جدّد رئيس الجمهورية ميشال عون التأكيد أنّ الانتخابات النيابية ستجري في موعدها. مثله فعل أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. قبلهما، كان الأمين العام لـ”حزب الله” السيّد حسن نصرالله يتحدّث بلغة الجزم نفسها، مشدّداً على أنّ العراقيل الإدارية، والمرتبطة بالأجهزة القضائية والإدارية التي ستنظّم العملية الانتخابية، لن تكون سبباً لوقف مفاعيل الاستحقاق وتأجيله.
لعلّ تأكيد المؤكّد، قبل شهر واحد من موعد فتح صناديق “الرَيبة”، هو ما يرفع من منسوب هذه الريبة في نفوس المتشكّكين حول إمكانية حصول الانتخابات في موعدها أو تأجيلها. أمّا الأسباب التي قد تؤدّي إلى تطيير الاستحقاق فباتت مرتبطة بعاملين:
أوّلاً: التقديرات الأوّلية باتت تعطي الحزب وحلفاءه أرجحيّة نيابية. ولو أنّ هناك احتمالاً بعدم حصول هذا الفريق على الأكثرية النيابية، إلا أنّ حساباته تجزم بعدم حصول خصومه على هذه الأغلبية. لا بل في أسوأ الاحتمالات، قد ينال الحزب وحلفاؤه النصف زائداً واحداً. لهذا ثمّة من يعتقد أنّ الدول الغربية المتحمّسة للانتخابات من باب إحداث تغيير جذري، قد تكون في صدد مراجعة حساباتها بحيث لم تعد تمانع التأجيل إذا ما كان هذا الترحيل لمصلحة “التغييريّين”.
وفق معلومات “أساس”، فقد تبلّغ وزير الخارجية عدم استعداد أيّ من الهيئات والمؤسسات الدولية المانحة لتغطية هذه التكاليف التي تُقدّر بحوالي نصف مليون دولار
ثانياً: أكثر الأطراف تعرّضاً للاتّهام بالرغبة في التأجيل هو “التيار الوطني الحر” بعد تراجع حضوره الشعبي واحتمال خضوعه لانتكاسات نيابية. مع العلم أنّ الحزب وضع كلّ إمكانياته لدعم حليفه المسيحي على قاعدة ضمان عدم تراجع عدد نواب كتلة “لبنان القوي” إلى أقلّ من عدد نواب كتلة “القوات”. وهذا ما تؤكّده الأرقام الأوّلية الموضوعة على طاولة الحليفين. ومع ذلك، ثمّة من يعتقد أنّ رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل يفضّل تأجيل خضوعه لاختبار الصناديق، الذي سيكون هذه المرّة صعباً جداً، خصوصاً إذا أتت تطوّرات المنطقة لمصلحة فريقه بشكل قد يساعده على تحسين حضوره الشعبي.
تراجع الهيئات الدولية
وفق مصادر معنيّة، توجد مؤشّرات تدعم كلا الاحتمالين المذكورين أعلاه.
يكفي في هذا الصدد التأكّد من أنّ الهيئات الدولية تراجعت عن وعدها بتحمّل كلفة شحن صناديق الاقتراع إلى الخارج للإشارة إلى وجود لغم مكتوم قد ينفجر في أيّ لحظة. على الرغم من مساعٍ حثيثة من وزير الخارجية عبد الله بو حبيب للحصول على هذا الدعم أسوة بما فعلته وزارة الداخلية التي تمكّنت من نيل بعض الدعم من الـUNDP.
وفق معلومات “أساس”، فقد تبلّغ وزير الخارجية عدم استعداد أيّ من الهيئات والمؤسسات الدولية المانحة لتغطية هذه التكاليف التي تُقدّر بحوالي نصف مليون دولار. حتّى بعدما رفع بو حبيب الصوت عالياً شاكياً من الحاجة إلى هذا المبلغ.
تقول مصادر دبلوماسية معنيّة لـ”أساس” إنّ اعتماد الستين مليار ليرة، الذي رصدته الحكومة وأقرّه مجلس النواب لتغطية تكاليف العملية الانتخابية في الخارج، صار في موازنة وزارة المال التي يُنتظر منها أن “تُقرّش” هذا المبلغ إلى دولار، من خلال شرائه عبر منصة صيرفة لبدء دفع التكاليف والمصاريف في الخارج. وتؤكّد أنّ الوزارة مضطرّة إلى تحمّل تكاليف الشحن الذي سيحصل عبر شركة DHL، وأنّه “بعد مراجعة الحسابات المرتبطة بالعملية الانتخابية في الخارج، يمكن القول إنّ تمويل نقل الصناديق والعُدّة اللوجستية إلى مقارّ البعثات الدبلوماسية، لا يشكّل مبدئياً عائقاً أمام إجراء الاستحقاق”.
لكن، في المقابل، ثمّة قنابل موقوتة لا تزال موضوعة في صفوف الاحتياط:
– القنبلة الأولى هي لجوء بعض الدبلوماسيين إلى الإضراب العام ربطاً بالتشكيلات الدبلوماسية العالقة عند الرئيس ميقاتي. وهي قنبلة قد تنفجر في أيّ لحظة. ومن الواضح جداً أنّ باسيل يستخدم هذا الإضراب للضغط على رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب نبيه بري لإقرار التشكيلات في آخر أيام الحكومة، لأنّه مقتنع ومتأكّد أنّ برّي وميقاتي لن يمنحاه هذه الهديّة قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع لاعتبارات كثيرة. ولهذا يحاول باسيل الضغط باتجاه إقرارها لأنّ الأسابيع المقبلة هي الفرصة الأخيرة لتمرير هذه التعيينات. ثمّ تدخل الحكومة في نفق تصريف الأعمال الذي قد يمتدّ حتى نهاية عهد الرئيس عون.
إقرأ أيضاً: هل دخلت قطر على خطّ تمويل الانتخابات؟
– القنبلة الثانية لا تقلّ أهميّة وقد تفرض نفسها عشيّة فتح صناديق الاقتراع، وترتبط بالقضاة والأساتذة الذين سيشاركون في تنظيم العملية الانتخابية.
لهذا يؤكّد أحد المعنيين أنّه في حال اتُّخذ القرار بتطيير الاستحقاق، فالوسائل متاحة لذلك.