ابنة ديك تشيني… تخلّص العالم من ترامب؟

مدة القراءة 5 د

بعيداً عن الحرب في أوكرانياً، وبعيداً عن الأزمة المتفجّرة مع الصين، تواجه الولايات المتحدة مشكلة داخلية لا سابق لها. أساس هذه المشكلة هو الرئيس السابق دونالد ترامب.

من المعروف أنّ الرئيس ترامب متّهم بنقل وثائق سرّية من البيت الأبيض إلى منتجعه في فلوريدا. وبعدما استرجعت الدوائر الأمنيّة هذه الوثائق سرّاً، من دون الرجوع إليه، وبعد اقتحام قام به الـ”FBI”، تجد السلطات نفسها أمام أمرين أحلاهما مرّ. الأمر الأوّل: هل تحاكم رئيساً سابقاً للدولة؟ وهل تحقّق جزائياً مع مرشّح للرئاسة؟ وهل يمكن للرأي العامّ الأميركي أن يستوعب وأن يتعامل بإيجابية مع اتّهام شخصيّة حصلت على 74 مليوناً من أصوات الناخبين في الانتخابات الرئاسية السابقة؟

هناك مرشّحة جمهورية تنافس الرئيس دونالد ترامب، وهي السيّدة ليز تشيني، وكانت في مقدّم أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري الذين صوّتوا مع الأعضاء الديمقراطيين لمحاكمة ترامب بعد حادث اقتحام الكونغرس

عندما طلب ترامب، وكان رئيساً، من أنصاره اقتحام الكونغرس الأميركي في السادس من شباط 2021، وبعدما تمّ الاقتحام فعلاً، عقد الكونغرس جلسة لتقرير ماذا يفعل. هل يحاكم ترامب وهو رئيس؟ أم يؤجّل المحاكمة إلى ما بعد انتهاء الولاية؟

خلال تلك الجلسة التاريخية صوّت عشرة أعضاء فقط من الحزب الجمهوري الذي يرأسه ترامب إلى جانب الدعوة إلى محاكمته، التي لم تحصل حتى الآن. الذي حصل هو أنّ ثمانية من هؤلاء الأعضاء العشرة إمّا أنّهم تقاعدوا نهائياً، أو أنّهم في طريقهم إلى التقاعد. فالرئيس ترامب وهو اليوم خارج البيت الأبيض، وتحيط به علامات استفهام كبيرة حول مواقفه من العديد من القضايا (محاولة تغيير نتائج الانتخابات الرئاسية)، ما يزال الشخصية المهيمنة على الحزب الجمهوري. وقد أُجري استطلاع للرأي في الولايات المتحدة حول من هو الرئيس الأفضل ليخلف الرئيس الحالي جو بايدن. وكانت نتيجة الاستطلاع أنّ 50 في المئة أجابوا لمصلحة ترامب.

في الانتخابات الحزبية الداخلية تقدّم ترامب على جميع منافسيه وحصل على نسبة 65 في المئة من الأصوات. ويعتقد 70 في المئة من الأميركيين أنّ الرئاسة الأميركية “سُرقت” منه فعلاً في عام 2020. صحيح أنّ ترامب لا يتمتّع بسلطة مطلقة في الحزب الجمهوري، لكنّه لا يناقَش وطلباته لا تُرَدّ.

لذلك يسعى مرشّحو الحزب الجمهوري لمواقع رئيسية في الدولة وراء تأييده للوصول إلى هذه المواقع، وهو يوظّف حاجتهم إليه لتعزيز موقعه.

مظلّة شعبوية تحمي ترامب

من الصعب واقعياً محاكمة مرشّح لرئاسة الجمهورية (بتهمة إخراج وثائق سرّية من البيت الأبيض إلى منزله الخاصّ). وسيكون من الصعب أكثر محاكمته بعد إعادة تسميته باسم الحزب الجمهوري مرشّحاً للرئاسة مرّة ثانية. ولذلك بدأ الالتفاف حول قضية الوثائق السرّية، ويدور هذا الالتفاف الآن حول قرار يتّخذه المدّعي العام الأميركي ماريك غارلاند يقوم على أساس أنّ الوثائق سليمة، وأنّها استُعيدت بسلام، وأنّ مهمّته في التحقيق تنتهي عند هذا الحدّ.

المسألة التي تشغل المسؤولين الأميركيين هي أنّ محاكمة ترامب الآن يمكن أن تفجّر مشكلة أمنيّة – سياسية، وعدم محاكمته يمكن أن تفجّر مشكلة تعطيل العدالة

هناك سوابق “للوقوف عند هذا الحدّ”، منها عدم محاكمة السيّدة هيلاري كلنتون عندما كانت وزيرة للخارجية في عام 2016 بتهمة سوء استخدام الحاسوب الخاص بوزارة الخارجية الأميركية. وحتى عدم محاكمة ترامب نفسه بتهمة الكذب بشأن موضوع اتّهامه بالتهرّب من تسديد الضرائب للدولة، أو بشأن ما إذا كان قد خرق القانون عندما حرّض أنصاره في السادس من كانون الثاني على اقتحام الكونغرس الذي لا سابق له في التاريخ الأميركي القديم أو الحديث، أو حول دوره في الضغط على حاكم ولاية جورجيا لتغيير نتائج الانتخابات لمصلحته في تشرين الثاني 2020.

حتى الآن ليس دونالد ترامب أمام القانون سوى مواطن عاديّ. إلا أنّ فوق رأسه مظلّة شعبوية متطرّفة تلوي يد العدالة. جرى ذلك في قضية التحريض على اقتحام الكونغرس. ويتكرّر الآن في قضيّة الوثائق السرّية، بل البالغة السرّية، التي نقلها من البيت الأبيض إلى بيته في فلوريدا!

تشيني هي الحلّ؟

المسألة التي تشغل المسؤولين الأميركيين هي أنّ محاكمة ترامب الآن يمكن أن تفجّر مشكلة أمنيّة – سياسية، وعدم محاكمته يمكن أن تفجّر مشكلة تعطيل العدالة. فالرجل الذي خسر الحزب الجمهوري بسببه الأكثريّة في مجلس الشيوخ، وخسر رئاسة الولايات المتحدة، والرجل الذي كان قاب قوسين أو أدنى من حَلّ حلف شمال الأطلسي ( أكبر تجمّع عسكري دولي في العالم)، والذي كاد أن يقطع الجسور الأميركية مع المجموعة الأوروبية ويدفعها مضطرّة إلى حضن الاتّحاد الروسي، يضع واشنطن اليوم أمام خيارات لا تحسمها سوى نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة.

إقرأ أيضاً: التحولات في لعبة الأمم.. حرب أوكرانيا لعبة أطفال

هناك مرشّحة جمهورية تنافس الرئيس دونالد ترامب، وهي السيّدة ليز تشيني (ابنة وزير الدفاع الأميركي السابق ديك تشيني)، وكانت في مقدّم أعضاء الكونغرس من الحزب الجمهوري الذين صوّتوا مع الأعضاء الديمقراطيين لمحاكمة الرئيس ترامب بعد حادث اقتحام الكونغرس. وكانت تشيني قد انتُخبت في عام 2020 عن ولاية وينغ، وأُعيد انتخابها مجدّداً الآن بأكثريّة 69 في المئة من الأصوات.

فهل تكون هي الحلّ؟

مواضيع ذات صلة

قمّة الرّياض: القضيّة الفلسطينيّة تخلع ثوبها الإيرانيّ

 تستخدم السعودية قدراً غير مسبوق من أوراق الثقل الدولي لفرض “إقامة الدولة الفلسطينية” عنواناً لا يمكن تجاوزه من قبل الإدارة الأميركية المقبلة، حتى قبل أن…

نهج سليم عياش المُفترض التّخلّص منه!

من جريمة اغتيال رفيق الحريري في 2005 إلى جريمة ربط مصير لبنان بحرب غزّة في 2023، لم يكن سليم عياش سوى رمز من رموز كثيرة…

لبنان بين ولاية الفقيه وولاية النّبيه

فضّل “الحزب” وحدة ساحات “ولاية الفقيه”، على وحدانية الشراكة اللبنانية الوطنية. ذهب إلى غزة عبر إسناد متهوّر، فأعلن الكيان الإسرائيلي ضدّه حرباً كاملة الأوصاف. إنّه…

الأكراد في الشّرق الأوسط: “المايسترو” بهشلي برعاية إردوغان (1/2)

قال “أبو القومية التركية” المفكّر ضياء غوك ألب في عام 1920 إنّ التركي الذي لا يحبّ الأكراد ليس تركيّاً، وإنّ الكردي الذي لا يحبّ الأتراك…