بين بقائه في القصر الجمهوري أو إمكانية أن يشكّل حكومة انتقالية أو غيرها من أشكال الحكومات الموازية لحكومة نجيب ميقاتي الحالية، يكثر الكلام عن خطوة رئيس الجمهورية ميشال عون بعد انتهاء ولايته الرئاسية في 31 تشرين الأوّل المقبل.
مستشاره الدستوري سليم جريصاتي يؤكد عند كلّ طلعة شمس أنّه طالما بقي في قصر بعبدا إلى جانب الرئيس، فإن عون لن يبقى دقيقة واحدة بعد انتهاء ولايته: “هذه رغبة الرئيس في الأساس”. فجريصاتي لن يصدر فتاوى كالتي أصدرها القاضي بيتر جرمانس للرئيس السابق ميشال سليمان في آخر حكومات عهده. وعليه، يقول الخبير الدستوري سليم جريصاتي لـ”أساس” إنّ الرئيس سيعود إلى منزله في الرابية عند انتهاء ولايته.
أيضاً لا بدّ من التذكير بالحملة التي واجهت لحود في نهاية عهده يوم طالب قسم من اللبنانيين بـ”الرحيل” وفي حملة “فِلّ” الشهيرة. يومها قال مستشاره جريصاتي “لا دقيقة أقلّ ولا دقيقة أكثر يبقاها لحود في القصر”. وهكذا حصل. خرج لحود في لحظة انتهاء عهده وسط كلام عن ضمانة قدّمها يومها جريصاتي للمجتمع الدولي بعدم بقاء لحود في بعبدا.
يجيب جريصاتي ردّاً على كل السيناريوهات التي تحدثت عن ميشال عون في القصر: “وضعاً للأمور في نصابها الدستوري الصحيح فإنّ رئيس الجمهورية ملتزم بأحكام الدستور بحذافيره نصاً وروحاً
اليوم يتكرّر المشهد وتتكرّر الضمانة من الشخصية القانونية الدستورية نفسها. وعليه فإن جريصاتي متمسك بالتأكيد على ثلاث لاءات:
– لا لبقاء عون بعد انتهاء ولايته.
– لا لسحب التكليف من رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي.
– ولا لعودة سيناريو 1988 وتشكيل حكومة عسكرية أو انتقالية أو أي حكومة ثانية. لأنّ كلّ ذلك ليس من صلاحيات رئيس الجمهورية بعد اتفاق الطائف.
حكومة تصريف الأعمال
أما عن تولّي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات الرئاسة، فيخالف جريصاتي كبير الدستوريين حسن الرفاعي، الذي أفتى بأنّها تستطيع تولّي مهمات الرئاسة. برأي جريصاتي أنّ حكومة تصريف الأعمال بالكاد تصرّف الأعمال بالمعنى الضيّق للكلمة، فكيف لها أن تتولّى مهمات رئاسة الجمهورية.
انطلاقا من كلّ ما تقدّم، يجيب جريصاتي ردّاً على كل السيناريوهات التي تحدثت عن ميشال عون في القصر: “وضعاً للأمور في نصابها الدستوري الصحيح ومنعاً للتأويل والاستغلال السياسي وكيل الاتهامات العشوائية والاجتهادات المتناقضة من مصدر واحد، فإنّ رئيس الجمهورية ملتزم بأحكام الدستور بحذافيره نصاً وروحاً. وذلك وفق الآتي:
– بتاريخ انتهاء الولاية الرئاسية في 31 تشرين الأوّل 2022 يخرج عون من القصر إلى منزله في الرابية.
– لا يستطيع رئيس الجمهورية سحب تكليف رئيس الجمهورية المكلّف بقرار منفرد منه إذ عليه إجراء استشارات نيابية ملزمة والتشاور مع مجلس النواب. وهذا ما سعى إليه سابقاً في الرسالة التي وجهها إلى مجلس النواب عندما استحال التأليف، في عهد الرئيس سعد الحريري، ضمن مهلة معقولة. وقد أصبحت كل مهل التأليف خارج المألوف.
– لن يؤلف رئيس الجمهورية أي حكومة بقرار منفرد منه. هذا لا يعني أن يراهن البعض على الفراغ الرئاسي للإستئثار بالحكم . ما يعني ضرورة أن يسعى الرئيس المكلّف لتأليف حكومة بشراكة دستورية كاملة مع رئيس البلاد على أن تنال ثقة مجلس النواب كي يستقيم الوضع لممارسة هذه الحكومة صلاحيات رئيس الجمهورية في حال خلو سدّة الرئاسة. وفي حال عدم حصول ذلك تقع هذه الحكومة في الوهن والاجتهادات في وقت أحوج ما يكون فيه البلاد لأدنى مقومات الحياة… لا سيما وأنّ الدستور تحدث في المادة 62 عن “مجلس الوزراء”.
يضيف جريصاتي أنّه حتّى هذه اللحظة لم يطرح الرئيس عون عليه توجيه أيّ رسالة إلى مجلس النواب كما سبق أن فعل في وقت سابق.
إقرأ أيضاً: احتفال مع خروج عون .. والكابيتال كونترول “كارثة اقتصادية”
غير أنّ التأكيد المستمرّ على أنّ عون سيغادر بعبدا ليس صكًا أخضر يعطيه جريصاتي للرئيس المكلّف نجيب ميقاتي لأنّ “حكومة تصريف أعمال لم تنل ثقة مجلس النواب الجديد لا يمكن لها أن تتولّى صلاحيات الرئاسة في حال خلوّ الرئاسة”.
وهذا يعيدنا إلى المربّع الأوّل رغم تأكيدات جريصاتي.