بعد الظواهري.. من هو مستقبل القيادة المصريّة لـ”القاعدة”؟

مدة القراءة 7 د

ليس تنظيم القاعدة سوى “التنظيم الدولي لجماعة الجهاد المصريّة”. فالقاعدة هي إطار العولمة لجماعة الجهاد، التي شاركت في اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981.وبعد إغتيال القيادي أيمن الظواهري صار السؤال المطروح ما هو مستقبل “القيادة المصرية” في تنظيم “القاعدة”.

 

الظواهري المؤسس وبن لادن مقاتل

أيمن الظواهري هو المؤسّس الحقيقي لتنظيم القاعدة، على الرغم من أنّ أسامة بن لادن كان قد أعلن التنظيم قبل سنوات. في الواقع فإنّ الفكر والتنظيم يعودان إلى الظواهري، ولم يكن بن لادن سوى راعٍ ماليّ، وزعيم روحيّ لا يملك سوى الإعلام.

وحسب رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق تركي الفيصل، فإنّ أسامة بن لادن كان جهاديّاً لا مقاتلاً، وإنّه كان يُغمى عليه في أثناء القتال، وحين يستفيق كان يجد الهجوم السوفياتي على موقعه قد هُزم.

كانت المجموعة المصرية التي أتى بها الظواهري هي القيادة الفعليّة لـ”القاعدة”، وكان هدفها إسقاط النظام وإقامة دولة جهادية في مصر، ثمّ تحوّل الهدف إلى إسقاط النظم في كلّ العالم الإسلامي، واستهداف الولايات المتحدة التي تحمي هذه النظم.

حسب رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق تركي الفيصل، فإنّ أسامة بن لادن كان جهاديّاً لا مقاتلاً، وإنّه كان يُغمى عليه في أثناء القتال، وحين يستفيق كان يجد الهجوم السوفياتي على موقعه قد هُزم

كانت القيادة في “القاعدة” عربيّة، وذلك بخلاف تنظيم “داعش” الذي أُسّس لاحقاً وكانت قيادته مزيجاً من العرب والأجانب، إذ أن الفصيل المصريّ في القيادة العربية لـ”القاعدة” كان هو الأقوى والأكثر هيمنة. وقد حكم في زمن بن لادن، ثمّ واصل الحكم مع أيمن الظواهري، وهو الآن يقاتل لكي يحتفظ بمنصب أمير القاعدة، الذي يواجه منافسة مغربيّة.

 

أبو محمد وأبو محسن

أدّى مقتل “حمزة بن لادن” نجل أسامة بن لادن في عام 2019، عند الحدود الأفغانية الباكستانية إلى تراجع فرصة عودة أسرة بن لادن إلى السيطرة على التنظيم، لكنّ قياديَّيْن مصريَّين كبيرين في التنظيم قد قُتلا أيضاً بعد مقتل حمزة، وهو ما أضعف قوّة الفصيل المصري في التنظيم.

في عام 2020 قُتل أبو محسن المصري، واسمه الحقيقي حسام عبد الرؤوف، في عملية شرق أفغانستان. وكان أبو محسن المصري مسؤولاً عن الإعلام، ورئيساً لـ “مؤسّسة السحاب” التي تمثّل الإعلام الرسمي للقاعدة.

في العام نفسه قُتل قياديّ آخر هو أبو محمد المصري، واسمه الحقيقي عبد الله أحمد عبد الله، وكان يقيم في إيران. وجرى استهدافه بإطلاق الرصاص من سيّارة مسرعة في أحد شوارع طهران. وقد قُتلت معه ابنته مريم، وهي زوجة حمزة بن لادن. كان أبو محمد المصري مرشّحاً لخلافة الظواهري، فيما شغل أبو محسن المصري منصب وزير إعلام “القاعدة”، وأحد كبار قادتها. وقد انتهى أمرهما معاً عام 2020.

 

وزير دفاع “القاعدة”

تتشكّل “الرباعيّة المصرية” التي حكمت “القاعدة” من: زعيم التنظيم أيمن الظواهري، والقياديّ عبد الله أحمد عبد الله المكنّى بأبي محمد المصري، ورجل الإعلام حسام عبد الرؤوف المكنّى بأبي محسن المصري، والقائد العسكري للتنظيم سيف العدل وزير دفاع “القاعدة”.

الاسم الحقيقي لسيف العدل هو محمد صلاح الدين زيدان، وهو من مواليد محافظة المنوفية، واعتنق الفكر الجهادي في أحد مساجد شبين الكوم، وقد تخرّج من كلية التجارة، ثمّ أصبح ضابط احتياط في القوات المسلّحة. وقد جرى اتّهامه في قضية محاولة اغتيال وزير الداخلية حسن أبو باشا، لكن أُفرج عنه لاحقاً. وقد غادر مصر متوجهاً إلى أفغانستان.

سيف العدل هو المؤسّس الحقيقي لتنظيم القاعدة في الصومال ومنطقة القرن الإفريقي. وفي أثناء الحرب الأفغانية ضدّ السوفيات كان هو من تولّى تدريب المقاتلين على صواريخ “ستينغر” الأميركية لإسقاط الطائرات السوفياتية، وهو ما غيّر من مسار الحرب.

قبل”الرباعيّة المصرية” كانت هناك أسماء بارزة من الفصيل المصري في “القاعدة”، لعلّ أشهرهم محمد عاطف أو أبو حفص المصري، واسمه الحقيقي صبحي أبو ستة.

حسب المصادر الأميركية فإنّ الباكستاني خالد شيخ محمد” كان العقل المدبّر لأحداث 11 أيلول 2001، وكان أبو حفص المصري هو القياديّ المنفِّذ للأحداث، وهو ما جعله في دائرة أهداف الولايات المتحدة، وقد قُتل في تشرين الثاني من عام 2001، بعد شهرين فقط من الهجوم الإرهابي على مركز التجارة العالمي في نيويورك.

كان أبو حفص المصري القائد العسكري لـ”القاعدة”، وكان على صلة قويّة بأسامة بن لادن، وقد زاد من هذه الصلة زواجُ محمد بن أسامة بن لادن من خديجة أبو ستة، ابنة أبي حفص.

 

أبو عبد الكريم المصريّ

في سوريا عمل تنظيم القاعدة عقب أحداث عام 2011 تحت اسم”جبهة النصرة” التي غيّرت غسمها عام 2016 واستبدلته بمسمى “جبهة فتح الشام” . وفي عام 2016 قامت “جبهة النصرة” بتغيير اسمها إلى “هيئة تحرير الشام”، ولتعلن بعدها خروجها من التنظيم العالمي.

لكن بعد ذلك، أعلن فصيل من “هيئة تحرير الشام” العودة إلى “القاعدة”، وتمّ تأسيس تنظيم “حرّاس الدين”، الذي يرتبط مباشرة بالتنظيم الدولي وزعيمه أيمن الظواهري، وينشط في إدلب.

أبرز قادة “حرّاس الدين” هو مصريّ يُدعى “أبا عبد الكريم المصري”، وقد رصدت واشنطن مبلغ خمسة ملايين دولار لِمَن يرشد إليه. وهو أبرز مصريّ في “القاعدة” بعد سيف العدل، ويشكّل موقفه حضوراً هاماً في حقبة ما بعد الظواهري.

 

قيادة مصرية ـ مغربية للقاعدة

تشير مراكز دراسات إلى أربعة مرشّحين لخلافة الظواهري، وهم سيف العدل (مصر)، وعبد الرحمن المراكشي (المغرب)، وأبو عبيدة العنابي (الجزائر)، وأحمد ديري (الصومال).

أبو عبيدة العنابي اسمه الحقيقي مبارك بن يزيد، حصل على بكالوريوس في الاقتصاد، وقد أصبح زعيم “القاعدة” في بلاد المغرب العربي عام 2020، بعد مقتل زعيم التنظيم عبد المالك دروكدال.

حسب المصادر الأميركية فإنّ الباكستاني خالد شيخ محمد” كان العقل المدبّر لأحداث 11 أيلول 2001، وكان أبو حفص المصري هو القياديّ المنفِّذ للأحداث

وأحمد ديري هو أحمد عمر ديري المعروف باسم أبي عبيدة الصومالي، وقد كان ضمن عناصر حركة “المحاكم الإسلامية”، وشارك في تأسيس “حركة الشباب الصومالية” التي تعدّ جزءاً من “القاعدة”، وقد أصبح أمير الحركة منذ 2014.

وتعتبر الولايات المتحدة أنّ سيف العدل هو الأخطر، ثمّ عبد الرحمن المغربي، ثمّ أبا عبيدة العنابي، ثمّ أبا عبيدة الصومالي. وقد رصدت لِمَن يدلي بمعلومات عن سيف العدل 10 ملايين دولار، وعن المغربي أو العنابي 7 ملايين دولار لكلّ منهما، وعن الصومالي 6 ملايين دولار.ويبدو أنّ المنافسة على الأرجح قد تنتهي بين سيف العدل المصري، وبين عبد الرحمن المغربي واسمه الفعلي محمد أباتي، وهو من مواليد مراكش، والقائد العامّ لـ”القاعدة” في أفغانستان وباكستان منذ 2012، ومؤسّس “مؤسّسة السحاب” الإعلامية، وزوج ابنة أيمن الظواهري.

وبحسب صحيفة “هسبريس” المغربية فإنّ تولّي عبد الرحمن المغربي القيادة يشكّل خطراً رمزياً واستراتيجياً على المغرب، ولاسيّما مع حضور التنظيم في دول الساحل والصحراء، وقوّته المتزايدة في إفريقيا.

لكنّ الأمر قد ينتهي لصالح سيف العدل، الذي كان يُعدّ الرجل الثاني في “القاعدة” بعد الظواهري، ثمّ كان الزعيم الموقَّت أو الإنتقالي للتنظيم بين قيادتي بن لادن ثم الظواهري، وهو الذي رتّب بيعة الأخير، وقد تتمّ بيعة الاثنين معاً: سيف العدل أميراً، وعبد الرحمن نائباً للأمير.

إقرأ أيضاً: تعقيباً على الشحيمي: طالبان لم تسلّم الظواهري..

سيكون اختيار سيف العدل زعيماً لـ”القاعدة” خبراً سيّئاً للعالم، مصر، وكذلك بالنسبة وسيكون لإختيار عبد الرحمن المغربي خبراً سيّئاً أيضاً للعالم، ولا سيّما المغرب. ذلك أن خليفة للظواهري هو استمرار لرحلة الدم، فكلّهم يتسابقون في صناعة الموت،وكلّهم في الشرّ سواء.

 

*كاتب وسياسيّ مصريّ. رئيس مركز القاهرة للدراسات الاستراتيجيّة. عمل مستشاراً للدكتور أحمد زويل الحائز جائزة نوبل في العلوم، ثمّ مستشاراً للرئيس المصري السابق عدلي منصور.

له العديد من المؤلَّفات البارزة في الفكر السياسي، من بينها: الحداثة والسياسة، الجهاد ضدّ الجهاد، معالم بلا طريق، أمّة في خطر، الهندسة السياسية.

 

مواضيع ذات صلة

رجال ترامب هم رجال إسرائيل!

تعكس اختيارات الرئيس المنتخب دونالد ترامب لبعض فريقه الرئاسي الجديد عمق سياساته المقبلة تجاه العالم ككلّ، وتجاه منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص. قيل لي…

هل ينفع الحوار مع إيران للاستغناء عن خدماتها؟

حين تتحدّث مع دبلوماسيين غربيين عاملين على مسائل لبنان والمنطقة هذه الأيام، يصغون بشيء من اللياقة لما يُعرض من التفاصيل المتعلّقة بصيغة لبنان، سواء في…

صواريخ إيران: شّبح صّينيّ مجهول

كيف تحوّلت إيران إلى مصنّع للصواريخ؟ الصواريخ الإيرانية الصنع تعزّز الآلة العسكرية الروسيّة في الحرب على أوكرانيا. وهذه الصواريخ الإيرانية تشكّل رأس الحربة العسكرية للحوثيين…

تشدّد الرّياض: عودة عربيّة إلى نظام إقليميّ جديد؟

توحي نتائج القمّة العربية – الإسلامية بأوجه متعدّدة لوظيفة قراراتها، ولا تقتصر على محاولة فرملة اندفاعة إسرائيل العسكرية في المنطقة. صحيح أنّ القمّة شكّلت حاضنة…