رأى مرجع نيابيّ أنّ البيان الأميركي السعوديّ الفرنسيّ المشترك الخاصّ بلبنان، الذي صدر عن وزراء خارجية البلدان الثلاثة خلال لقائهم على هامش الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة في نيويورك يعيد لبنان إلى شهر آب 2004 حين كان يُعد لجلسة مجلس الأمن لاتّخاذ القرار الشهير رقم 1559 الذي نص على الاستقلال السياسي للبنان وسلامته الإقليمية ووجوب نزع سلاح الميليشيات وحلها.
ونبه المرجع في حديث لـ”أساس” إلى تشابه المرحلة الراهنة مع تلك المرحلة لجهة ارتفاع التناقضات الداخلية وتشابكها مع الخارجية، قائلاً : “بعد ذاك القرار أرادوا معاقبتنا وقتلنا جميعاً. قتلوا رفيق الحريري. ماذا سيحصل اليوم؟ كلّ الخيارات واردة”.
التزم حزب الله وتابعيه الصمت التام بإزاء البيان الثلاثيّ وكأنّ الأمر لا يعنيه. والسؤال: هل هو صمت الموافق أم صمت المترقّب الرافض؟. والإجابة عليه ستكون محفوفة بالقلق حتى جلاء الالتباسات التي ما تزال تحيط بـ “ملفّ الترسيم البحري” مع إسرائيل. وقد يستطيل زمن الإجابة أكثر، أي إلى ما بعد 31 تشرين الأول حين يتسلّم الفراغ سُدّة الحكم. والفراغ عند حزب الله في هذه المرحلة مرادف للاستقرار.
سبق البيان الثلاثي ، لقاء فرنسي ـ سعودي في باريس خلص إلى أن حلّ الأزمة اللبنانية سياسيّ أكثر ممّا هو اقتصادي
البيان الثلاثي…التمسك بالدستور والقرارات الدولية
البيان المشترك الذي صدر عن لقاء ثلاثي جمع وزراء خارجية الرياض وباريس وواشنطن على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، عبر عن الدعم المستمر لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، وشدد على أهمية إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد وفق الدستور ، وانتخاب رئيس يمكنه توحيد الشعب اللبناني ويعمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية.
ودعا الوزراء ـ وفق البيان ـ إلى تشكيل حكومة قادرة على تطبيق الإصلاحات الهيكلية والاقتصادية اللازمة لمعالجة الأزمة السياسية والاقتصادية في لبنان، وتحديداً الإصلاحات الضرورية للوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي.
كما عبر الوزراء عن استعدادهم للعمل المشترك مع لبنان لدعم تنفيذ هذه الإصلاحات الأساسية التي تعد حاسمة لمستقبل الاستقرار والازدهار والأمن في لبنان. كما أكدوا على دور القوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي اللبناني المسؤولَين عن حفظ سيادة لبنان واستقراره، مع أهمية استمرارهما بالقيام بدور أساسي في حماية الشعب اللبناني في ظل أزمة غير مسبوقة.
وأكد الوزراء ضرورة قيام الحكومة اللبنانية بتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن (1559) و (1701) و (1680)، (2650) والقرارات الدولية ذات الصلة بما في ذلك تلك الصادرة من جامعة الدول العربية، والالتزام باتفاق الطائف المؤتمن على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي في لبنان.
في معلومات “أساس” أنّ الفريقين اتّفقا على أنّ الحلّ السياسي لا يمكن أن يقوده رئيسٌ من فريق الثامن من آذار
القراءات المتضاربة
وبدلاً من الالتفاف حول البيان الثلاثي واستثمار فرصة عودة لبنان مرئياً على شاشات الإهتمام العربي والدولي، فإن كلّاً من مصادر الفريقين المتخاصمين “الممانع” و “السيادي” قرأ في البيان ما يعتبره مناسباً لبرنامجه السياسي في لبنان.
التعارض في القراءة السياسية تركز حول مضمون البيان إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية ضمن المهل الدستورية المحدّدة، وبالتالي عدم الدخول في الشغور الرئاسي، وهنا ظهرت قراءتان:
ـ الأولى، مصدرها الفريق السيادي الذي اعتبر أنّ المطلوب هو التزام النص الدستوري والإلتزام به وعدم ذهاب قوى الأمر الواقع وتحديداً حزب الله إلى تعطيل الحياة السياسية اللبنانية وربطها على جري عادتها لبنان بالمحور الإيراني ومصالحه المتشابكة على أن يلي ذلك تشكيل حكومة تستجيب للإصلاحات الدولية في الشق الاقتصادي.
لكن الأهم بالنسبة للمصادر هو” وجوب إلتزام لبنان باتفاق الطائف وبالقرارات الدولية وكلها تطالب بتجريد حزب الله من سلاحه وحل الميليشيات وعودة لبنان إلى حضن الجامعة العربية بعد عزلةٍ فرضها محور الممانعة جراء التحاقه بإيران وإنخراطه في حروبها المُزعزعة للإستقرار العربي”. وتعتبر المصادر أن الإستحقاقات المُقبلة هي من طبيعة سياسية وليست تقنية اقتصادية “فلا قيامة للبنان إلا بالعودة إلى ثوابت الدستور ومرجعية القرارات الدولية”. وقد بدت أهميّة ذلك “في تغريدة السفير السعودي وليد البخاري التي نشرها بعد صدور البيان مباشرة والتي ركّز فيها على أهميّة تطبيق الطائف”.
ـ القراءة الثانية ومصدرها “الفريق الممانع” فقد اعتبر لـ “أساس” أن البيان “يضغط سياسياً رابطاً مسائل سياسية ودستورية بحاجة إلى نقاش وقراءة بواقع اقتصادي ما يزال يواصل انهياره جراء سياسات عمرها 30 سنة من عمر اتفاق الطائف”. وكلام هذه المصادر جاء مواكباً لتسريبات الحزب عن أنّ “هناك أزمة النظام بحاجة إلى حلّ وأنه بانتظار طرحها من الآخرين”. وقد واكب هذا الكلام السياسي الحليف المسيحي رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عبر مطالبته بإجراء تعديلات دستورية مع تشديده على أنّ الأزمة في لبنان ليست أزمة أداء سياسي فقط، بل أزمة نظام.
إقرأ أيضاً: الليونة في الترسيم لا تشمل التسوية على الرئاسة
ثوابت سعودية – فرنسية
سبق البيان الثلاثي ، لقاء فرنسي ـ سعودي في باريس خلص إلى أن حلّ الأزمة اللبنانية سياسيّ أكثر ممّا هو اقتصادي. وفي معلومات “أساس” أنّ الفريقين اتّفقا على أنّ الحلّ السياسي لا يمكن أن يقوده رئيسٌ من فريق الثامن من آذار. وعليه توافقا على مقاربة الملفّ اللبناني انطلاقاً من ثوابت ثلاث: الأولى انتخاب رئيس يعيد للبنان دوره التاريخي في الانفتاح على الغرب ومحيطه العربي. والثانية قدرته على قيادة حوار لبناني – لبناني لا بدّ منه لحلّ النزاع القائم. والثالثة أن يكون الرئيس لا غبار عليه ماليّاً، ليقود مسيرة الإصلاحات المفترَضة.