مقاطعة مسيحيّة في دائرة الجنوب الثالثة؟

مدة القراءة 7 د

في البقعة الانتخابية الكبرى في لبنان والأكثر عدداً لناحية كوتا الناخبين رَسَت “البورصة” في دائرة الجنوب الثالثة على ثلاث لوائح فقط تتنافس على 11 مقعداً (النبطية 3 شيعة، بنت جبيل 3 شيعة، مرجعيون-حاصبيا 2 شيعة، 1 أرثوذكس، 1 سنّيّ، 1 درزي).

 “زمّت” المعارضة مرشّحيها الذين فاق عددهم 25 إلى لائحتين تقفان بوجه لائحة تحالف الثنائي الشيعي والحزب القومي وطلال أرسلان.

خرق محتمل!

اللائحة الأكثر تفاؤلاً بإحداث خرق هي لائحة “معاً نحو التغيير” المكتملة التي تخوض معركة مصيرية تراوح احتمالاتها بين تسجيل “رقم” له دلالاته في بقعة انتخابية تُعتبر “مقفلة انتخابياً” أو، في حال حصول المعجزة، تسجيل خرق على مستوى المقعد الدرزي أو السنّيّ أو الأرثوذكسي، وربّما الشيعيّ، كما تقول أوساطها.

ضمّت اللائحة عن النبطية وسيم غندور، علي وهبي، ووفيق ريحان، وعن بنت جبيل خليل ذيب، حسن بزّي، وعلي مراد، وعن مرجعيون-حاصبيا فراس حمدان (درزيّ)، الياس جراده (أرثوذكس) ، محمد قعدان (سنّيّ) ، نزار رمال، وإبراهيم عبدالله (شيعيّان). 

اللائحة مدعومة من اليسار و”عامّيّة 17 تشرين” و”نبض الجنوب” و”الشعب يريد إسقاط النظام” وقوى 17 تشرين و”حراك النبطية” و”مواطنون ومواطنات” وبعض المستقلّين.

أمّا لائحة “صوت الجنوب” التي سُجّلت قبل ساعات قليلة من انتهاء مهلة تسجيل اللوائح فضمّت خمسة مرشّحين فقط هم محمود شعيب (النبطية) وحسن الشاعر (بنت جبيل) وكريم حمدان (درزيّ) ورياض عيسى (سنّيّ) وعباس شرف الدين (شيعي). وقد سحب عيسى ترشُّحه فاقتصرت اللائحة على أربعة مرشّحين فقط لن يقدّموا أو يؤخّروا في مسار المواجهة.

وجوه جديدة

في المقابل أدخلت لائحة الثنائي الشيعي وجهين جديدين عن المقاعد الشيعية الثمانية هما ناصر جابر في النبطية إلى جانب محمد رعد وهاني قبيسي، وأشرف بيضون في بنت جبيل مع أيّوب حميد وحسن فضل الله. وفي مرجعيون حاصبيا تبنّى الثنائي، بالتوافق مع أرسلان، ترشيح المصرفي والوزير السابق مروان خير الدين عن المقعد الدرزي إلى جانب علي حسن خليل وعلي فياض وقاسم هاشم وأسعد حردان.

وُصف ترشيح خير الدين بالأكثر استفزازاً في الدائرة بالنظر إلى الدور الذي لعبته المصارف في مرحلة الانهيار المالي، وأثبت بشكل أو بآخر أنّ الطبقة السياسية تستخفّ بردّة الفعل الشعبية حيال ممارساتها السلطوية.

بَلَغ الحاصل الانتخابي في الانتخابات الماضية 20,526 صوتاً، فيما بلغ عدد المقترعين 228,563 ناخباً أكثر من 80% منهم من الشيعة. تنافست يومذاك ستّ لوائح، وكانت لائحة تحالف المستقبل-التيار-أرسلان الأقرب إلى الخرق بعد حصولها على 17,058 صوتاً. فيما نالت لائحة “الشيوعي” 5,895 صوتاً، ولائحة القوات 4,463 صوتاً. 

ربح نظيف؟

رسا “الموديل” الانتخابي عام 2022 على مشهد مختلف تماماً. فـ”تيار المستقبل” غير معنيّ بالمعركة، والقوات عزفت عن تشكيل لائحة بعد رفض المعارضة بكلّ أطيافها وشخصيّات في تيار المستقبل التحالف مع معراب، والحزب الديموقراطي اللبناني.

أصبح حليف الثنائي الشيعي، والتيار الوطني الحر خارج الترشيحات بعدما قاد البازار الانتخابي والمقايضة في المناطق بينه وبين حزب الله إلى عدم خوضه المعركة بمرشّح للتيار كما فعل عام 2018 عبر ترشيح المهندس شادي مسعد عن المقعد الأرثوذكسي في مرجعيون- حاصبيا.

تتحدّث أوساط لائحة الثنائي الشيعي عن “ربحٍ نظيف لن يشوبه أيّ خرق حتى مع توحّد المعارضة ضمن لائحة مكتملة ربطاً بالقوة التجييرية الثابتة لحركة أمل وحزب الله وتجاوز عدد المقترعين الشيعة أكثر من 55%، إضافة إلى عدم مشاركة التنظيم الحزبي لتيار المستقبل في المعركة”، مشدّدةً على أنّ الهاجس الأهمّ هو “تحفيز الناخبين على المحافظة على نسبة الاقتراع نفسها”.

“لسنا كمالة عدد” 

من جهة أخرى، يقول وسيم غندور المرشّح عن المقعد الشيعي في النبطية على لائحة “معاً نحو التغيير”: “لقد بُذلَ جهدٌ جبّار لتأليف اللائحة، وكادت الأمور أكثر من مرّة أن “تفرط”، لذلك حصلت تضحيات، وهناك أناس كان يجب أن يكونوا على اللائحة لكنّهم قدّموا المصلحة العامّة على المصلحة الشخصية من أجل ولادة اللائحة”.

وعن احتمال الخرق يقول غندور: “المرشّحون على اللائحة ليسوا كمالة عدد. وكلّ فرد في اللائحة يتصرّف على أساس أنّ الخرق ممكن ومحتمل. وبعكس ما يتمّ تداوله فإنّ المقاعد الشيعية الثمانية ليست عصيّة على الخرق، والناخب عملياً سيكون أمام خيارين”.

يَطرح عزوف القوات عن تشكيل لائحة وعدم ترشيح التيار الوطني الحر لشخصية أرثوذكسية في مرجعيون تساؤلات عن وجهة التصويت المسيحي

مقاطعة مسيحيّة؟ 

من جهة أخرى، يَطرح عزوف القوات عن تشكيل لائحة وعدم ترشيح التيار الوطني الحر لشخصية أرثوذكسية في مرجعيون تساؤلات عن وجهة التصويت المسيحي، مع العلم أنّ باب الترشيح عن المقعد المسيحي الوحيد في الدائرة أقفل على أربعة مرشّحين هم النائب الحالي أسعد حردان عن الحزب القومي، فادي سلامة عن القوات، الدكتور الياس جرادة عن الحزب الشيوعي، ومرشّح المجتمع المدني فادي أبو جمرا.

تُقدّر أصوات التيار الوطني الحرّ في الدائرة بخمسة آلاف، والقوات أربعة آلاف. لكنّ المتابعين يرصدون عدم وجود حماسة لدى الناخبين المسيحيين للاقتراع، فيما يرى جزء منهم أنّ اللوائح الثلاث لا تمثّلهم، وتحديداً “الشارع الحزبي” مع عدم وجود مرشّح للتيار والقوات، وفي ظلّ مدّ شيعي كبير يشكّل أكثر من 80% من أصوات الناخبين في الدائرة.

بلغة الأرقام، وبناء على القوائم الانتخابية لعام 2018، بلغ عدد الناخبين الموارنة 23,739، والأرثوذكس 11,035، والكاثوليك 8,111، يقترع منهم 18%.

 في مرجعيون- حاصبيا يقترع حوالي 5 آلاف مسيحي، وفي بنت جبيل نحو 3,600، وفي النبطيّة نحو 2,000 مسيحي، أي ما مجموعه أكثر من 10 آلاف مسيحي في الدائرة كلّها.

ذهبت معظم هذه الأصوات في انتخابات 2018 إلى التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وقد نال مرشّح التيار شادي مسعد 1,670 صوتاً مسيحياً في مرجعيون، و1,800 في بنت جبيل، و1,600 في النبطية. فيما نال مرشّح القوات فادي سلامة 2,200 صوت مسيحي في مرجعيون، و1,500 في بنت جبيل، و400 في النبطية. وتوزّع نحو ألف صوت مسيحي بين 700 لأسعد حردان و300 للمرشّح الشيوعي.

في ظلّ غياب مرشّحي القوات والتيار يوجد ثلاثة احتمالات لوجهة التصويت المسيحي:

– الاقتراع لكن بنسبة أقلّ من الدورة الماضية. وفي هذه الحال تتوزّع الأصوات بين أسعد حردان والمرشّح الياس جرادة عن المقعد الأرثوذكسي.

– ترك القوات والتيار الحرّيّة للناخبين.

– التوافق الضمني على حصول مقاطعة مسيحية، وهو ما يعني تصويت نحو ألف مسيحي فقط من أصل 10 أو 12 ألفاً في الدائرة التي تضمّ 492 ألف ناخب (وفق قوائم الشطب الحالية).

إقرأ أيضاً: حاصل رابع للقوّات في “دائرة باسيل”؟

في حال المقاطعة، يقول متابعون، “سيثبّت المسيحيون أنّ اختيارات الثنائي لا تراعي خياراتهم ولا بيئتهم، وهو ما حدث منذ عام 1992 حين تمّ اختيار النائب أسعد حردان عن المقعد الأرثوذكسي في الدائرة، وقد بقي على لوائح الثنائي لهذه الدورة، وتبلغ مدّة نيابته في هذا العام 30 سنة، علماً أنّ حردان ينجح بالأصوات الشيعية وليس بالأصوات المسيحية، وهو واقع كرّس النقمة لدى المسيحيين على الثنائي الشيعي وخياراته”.

في المقابل، يطرح ترشيح الدكتور الياس جراده عن المقعد الأرثوذكسي على لائحة “معاً نحو التغيير” خياراً آخر أمام الجنوبيين ستُترجم نتائجه في صناديق 15 أيار، فيما يقرّ كثيرون أنّ لجرادة شريحة من المؤيّدين من كلّ الطوائف.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…