مقابل اللوائح الرئيسية الثلاث قد “تفرّخ” ثلاث لوائح لقوى التغيير والمجتمع المدني في دائرة بيروت الأولى.
هذه المرّة ليست فقط معركة كسر العظم بين “العونيين” والقوات، بل بين القوات والكتائب، واستطراداً القوات وأنطون الصحناوي، بعد انفصال النائب نديم الجميّل عن جبهة التحالف مع معراب ليلتحق بلائحة رئيس مجلس إدارة مصرف “سوسيتيه جنرال” أنطون الصحناوي.
لكن أبعد من هذا المشهد الانتخابي-السياسي في دائرة الأشرفية-الرميل-الصيفي، تؤكّد معلومات “أساس” أنّ لقاءً جمع النائب جبران باسيل وأنطون الصحناوي في باريس منذ مدّة، وفُتحت الخطوط مع “الخصم” السياسي والمصرفي، لكن ليس بهدف التنسيق السياسي والانتخابي، بل من زاوية براغماتيّة جبران باسيل العالية في التموضع ضمن سياق رسم مسار مستقبله السياسي بعد انتهاء العهد. ومن إحدى محطّاته مدّ الخطوط مع أحد رموز المنظومة المصرفية فيما يخوض تياره السياسي معركة مصيرية بوجه المصارف، ورأس حربتها القاضية غادة عون.
هذه المرّة ليست فقط معركة كسر العظم بين “العونيين” والقوات، بل بين القوات والكتائب، واستطراداً القوات وأنطون الصحناوي
يؤكّد مصدر مطّلع لـ”أساس” أنّ “هذا التقارب السياسي لا علاقة له بالانتخابات، حيث يتموضع الرجلان في لائحتين تتصارعان على مقاعد بيروت الأولى، وسيكون التيار الوطني الحر في مواجهة مزدوجة مع القوات والصحناوي. الأمر هو “تطبيع” للعلاقة وحسب بالنظر إلى قرب الصحناوي من الأميركيين وضمن مخطط باسيل لتحييد نفسه عن بعض مواقع التوتّر مع أطراف محسوبة على واشنطن. والدليل أنّ الحملات المتبادلة متوقّفة كليّاً بين الطرفين”.
عمليّاً يُشبه الأمر علاقة باسيل برجل الأعمال جيلبير الشاغوري. الأخير فرّقته الخلافات عن ميشال عون، وانتقل إلى ضفّة التحالف مع سليمان فرنجية. لكنّ الشاغوري في كلّ مرّة يزور لبنان يغطّ في ثلاثة مقرّات أساسية ليلتقي كلّاً من نبيه بري، فرنجية… وجبران باسيل، على الرغم من الخلاف مع ميشال عون!
لا يعرف كُثُر هذا المعطى المُستجِدّ في علاقة باسيل مع أنطون الصحناوي. لكن وفق تأكيد كثيرين لن يكون له أيّ تأثير على اللعبة الانتخابية “لأنّه أكبر وأبعد منها”.
لذلك فإنّ معارك “بيروت الأولى” مفتوحة في كلّ الاتّجاهات، ويُلخّص نتيجتها خبير انتخابي بالآتي: “وفق لغة الأرقام والتوقّعات العلمية للحواصل وكسورها سيكون لكلّ من لائحة التيار والقوات والصحناوي مقعدان. والأرجح ستحظى لائحة المعارضة بمقعدين، لكنّ الأمر متوقّف على توحّدها ضمن لائحة، وهو ما ليس متوافراً حتى الآن”.
تُنبئ عدّة مقاعد “فالتة” بمعركة قاسية في دائرة سيكون الحاصل الانتخابي فيها هو الأدنى بين كلّ الدوائر ومقاعدها الثمانية المسيحية سترسم حجم أحزاب وزعامات بيروت.
معركة التيّار
يخوض التيار الوطني الحرّ الكباش الأصعب بهدف الاحتفاظ بالمقاعد الأربعة التي “قشّها” في الانتخابات الماضية بالتحالف مع حزب الطاشناق ومسعود الأشقر (كاثوليكي، 2 أرمن أرثوذكس، مقعد الأقليّات).
بلغ مجموع أصوات اللائحة 18,373، لكنّ إعادة تثبيت هذا الرقم ستكون صعبةً بالنظر إلى هويّة ركّاب اللائحة، والأهمّ احتمال خسارة معظم بلوك الحليف الراحل مسعود الأشقر.
تؤكّد معلومات “أساس” أنّ لقاءً جمع النائب جبران باسيل وأنطون الصحناوي في باريس منذ مدّة، وفُتحت الخطوط مع “الخصم” السياسي والمصرفي
بعد أخذ وردّ، حسم الطاشناق قراره بالتحالف مع التيار، مع العلم أنّ سامي الجميل ونديم الجميل سعيا إلى جذب الطاشناق إلى لائحة الصحناوي، لكنّ حسابات الحزب الأرمني قضت بالبقاء في مركب واحد مع العونيين، إضافة إلى العلاقة السلبية بين الطاشناق والنائب جان طالوزيان.
نيكولا الصحناوي هو العوني الحزبي الوحيد على اللائحة عن المقعد الكاثوليكي، وقد حاز 4,788 صوتاً تفضيلياً في الانتخابات الماضية. عن المقعد الماروني سيكون رئيس هيئة قدامى القوات إيلي أسود، وسيمثّل الأقليّات شمعون شمعون، وهو صاحب مولّدات كهرباء في كرم الزيتون، أمّا الأرثوذكس فستمثّلهم الممثّلة كارلا بطرس، وعن مقعديْ الأرمن الأرثوذكس سيكون آغوب ترزيان وألكسي ماتوسيان.
على جبهة القوات، أدّى قرار نديم الجميل بالانفصال عن لائحة معراب إلى ترشيح جورج شهوان عن المقعد الماروني، وهو وجه بيروتي معروف ورئيس نادي الحكمة السابق ويُصنّف في خانة المستقلّ، وله خدماته في المنطقة. لكن بالتأكيد ستصبّ أصوات القواتيّين لمصلحة غسان حاصباني.
خسارة معراب
خسرت معراب، بعد نكسة الجميل، التحالف المحتمل مع ميشال فرعون بعد إعلان انسحابه من السباق الانتخابي. تؤكّد أوساط فرعون أنّه لم يحسم قراره لِمن سيجيّر أصواته، مع العلم أنّ أكثر من مرشّح تواصلوا معه بهدف التنسيق و”التجيير”.
انضمّ إلى لائحة القوات جهاد بقرادوني، نجل رئيس حزب الكتائب السابق كريم بقرادوني، عن أحد المقاعد الثلاثة للأرمن الأرثوذكس، وهو وجه ناشط في دائرة بيروت الأولى منذ انفجار المرفأ. وفادي نحاس عن المقعد الكاثوليكي، إيلي شربشي عن مقعد الأقليّات. وقرّرت القوات عدم ترشيح الوزير القواتي السابق ريشار قيومجيان عن الأرمن الكاثوليك الذي سيكون في مواجهة مباشرة مع المرشّح الكاثوليكي على لائحة الصحناوي جان طالوزيان.
أمام القوات معركة صعبة للحفاظ على “غلّتها” النيابية في بيروت الأولى بعدما نالت بفضل تحالفها عام 2018 مع فرعون ونديم الجميّل وأنطون الصحناوي وقوى 14 آذار ثلاثة مقاعد (أرثوذكسي، ماروني، أرمني كاثوليكي) بمجموع أصوات بلغ 16,772.
اليوم انحسرت معركة القوات إلى حاصلين بفعل تفرّق الحلفاء: مقعد الوزير السابق غسان حاصباني الذي حلّ محلّ واكيم مضمون، فيما التوقّعات عالية بخرق أحد مقاعد الأرمن الأرثوذكس الثلاثة ومقعد الأقليّات الذي يُشكّل “هدفاً” للأحزاب وشخصيّات المجتمع المدني.
إقرأ أيضاً: ميقاتي شكّل لائحتهُ… ولم يحرّك ماكينتهُ؟
هكذا بعدما كان يفترض بابن بشير الجميل أن يُشكّل لائحته الخاصة في الأشرفية بات ملحقاً بلائحة رئيسها أنطون الصحناوي ومرشّحها الأساسي النائب طالوزيان. وباتت لائحة القوات مكتملة باستثناء مقعديْ الأرمن الأرثوذكس ومقعد الأرمن الكاثوليك.
على مستوى لائحة المعارضة لا تزال جولات “تقييم” المرشّحين وتفضيل أحدهم على الآخر قائمة. تمايزات وخلافات تُرجّح عدم خوض المعركة بلائحة واحدة بسبب عدم الاتفاق بعد على لائحة موحّدة بين “تحالف وطني” و”مدينتي” مع ترجيح تفريخ لائحة ثالثة (قوى الثورة المنبثقة من 17 تشرين التي تربطها علاقة سيّئة مع النائبة بولا يعقوبيان) إلى جانب لائحة مدعومة من يعقوبيان وأخرى من قبل “مدينتي” في حال الانفصال. مع تسجيل عدم حصول توافق حتى الآن مع الوزير السابق شربل نحاس، وعدم تثبيت ترشيح زياد عبس على لائحة “وطني”.