أربعة أيّام تفصل لبنان عن موعد بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية، والمحدّدة بشهرين تنتهي في 31 تشرين الأوّل. ما بات مؤكّداً، وفق معطيات “أساس”، أنّ كلّ القوى السياسية تتعامل مع ملفّ رئاسة الجمهورية على أنّه “بحكم المؤجّل” لكثير من الاعتبارات الداخلية والخارجية.
لكن على الرغم من جولات “المصارعة” بالبيانات بين بعبدا والسراي والخلاف المستشري بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والنائب جبران باسيل حول الحكومة المُزمعة، فإنّ في الكواليس حركة ناشطة أخذاً وردّاً حول الحقائب والأسماء في محاولة لإدخال تعديلات محدودة على الحكومة الحاليّة لتمثل بعدها في مدّة قياسيّة أمام مجلس النواب لنيل الثقة قبل نهاية ولاية ميشال عون الرئاسية، مع العلم أنّ خيار توسيع الحكومة إلى 30 وزيراً لم يسقط بالكامل.
وبيّنت معطيات الساعات الماضية وجود تنسيق على أكثر من مستوى كان البارز فيه هو الدور التسهيليّ لحزب الله من أجل ولادة الحكومة. وقد نُقل عن مصادر وثيقة الصلة بالحزب قولها: “الفراغ الرئاسي قد يستمرّ لفترة طويلة، ولأنّه لا أحد بوارد تحمّل تداعيات تسلّم حكومة تصريف الأعمال الحاليّة، المنزوعة الصلاحيّة، صلاحيّات رئيس الجمهورية، فإنّ العمل ينصبّ على ولادة حكومة “كاملة المواصفات” سيتعيّن عليها الاجتماع وأخذ الكثير من القرارات في المرحلة المقبلة في ظلّ غياب رئيس الجمهورية”.
وفق المعلومات، سمعت تريسي كلاماً مباشراً من جعجع مفاده: “إذا حصل توافق بين القوى المعارضة عليك بتمشي القوات بترشيحك”، لكن حتى الآن الاسم الأكثر تقدّماً في معراب هو كميل أبو سليمان
هو الخيار الذي سبق أن تحدّث عنه موقع “أساس” بالإشارة إلى احتمال ولادة الحكومة قبل ربع الساعة الأخير من نهاية ولاية عون في 31 تشرين الأول تفادياً للدخول في نفق فوضى لا أحد قادراً على توقّع حجم تداعياتها.
ضمن هذا السياق بَرَز الضغط الذي مارسه باسيل عبر التلويح بسحب التكليف أو بقاء عون في القصر من أجل تحسين شروط التفاوض الحكومي.
بدء السباق الرئاسي
مع تضاؤل فرص انتخاب رئيس للجمهورية ضمن المهلة الدستورية تبرز تباعاً بعض الترشيحات الـ solo الباحثة عن داعمين لها.
قصّت تريسي شمعون شريط الترشيحات العلنيّة الرسميّة لرئاسة الجمهورية، فيما تتوالى الترشيحات من خارج سرب الأسماء المعروفة . أمّا سليمان فرنجية “المرشّح الطبيعي” فمتروك حتى الآن لقدره من دون إعلان دعم من حليف مسيحي جدّي ولا من حزب الله، لكنّ كلام الكواليس يشي بدعم الثنائي الشيعي الواضح له.
وفي الكواليس حركة ناشطة، خصوصاً على خطّ قوى التغيير والقوات والكتائب، في محاولة للوصول إلى اسم مشترك تخوض المعارضة من خلاله معركة رئاسة الجمهورية.
في هذا السياق، وإضافة إلى الأسماء المتداولة، يتردّد في معراب اسم الوزير السابق كميل أبو سليمان بعد تجاوز اسم سليم إدّه الرافض لطرح اسمه ضمن الترشيحات الرئاسية.
سفيرة لبنان السابقة في الأردن تريسي شمعون حفيدة كميل شمعون وابنة الشهيد داني شمعون، الذي اغتيل بُعيد أحداث 13 تشرين الأول 1990، كانت من حصّة الرئيس عون في التعيينات الدبلوماسية من خارج الملاك في تموز 2017.
بيّنت معطيات الساعات الماضية وجود تنسيق على أكثر من مستوى كان البارز فيه هو الدور التسهيليّ لحزب الله من أجل ولادة الحكومة
شكّل ذلك جائزة ترضية لابنة رفيق الدرب داني ورجل الثقة لدى عون. وقد ورد اسمها ضمن لائحة ترشيحات التيار الوطني الحر عام 2013، لكنّ الانتخابات تأجّلت حتى العام 2018، وحينئذٍ كانت تريسي قد عُيّنت سفيرة في الأردن. وتجدر الإشارة إلى أنّ علاقة وطيدة تجمع عائلة تريسي مع حكّام المملكة الهاشمية.
تعريف جديد للسيادة عند شمعون
لكنّ “السفيرة” تريسي انقلبت على عون والعهد إثر ثورة 17 تشرين وقدّمت استقالتها مباشرة على الهواء ضمن برنامج الزميل مارسيل غانم قبل أن تقدّم كتاب استقالتها رسمياً إلى رئيس الجمهورية، مؤكّدة أنّ “ملك الأردن عبدالله الثاني هو من عيّنني في منصبي وليس عون”.
اعتراف كهذا، ومن سفيرة، عن أنّ رئيس دولة أخرى هو من عيّنها في منصبٍ رسمي لتمثّل دولتها على أراضيها إنما يُعطي فكرةً عن مفهوم مهتزّ للسيادة لدى المرشّحة الحاليّة لرئاسة الجمهورية تحت يافطة “المرشحة السيادية”.
شمعون كتبت تغريدة في شباط 2021 قالت فيها: “أنا لبنانية والرئيس عون لا يمثّلني”، ووجّهت نداءً بالإنكليزية إلى “شعب لبنان للتمرّد على عون”.
تزامن إعلانها عن نيّتها الترشح مع جولات مكّوكية قامت بها وشملت قوى سياسية مختلفة بما في ذلك رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع المتّهم باغتيال والدها، مستثنية رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من جدول لقاءاتها. وبناء على طلب جعجع التقت تريسي بابن عمّها النائب في كتلة القوات كميل شمعون نجل دوري شمعون، مع العلم أن لا ودّ في العلاقة بين “ولاد العمّ”!
أبو سليمان يتقدم على شمعون في معراب
ووفق المعلومات، سمعت تريسي كلاماً مباشراً من جعجع مفاده: “إذا حصل توافق بين القوى المعارضة عليك بتمشي القوات بترشيحك”، لكن حتى الآن الاسم الأكثر تقدّماً في معراب هو كميل أبو سليمان.
إقرأ أيضاً: برّي: أسوأ حكومة أفضل من بقاء عون في قصر بعبدا
على خط موازٍ، ستعلن في بداية أيلول سيّدة من قضاء المتن تقيم خارج لبنان ترشّحها لرئاسة الجمهورية. وسيكون الترشُّح الأوّل من نوعه لشخصيّة من عالم الاغتراب. وقد بدأت السيّدة المذكورة منذ فترة اتصالاتها السياسية من أجل تشكيل “لوبيينغ” لطرح اسمها على نطاق أوسع، وهي تتردّد بشكل دائم إلى لبنان وتعمل في المجال الفكري والثقافي والإنمائي من خلال البنك الدولي.