أفصح الرئيس “السابق” ميشال عون قبل خروجه من بعبدا عمّا كان يدور في باله منذ يومه الأوّل في القصر الجمهوري: جبران باسيل هو مرشّحي لرئاسة الجمهورية.
في معلومات “أساس” أنّ عون بعث خلال الأسابيع الماضية رسالة إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله يعلمه فيها أنّ مرشّحه هو جبران باسيل.
تريّث الحزب في التعامل مع الرسالة. هو يدرك أنّ الوضع بين حلفائه حسّاس جدّاً، ويعرف جيّداً أنّ المعوّقات الداخلية أمام وصول باسيل إلى القصر لا تقلّ صعوبة عن المعوّقات الخارجية.
سبق تسريب معلومات إلى الإعلام مفادها أنّ باسيل التقى الموفد الأميركي أموس هوكستين أكثر من مرّة، وأنّ موعد رفع العقوبات عنه أصبح قريباً.
فهل اقتربت لحظة إعلان باسيل ترشيح نفسه رسمياً للرئاسة؟
تسمية القوات له هي محاولة لإحراق اسم قائد الجيش. فيما المنطقي أن يكون “مرشّح التسوية المقبلة”… بعد الفوضى
قبل مغادرته القصر قال عون لوكالة “رويترز” إنّ باسيل “يمكن أن يكون رئيساً… فتسقط عنه العقوبات”، واستعمل تعبير: “نمحوها في حال انتخابه”. من جهته بدا باسيل سعيداً أمس الأحد وهو يشاهد جمهور التيار الذي قال من خلاله لحلفائه وخصومه إنّه ما يزال رقماً صعباً في السياسة اللبنانية وعلى الساحة المسيحية.
في ردّه على سؤال عن ترشّحه للرئاسة، قال إنّ “الرئيس متحمّس منذ زمن، والشباب محمّسين، أمّا أنا فكل شي بوقته حلو”. وفي المعلومات أنّ الوقت لم يحِن بعد لإعلان ترشيح باسيل… لكنّه “سيأتي حتماً”.
رسائل بعبدا – حارة حريك
عنونت صحيفة “الأخبار” الأسبوع الماضي أنّ القوات اللبنانية ترشّح قائد الجيش جوزف عون للرئاسة. لم يمرّ هذا الخبر مرور الكرام، بل حمل الكثير من الرسائل التي قرأها معنيّون بالملفّ الرئاسي كما يلي:
– أوّلاً: تسمية القوات له هي محاولة لإحراق اسم قائد الجيش. فيما المنطقي أن يكون “مرشّح التسوية المقبلة”… بعد الفوضى.
– ثانياً: محاولة لإحراج رئيس التيار الوطني بوضعه بين خيارين: سليمان فرنجية أو جوزف عون. لكلّ خيار مساوئه بالنسبة إلى باسيل. فهو يخشى احتمال تحوُّل قائد الجيش إلى رئيس كتلة نيابية في حال انضمام عدد من نواب التيار إليه في حال انتخابه. فيما يرى في رئيس تيار المردة منافساً له في دائرة الشمال.
وصلت الرسالة جيّداً إلى باسيل الذي كان قد جمعه لقاء مع الأمين العام لحزب الله أقلّ ما يقال فيه إنّه “سيّئ”. وفي المعلومات أنّ باسيل فاتح نصرالله بضرورة التقاء الفريقين على كيفية مواجهة الفراغ الرئاسي وعدم السماح لرئيس الحكومة المستقيل نجيب ميقاتي بالدعوة إلى جلسات مجلس الوزراء. إلا أنّ نصرالله دعاه إلى تسهيل تشكيل الحكومة لمنع هذا الاحتمال. أما وقد أصبح هذا الكلام خلفنا، فقد أدرك عون وباسيل أنّهما أمام محاولة لوضعهما في الزاوية بين مرشّحَيْن للرئاسة لا يفضّلان أيّاً منهما على الآخر، فقرّر عون قيادة هجوم مضادّ.
تريّث الحزب في التعامل مع الرسالة. هو يدرك أنّ الوضع بين حلفائه حسّاس جدّاً، ويعرف جيّداً أنّ المعوّقات الداخلية أمام وصول باسيل إلى القصر لا تقلّ صعوبة عن المعوّقات الخارجية
تظاهرة الخروج من بعبدا ترشِّح باسيل
كان باب الخروج من الزاوية هو الإعداد لتظاهرة تُظهر “شعبية” التيار الوطني الحر، على الرغم من كلّ ما عاناه عهد عون من أزمات متفجّرة وخسارات متراكمة. لذا تركّز خطاب التيار على التحشيد ليوم الوداع. وقد لبّى جمهور التيار النداء فكانت الحشود أمام القصر الجمهوري والمجموعات التي واكبت الرئيس على الطرقات خير جواب للقوى السياسية، سواء أكانت خصماً أو حليفاً.
حمل مشهد خروج رئيس الجمهورية من بعبدا ووصوله إلى الرابية أكثر من رسالة على أكثر من مستوى:
– أوّلاً، سجّل عون موقفاً بإعلانه توجيه رسالة إلى مجلس النواب يضعه فيها أمام مسؤوليّته لناحية توقيع الرئيس على استقالة الحكومة.
– ثانياً، فتح معركة سياسية مع عدد من القوى السياسية مستعيداً موقعه السياسي القديم ومُهيِّئاً الأرضيّة لمسار سياسي جديد تنطلق معاركه من الرابية.
إقرأ أيضاً: عون خارج التاريخ
انتهى عهد عون الحافل. بدأت صفحة مواجهات مستمرّة، على الأقلّ في ما يعتبره التيار “مرحلة الفوضى الدستورية”. ستعود الرابية إلى حراكها السياسي، وسيكون لعون مهمّة أخيرة، وهي إيصال باسيل إلى القصر الجمهوري. بطبيعة الحال ليس مضموناً نجاحه في ذلك، غير أنّ الرسائل بعد احتفالات اليوم البرتقالي وصلت.
لم يمرّ رئيس على لبنان انتهى عهده بهذا الزخم والاحتفال. صحيح أنّ الاحتفال هو على أنقاض الوطن، لكن في السياسة وحساباتها أدّت الرسالة غرضها، وبات على الحلفاء أن يبحثوا مع باسيل عن أيّ مرشح رئاسي، بعد أن يقرّر رئيس التيار التراجع عن ترشيح.. لم يعلنه بعد.