يستعجل رئيس الجمهورية ميشال توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحريّة مع إسرائيل قبل نهاية عهده في 31 تشرين الأوّل المقبل. رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مستعجلان بدورهما على أساس مقاربة مشتركة بينهما تفيد أنّ ذلك يخفّف احتقان الوضع العامّ تزامناً مع خروج عون من بعبدا. حزب الله يريد الترسيم أيضاً، لكنّه محرج من كثرة المطالب الإسرائيلية التي يضيف إليها الموفد الأميركي مطلباً في كلّ مرّة يزور لبنان. آخر النقاط العالقة التي تفصل لبنان عن التوقيع هي العوّامات التي وضعتها إسرائيل يوم اعتمدت الخط 1. جزء من هذه العوّامات الثابتة في قعر البحر الواقعة على حدود الخط 23 ما تزال عالقة بعدما طالبت إسرائيل بضمّها إليها لأسباب أمنيّة. فما هو موقف لبنان من هذا المطلب، ولا سيّما أنّ مرحلة التفاوض دخلت الأمتار الأخيرة البالغة الدقّة؟
يقف حزب الله بإرادة إيجابية خلف رغبة الدولة اللبنانية الرسمية بإقفال الملفّ وحصول الترسيم، غير أنّ المعلومات عن جوّ الحزب تتحدّث عن توتّر على الأرض واستنفار على الحدود
اجتماع العوامات
يوم الأربعاء 14 أيلول الجاري اجتمعت اللجنة المكلّفة متابعة المفاوضات التي تضمّ كلّاً من نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، المستشار الرئاسي سليم جريصاتي، المدير العامّ للأمن العامّ اللواء عباس إبراهيم، المدير العامّ لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير، مستشار رئيس مجلس النواب علي حمدان، وممثّل عن رئيس الحكومة. الإجتماع استغرق ساعتين ونصف ساعة. خلاله طلب المعنيّون من رئيس مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش المقدّم عفيف غيث معرفة موقع العوّامات حسب الخريطة اللبنانية. وشرح غيث للّجنة إحداثيّات العوّامات التي طرحتها إسرائيل، وجرى النقاش في محاذير اعتماد الخطّ من عدمه، على اعتبار أنّ الخطّ يوفّر الحماية لإسرائيل ويكشف الساحل اللبناني.
في معلومات “اساس” أنّ حذراً لبنانياً شديداً يحكم التعامل مع المطلب الإسرائيلي. يرفض المعنيون الحديث عن “حماستهم” لقبول المطلب الإسرائيلي، مصرّين على انتظار ضمانة خطّية من هوكستين في ما يخصّ عرضه الأخير الذي يتضمّن القبول بالخط 23 مع الحفاظ على حقل قانا كاملاً، إضافة إلى ضمانة فرنسية أن تبدأ توتال بالتنقيب في الجهة اللبنانية ودفع تكاليف التنقيب.
توتر حزب الله
يقف حزب الله بإرادة إيجابية خلف رغبة الدولة اللبنانية الرسمية بإقفال الملفّ وحصول الترسيم، غير أنّ المعلومات عن جوّ الحزب تتحدّث عن توتّر على الأرض واستنفار على الحدود. منهم من يقول إنّ ذلك غير مرتبط بملفّ الترسيم، ومنهم من يعتبر أنّ حزب الله محرج من توالي المطالب الإسرائيلية التي تؤثّر على إحداثيات الحزب الأمنيّة في الجنوب. ولذلك يناقش الأمين العامّ لحزب الله السيد نصرالله مع المقرّبين إليه إمكانية القيام بأيّ عملية أمنيّة ولو بسيطة، وإمكانية أن تؤدّي إلى ردّ إسرائيلي يحرج الحزب فيضطرّ إلى الردّ، وبالتالي يتدحرج الوضع الأمنيّ على الحدود.
الترقب والتكتم لا يلغيان حقيقة أنّ المعنيين في الملف من الجانب اللبناني متفائلين لكن من دون حسم موافقة لبنان على المطلب الاسرائيلي بشكل كامل
هل يتحمّل الحزب ولبنان ذلك؟ هذا هو النقاش الذي يدور في كواليس حزب الله الذي لا يريد الحرب ولا يستطيع تحمّل نتائجها على المستوى الاجتماعي والوطني. وينبع توتّر الحزب هذه الأيام من واقع أنّ المفاوض الأميركي يضع لبنان ومن خلفه حزب الله في الزاوية.
هل ينجح التفاوض في الوصول إلى حلّ للعقدة الأخيرة المستجدّة بسبب مطلب إسرائيل اعتماد خطّ العوّامات على حدود 23؟ الجدير بالذكر هنا أن لا علاقة للنقطة B1 بكلّ هذا النقاش لأنّها استُبعدت في اجتماع هوكستين مع ميقاتي.
هل ينجح مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم في حلّ هذه العقدة في سياق تولّيه المفاوضات بين حزب الله وهوكستين، أم تتدحرج الأمور إلى تصعيد محدود؟ كلّها أسئلة ما تزال مطروحة في مرحلة الانتظار التي من المتوقّع أن لا تدوم طويلاً على اعتبار أنّ المواقف تظهر في الأيام المقبلة.
هل قصد رئيس الجمهورية ميشال عون بقوله إنّه سيترك قصر بعبدا إذا كان يوماً طبيعياً أنّ لبنان مقبل على خضّة أمنيّة على الحدود أو خضّة اجتماعية بدأت باقتحام عدد من المصارف؟ الجواب على كلّ هذه المعطيات المستجدّة لا يبدو بعيداً.
إقرأ أيضاً: “العوامات البحرية” فخ إسرائيلي للبنان
الترقب والتكتم لا يلغيان حقيقة أنّ المعنيين في الملف من الجانب اللبناني متفائلين لكن من دون حسم موافقة لبنان على المطلب الاسرائيلي بشكل كامل. والمفارقة في هذا التفاؤل اللبناني أنه ياتي بالتزامن مع إعلان وزارة الطاقة الاسرائيلية أمس الجمعة عن ربط “خزان كاريش” بالمنظومة الاسرائيلية النفطية في اشارة واضحة الى اقتراب نهاية المفاوضات.