّل “الرئة” المالية لمؤسّسات وزارة الدفاع (تتالّف من قيادة الجيش والمفتشية العامة والمديرية العامة للإدارة).
كل ليرة تُصرف من البرغي إلى المعلّبات الغذائية والمناقصات وصولاً إلى الرواتب وصيانة الآليات وكل معاملة مالية تمرّ عبر “المديرية العامّة”. وبالتالي إذا تجاهل وزير الدفاع قرارات شحادة ولم يوقّعها سيؤدي ذلك إلى شلّ عمل الجيش كلياً!!
إقرأ أيضاً: أمن الدولة من “وليام” إلى ستيفاني… ورياض!
إقالة جوزف عون؟
عملياً، بات من الصعب توقع حلّ الخلاف قريباً. يجزم الفريق المؤيّد لوزير الدفاع بأن “قائد الجيش ملزم برفع سماعة الهاتف أو طلب مقابلة الوزير لأخذ رأيه في التكليف وأخذ الموافقة. وفي الحالة الراهنة تخطّى عون صلاحياته بفصل ضابط إلى الإدارة العامة ونقل ضابط منها وكأنّ وزير الدفاع غير موجود خارقاً القانون بشكل فاضح”.
ويتساءل الفريق عينه: “مين نافخ قائد الجيش هالقد”؟ ولماذا هذه الفوقية الطافحة؟ لو كان هناك حكومة اليوم لِوَجب طرح وزير الدفاع إقالة قائد الجيش ومحاسبته على مخالفته القوانين وتصرّفه كأنّه زعيم منطقة”!!