ترتفع نسب المخاطر عالمياً بسبب ازدياد تفشّي الأمراض والفيروسات، من كورونا وجدري القردة إلى فيروس “ماربورغ” الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية أخيراً انتشاره في غانا، حيث تمّ تسجيل إصابتين تأكّدت وفاتهما في وقت لاحق. وعبّرت المنظمة عن بالغ قلقها من انتشار الفيروس عالمياً، لأنه قادر على قتل المصاب خلال 3 أيام.
فماذا نعرف عن هذا الفيروس؟ ما مدى خطورته؟ وهل من الممكن أن يصل إلينا؟
دبيبو: الفيروس ينتمي إلى عائلة “إيبولا”، وهو مرض فيروسي يصيب الإنسان وغالباً ما يكون قاتلاً، وقد يصل معدّل الوفيات التي يسبّبها الوباء الناتج عن هذا المرض إلى 90%
الأعراض
في موازاة ذلك، هناك أعراض رئيسية لمن يصابون بالفيروس، إذ يبدأ المرض الناجم عن فيروس ماربورغ بصداع حادّ مفاجىء ووعكة شديدة. ومن أعراضه الشائعة أيضاً الأوجاع والآلام العضلية.
وعادة ما يتعرّض المريض لحمّى شديدة في اليوم الأوّل من إصابته، يتبعها وهن تدريجي وسريع.
أمّا في اليوم الثالث تقريباً فيُصاب المريض بإسهال مائي حادّ وألم ومغص في البطن وغثيان وتقيّؤ. ويمكن أن يدوم الإسهال أسبوعاً كاملاً. ويُظهر الكثير من المرضى أعراضاً نزفية وخيمة في الفترة بين اليوم الخامس واليوم السابع، علماً أنّ الحالات المميتة تتّسم عادة بشكل من أشكال النزف من مواضع عدّة.
من المُلاحظ أنّ وجود الدم الطازج في القيء والبراز يصحبه، في كثير من الأحيان، نزف من الأنف واللثّة، والمهبل بالنسبة إلى المرأة.
وفي الحالات المميتة تحدث الوفاة بين اليوم الثامن واليوم التاسع بعد ظهور الأعراض، ويسبقها عادة صدمة.
أول تفشٍّ وأصل التسمية
يشرح رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، غسان دبيبو لـ”أساس” هويّة هذا الفيروس، فيقول: “المرض كُشف عنه للمرّة الأولى في عام 1967 عندما تفشّى في مركزين واقعين في ماربورغ بألمانيا وبلغراد بجمهورية يوغسلافيا السابقة. وعُزِي ذلك التفشّي إلى أنشطة مخبرية تستعمل نسانيس إفريقية خضراء (Cercopithecus aethiops) استُورِدت من أوغندا. تمّ الإبلاغ لاحقاً عن حدوث تفشٍّ وحالات متفرّقة في أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا وجنوب إفريقيا (شخص تبيّن أنّه سافر إلى زيمبابوي قبل إصابته) وأوغندا”.
لقد نجح علماء من جامعة ماربورغ بألمانيا، بالتعاون مع متخصّصين في الفحص المجهري الإلكتروني الفيروسيّ في معهد “برنارد نوخت” في هامبورغ، في تحديد الفيروس ومصدره، وتبيّن أنّ جميع المُصابين يعملون في مجال إنتاج لقاحات شلل الأطفال ويحتكّون بالرئيسيات (القرود)، التي يُمكن أن تُصاب بالعدوى من خفافيش الفاكهة تماماً كالبشر.
دبيبو لـ”أساس”: المرض كُشف عنه للمرّة الأولى في عام 1967 عندما تفشّى في مركزين واقعين في ماربورغ بألمانيا وبلغراد بجمهورية يوغسلافيا السابقة
طريقة العدوى
أكّد دبيبو أنّ الفيروس ينتمي إلى عائلة “إيبولا”، وهو مرض فيروسي يصيب الإنسان وغالباً ما يكون قاتلاً، وقد يصل معدّل الوفيات التي يسبّبها الوباء الناتج عن هذا المرض إلى 90%.
كانت الحالة الأولى لشابّ يبلغ من العمر 26 عاماً، وقد توفّي في المستشفى بعد يوم واحد من دخوله. أمّا الحالة الثانية فهي لرجل يبلغ من العمر 51 عاماً توفّي في اليوم نفسه الذي دخل فيه المستشفى عينه. عانى المريضان من أعراض تشمل الإسهال والحمّى والغثيان والقيء.
أكّدت منظمة الصحة العالمية أنّ المرض، وهو حمّى نزفية شديدة العدوى من نفس عائلة الإيبولا، ينتقل بين الأشخاص عبر الاتصال المباشر بسوائل أجسام الأشخاص المصابين وأسطحها. وبينما يقتضي انتشاره بين البشر مخالطة أحد المصابين به عن كثب، فإنّه لا ينتقل بين البشر أثناء فترة حضانته.
يُصاب المرء بالعدوى جرّاء ملامسة دم المريض أو سوائل جسمه الأخرى (البراز والقيء والبول واللعاب والإفرازات التنفّسية) التي تحتوي على الفيروس بتركيزات عالية. وتزداد قدرة المصابين على نقل العدوى كلّما تطوّر المرض لديهم. ما يعني أنّ الوقاية والابتعاد عن المصابين تكفي للحماية الأوّلية منه.
من المسارات الشائعة لاكتساب العدوى مخالطة المصابين بحالات صعبة عن كثب، لدى تقديم الرعاية لهم في البيت أو في المستشفى، وبعض ممارسات الدفن. ويؤدّي استخدام معدّات الحقن الملوّثة بالفيروس أو التعرّض لوخز الإبر الملوّثة به إلى وقوع حالات أشدّ وخامة وتدهور الحالة الصحية بسرعة وزيادة احتمال الوفاة.
أمّا فترة الحضانة فتراوح بين 3 إلى 9 أيام، وفق منظمة الصحة. يجري إعداد دراسات إيكولوجية من أجل تحديد المستودَع الطبيعي لحمّى ماربورغ وحمّى الإيبولا على حدّ سواء.
أمّا عن لبنان فلا شيء مستبعد، وكما وصل جدري القردة فمن الممكن أن يصل ماربورغ. فالعالم بأجمعه معرّض لأن تصل إليه الفيروسات، وسنبقى ننتظر تقارير منظمة الصحة العالمية لمعرفة آخر التطوّرات.
إقرأ أيضاً: الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟
لا علاج ولا لقاح
يختم دبيبو: “لا يوجد لقاح ولا علاج محدّد لمكافحة هذا المرض. يجري على قدم وساق تركيب بعض الأجسام المضادّة الأحاديّة النسيلة، ويجري استكشاف مضادّات أخرى للفيروسات لعلاج مرض فيروس “ماربورغ”، مثل الغاليديسفير، والفافيبيرافير، والريمديسيفير، وذلك في إطار إجراء تجارب سريرية، لكن من دون الحصول على نتائج واضحة”.