لم يكن الوزير علي حمية الأوّل، لكن نرجو أن يكون الأخير. قبله أدخل حزب الله وزراء كثر إلى ملاك الجامعة اللبنانية، على سبيل المكافأة عن خدمات جليلة أسدوها إليه:
1- الدكتور عدنان السيد حسين: ربما كان أبرزهم. هو الذي “استحقّ” رئاسة الجامعة، بما ومن فيها، بعدما أسقط حكومة الرئيس سعد الحريري، بأن “خان” وعده الرئيس ميشال سليمان بأن يكون “الوزير الملك”، أي الوزير الشيعي من حصّة رئيس الجمهورية.
وحين طلب منه حزب الله أن يستقيل، ليكون الوزير الإضافي فوق “الثلث”، أي ليحوّل الثلث إلى “ثلث معطّل”، سارع إلى التنفيذ، ملتحقاً بوزراء حزب الله والتيار الوطني الحرّ وحركة أمل، وأسقطوا سويّاً حكومة الرئيس سعد الحريري حين كان في واشنطن يزور الرئيس الأميركي. وكان الثمن: رئاسة الجامعة.
2- حمد حسن: قبل السيد حسين فاز وزير الصحة السابق حمد حسن بدخول ملاك الجامعة اللبنانية، بمرسوم أصدرته حكومة حسان دياب في 1 أيلول 2020، بعد استقالتها إثر انفجار المرفأ في 4 آب من ذلك العام.
لم يكن الوزير علي حمية الأوّل، لكن نرجو أن يكون الأخير. قبله أدخل حزب الله وزراء كثر إلى ملاك الجامعة اللبنانية، على سبيل المكافأة عن خدمات جليلة أسدوها إليه
طراد حمادة: قبلهما استحقّ وزير العمل السابق طراد حمادة مكافأة “حزب الله” “الجامعية”. فقد كان جزءاً من الفريق الوزاري للحزب وحلفائه، وزيراً للزراعة والعمل في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الأولى، بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري عام 2005. يومها كان الحزب يريد الدخول إلى الحكومة بأسماء “غير حزبية”. وجد في حمادة ضالّته. ثمّ عيّنه وزيراً للعمل في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة عام 2006، واستقال مع سائر الوزراء الشيعة في تشرين الثاني 2006. وكافأه حزب الله “جامعياً” أيضاً.
حمادة الذي كوفئ قبل 16 عاماً بالدخول إلى ملاك الجامعة اللبنانية، لم يخفِ انتسابه إلى “حزب الله”. فقد كتب يقول قبل أيام: “كان لي شرف حضور الاجتماعات الأولى التي أنشأها حزب الله، وكان عليّ أن أنتظر سنوات طويلة ليكون لي شرف الانضمام إلى هذا الحزب المقاوم”.
“حظّ” علي حميّة السيّء
وحده الدكتور علي حمية كان حظّه سيئاً. لأنّه “جاء في زمن الثورة”. وما كان ممكناً قبل 17 تشرين 2019 لم يعد ممكناً بعده.
ففي جلسة الحكومة الأخيرة، وقبل أن تتحوّل إلى تصريف الأعمال بفعل انتخاب مجلس نواب جديد، صادقت الحكومة على مرسوم تفرّغ وزير الأشغال العامّة والنقل في حكومة تصريف الأعمال في الجامعة اللبنانية. وبعد حملة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تراجعت الحكومة بطلب من حمية.
العيب الرئيسي في المرسوم أنّ الحكومة سحبت اسم حميّة من ملفّ يضمّ 1.520 أستاذاً متعاقداً كان يُفترض أن يُقرّ تفرّغهم، بما هو حقّ مكتسب، وموزّعين على ثلاث سنوات، وفق الحاجات.
زاد الطين بلّة أنّ طرح مرسوم حميّة أتى من دون علم الوزير المعنيّ، أي وزير التربية والتعليم العالي عباس الحلبي، الذي اعترض وساجل. لكن لم يؤخَذ باعتراض الأخير، وكاد مرسوم حمية أن يمرّ لولا الضجّة التي أثارها ناشطون وصحافيون، إعلاميّاً وسياسيّاً. ووفق المعلومات المتداوَلة فإنّ حزب الله كان طرفاً مباشراً في مرسوم التعيين، وكان أيضاً طرفاً في التراجع عن المرسوم.
لم يقُل “حزب الله” كلمة في فضيحة مرسوم تعيين حمية. وهو كما فعل سابقاً، تجاهل قضايا مماثلة.
“تسلّل” الحزب
هناك آخرون تسلّلوا عبر “حزب الله” إلى مؤسسات الدولة، أسوة بنظراء لهم ينتمون إلى منظومة أحزاب تعاملت مع مؤسسات الدولة كأنّها مُشاعة تجري استباحتها كلّما لزم الأمر. غير أنّ مشكلة “حزب الله” هي أنّه يدّعي قيادة حملات مكافحة الفساد، فيما هو متورّط فيه كما ظهر في مرسوم حمية والمراسيم التي عرضناها آنفاً.
فبقية الأحزاب لا تقود حملات ضدّ الفساد، كما فعل الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله حين أسند إلى النائب حسن فضل الله متابعة ملف الفساد. فعقد الأخير في آذار الماضي مؤتمراً صحافياً عرض فيه كتاب “الفساد.. والقضاء: الملفّات الكاملة 2018-2022″، وقال: “لقد واجهنا في هذه السنوات الأربع صعوبات كبيرة، خصوصاً أنَّها حملت معها الانهيار الكبير الذي يحاصر أيّ إنجاز مهما كان كبيراً، لأنَّ حجم الانهيار غطَّى على كلّ شيء، ومن بين الصعوبات التي واجهناها لجوء الفاسدين الكبار إلى التلطّي بتركيبة النظام الطائفي وبالخطوط الحمر، لمنع محاسبتهم، واصطدمنا بتركيبة قضائية هي وليدة هذا النظام الطائفي بما فيها من اهتراء وتسييس…”.
إقرأ أيضاً: تعديل المرسوم 6433 بانتظار توقيع وزير الحزب!
لم يقُل “حزب الله” كلمة في فضيحة مرسوم تعيين حمية. وهو كما فعل سابقاً، تجاهل قضايا مماثلة. لكنّ الفارق هذه المرّة أنّه سقط علانية في امتحان الدخول إلى ملاك الجامعة اللبنانية، ولعلّ صمته يعبّر عن معادلة: “إذا ابتُليتم بالمعاصي فاستتروا”.