لا ترشيحات علنيّة وواضحة لرئاسة الجمهورية حتى الآن، إضافة إلى الأسماء “الكلاسيكية” المتداوَلة. ليس في الأمر أيّ جديد ما دامت “مشاريع” رؤساء الحكومات ورؤساء الجمهورية تُطبخ دائماً في الكواليس بعيداً عن أيّ برامج انتخابية وترشيحات رسمية.
يُشار إلى أنّ اثنين من قادة الجيش، هما إميل لحّود وميشال سليمان، انتقلا، الأول عام 1998 والثاني عام 2007، من اليرزة إلى بعبدا، ولم يكن من سياق طبيعي يتيح إعلانهما الترشّح لرئاسة الجمهورية، تماماً كما هي حال قائد الجيش الحالي العماد جوزف عون أحد المرشّحين المحتملين لرئاسة الجمهورية. أبرز من كَسَر القاعدة النوّاب نسيب لحود وبطرس حرب وروبير غانم الذين تقدّموا بترشيحهم مع برامج انتخابية. ويصدف أنّ الثلاثة كانوا من خطّ الرابع عشر من آذار.
على ضفاف الترشيحات الرئاسية المعروفة التي يتمّ التداول بها، وعدم وضوح اصطفافات الأحزاب السياسية حيالها، يقول أحد نواب قوى التغيير لـ”أساس” إنّ “الاجتماعات بدأت بيننا، وملفّ رئاسة الجمهورية هو على رأس الأولويّات لجهة المعايير التي يجب أن يُنتخب على أساسها الرئيس المقبل وبرنامجه الانتخابي. هناك رفض قاطع للمرشّحين الخارجين من عباءة الأحزاب، وبالنسبة إلى المستقلّين سنرى مدى التطابق معهم في المعايير”.
تداعيات نهاية حقبة ميشال عون الرئاسية وحَمله لقب رئيس جمهورية سابق وخسارته لامتيازات الرئاسة الأولى مع كلّ ما رافق ولايته من نزاعات سياسية
يستبعد النائب “إعلان تسمية مرشّح رئاسي من ضمن صفوف نوّابنا، بل سندعم ترشيح مَن نلتقي معه في البرنامج الانتخابي والمعايير، وربّما نخوض المعركة بمرشّح نسمّيه مباشرة، وهذا رهن المعطيات والاتصالات والاجتماعات التي نقوم بها”. الجدير ذكره أنّ بعض النواب في صفوف التغييريّين يميلون إلى خيار تبنّي مرشح رئاسي باسم “التغيير”.
على ما يبدو فإن تجربة ترشيح نواف سلام حاضرة في أجندة عمل الترشيحات الرئاسية. يقول نائب قوى التغيير: “اجتمعنا مع ثلاثة مرشّحين لرئاسة الحكومة، بينهم نواف سلام، وقد دَعَمَ فريق منّا ترشيحه. ولو سارت القوات في هذا الخيار وبعض المستقلّين وارتفعت نسبة التأييد له لكان كلّ فريقنا صوّت له. في موضوع رئاسة الجمهورية سنضع لائحة من الأسماء وسنجتمع معهم. نتمنّى أن يعلنوا برنامجهم الانتخابي، لكن على الأقلّ فليعلنوه أمامنا وسنختار أحدهم ونخوض المعركة الرئاسية من خلاله”.
برّي قد لا يدعو لجلسة
شهر ونصف فقط هي المدّة التي تفصل عن بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية بين 31 آب و31 تشرين الأول. في هذا السياق يقول مطّلعون إنّه بعكس التسريبات عن توجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الدعوة تلقائيّاً لجلسة انتخاب رئيس من باب الضغط لإتمام الاستحقاق، فإنّ بقاء الصورة ضبابية حتى ذلك الوقت من دون ظهور ملامح مرشّح توافقي للرئاسة سيشكّل مانعاً أمام توجيه برّي الدعوة إلى النواب لانتخاب رئيس الجمهورية.
لذلك في واقع الأمر ستكون مهلة العشرة أيام الفاصلة عن نهاية ولاية ميشال عون ومغادرته قصر بعبدا ليل 31 تشرين الأول هي المحاولة الأخيرة لـ”إنتاج” الرئيس قبل دخول مرحلة الفراغ الرئاسي الذي ما يزال حتى الآن الخيار الأكثر تقدّماً في “سباق بعبدا”.
في هذا الصدد تُطرح تساؤلات جدّية عن مدى ذهاب الرئيس برّي في الضغط في سياق اللعبة الرئاسية في حال عدم التوافق على اسم.
منذ الآن تُعدّ ترتيبات انتقال عون من بعبدا إلى الرابية، لكن ليس إلى الفيلا نفسها التي كانت تقدمة من أحد الأصدقاء، وشغلها منذ عام 2005 حتى انتخابه رئيساً للجمهورية.
سيكون مقرّ إقامة ميشال عون الجديد الفيلا التي بدأ بناؤها عام 2014 وانتهى تشييدها عام 2016 بعد شراء العقار، وفق بيان سابق من رئاسة الجمهورية. طوال هذه المدّة كان منزل عون المتعدّد الطبقات، والمحاط بسور عازل عن الخارج، يحظى بحراسة أمنيّة من لواء الحرس الجمهوري.
خلال الولاية الرئاسية انتقل عون أكثر من مرّة إلى المنزل في زيارات استطلاعية فقط، مع العلم أنّ هناك باحة خارجية فسيحة أكبر من تلك الموجودة في منزله القديم، ومنذ الآن بدأت السيناريوهات عن احتمال تحوّلها إلى مقرّ للاحتجاجات والمعارضة الشعبية في حال ساءت الأمور. لكنّ أوساط رئيس الجمهورية تنفي ذلك.
إقرأ أيضاً: بكركي تُسقط معادلة الرئيس القويّ
من تداعيات نهاية حقبة ميشال عون الرئاسية وحَمله لقب رئيس جمهورية سابق وخسارته لامتيازات الرئاسة الأولى مع كلّ ما رافق ولايته من نزاعات سياسية انتهت بانهيار اقتصادي وماليّ واجتماعي شامل، هو ذلك الهاجس الذي بدأ يتسلّل إلى فريق رئيس الجمهورية الملاصق له من كبار الضبّاط والموظفين والعاملين معه من عمليات إقصاء لهم تأخذ شكل الكيديّة. وفق المعلومات، بدأ البعض منهم “القيام باللازم” في محاولة لحفظ الرأس والاستمرارية تحاشياً للتعرّض لمضايقات أو عمليات مُحاصَرة وتصفية حسابات.