8 آذار تربح الانتخابات (2/2): فخٌّ غربيّ؟

مدة القراءة 5 د

يقول مرجع في “الثنائي الشيعي” إنّ الفوز بالانتخابات النيابية ليس نزهةً. إذ يدرك قادة “المحور” أنّ هناك احتمالاً كبيراً أن يكون هذا فخّاً يجري إعداده بعناية، لإغراق قوى 8 آذار مجدّداً في المسؤولية عن البلد، وعن الانهيار الذي قد يصير أعمق وأكبر وأوسع وأكثر هولاً وشدّةً بعد الانتخابات.

وإذا كانت كلفة “ضبط” سعر صرف الدولار على 20 ألف ليرة قد قاربت مليار دولار في شهرين، فإنّ انفلاته بعد الانتخابات، في حال فوز حزب الله وحلفائه بالأكثرية المطلقة، قد يكون مقدّمةً لتحرّكات في الشارع ربّما تكون أقسى من ثورة 17 تشرين، وأكثر عنفاً. خصوصاً حين سيشعر اللبنانيون أنّه “ما فيش فايدة”، وأنّهم سيجوعون أكثر في ظلّ حكم تحالف 8 آذار وعودة بطل “الهيلا هو” جبران باسيل متربّعاً على عرش الترشّح لرئاسة الجمهورية، ما دامت الأكثرية النيابية في جيبه.

يقول مرجع في “الثنائي الشيعي” إنّ الفوز بالانتخابات النيابية ليس نزهةً. إذ يدرك قادة “المحور” أنّ هناك احتمالاً كبيراً أن يكون هذا فخّاً يجري إعداده بعناية، لإغراق قوى 8 آذار مجدّداً في المسؤولية عن البلد

سيكون أيضاً الخارج، عرباً وغرباً ومجتمعاً دوليّاً، في حِلّ من أيّ التزام مع دولة لبنان، التي “يحكمها حزب الله” و”بموافقة الشعب اللبناني”. ولذا لن تكون هناك حجّة مقبولة لعدم اعتبار لبنان مقاطعة إيرانية، وبشهادة الانتخابات. وليس واضحاً إن كان جبران باسيل، الذي سيستعير 3 نواب من الحزب، وسيدعمه الحزب في الحصول على نائب أو اثنين أو ثلاثة آخرين، بين الأصوات الشيعية في جبيل وجزّين والبترون، سيتراجع عن تحالفه مع الحزب في الداخل، على الرغم من العقوبات، وعلى الرغم من كلّ الرهانات التي تقول بخلاف ذلك.

لكن يسأل المرجع: “لِمَن سنترك البلد؟”. ويستفيض: “القوات اللبنانية رفعت السقف كثيراً، إلى مكان لا قدرة لأحد أن يجاريها فيه”. وهو بالطبع لا يستثني الطيّونة وخطابها ومفرداتها، وصولاً إلى الاستعداد ربّما لمواجهات عسكرية تعيد شبح الحرب الأهليّة.

أمّا وليد جنبلاط فهو في خانة “الحياد السلبي” بالنسبة إلى هذه القوى. بالطبع لا يريد المواجهة، لكنّه مستعدّ لها دوماً، وليس في وارد “التحالف”.

الخلل الوطنيّ بغياب السُنّة

نصل إلى السُنّة، الذين تعتبر قوى 8 آذار أنّ تغييبهم سيتسبّب “بخلل كبير في التوازن الوطني، وخلل في إدارة السلطة، يبدأ من مجلس النواب، لكنّه سيمتدّ إلى الحكومة وإلى كلّ مفاصل الدولة والإدارات”.

لكن يسأل المرجع السياسي: “ما هو البديل؟ هل نترك البلد؟ هل نؤجّل الانتخابات؟ هل نجلس ونتفرّج ونسلّم البلد؟ ولِمَن؟”.

تعاني قوى 8 آذار اليوم من غياب الشريك السنّيّ. ليس هذا وحسب. بل إنّها لا تجد مَن تفاوضه، ولا تجد مَن يتحدّث إليها. حتّى لو قرّرت أن تخسر الانتخابات

ويجيب مفصِّلاً الاختلاف بين مقاطعة المسيحيين في العام 1992 وبين المقاطعة السنّيّة التي تتوسّع اليوم. يعتبر أنّ رافعتين ساعدتا في نهوض البلد على الرغم من المقاطعة المسيحية بداية التسعينيّات:

1- العملاق رفيق الحريري، مع إمكانات مالية غير محدودة، ودعم عربي ودولي كبير لمشروعه.

2- تفويض أميركي وأوروبي وعربي إلى سوريا حافظ الأسد لإدارة لبنان.

على الرغم من هاتين الرافعتين، كانت جذوة “الثورة” تتّقد في نفوس المسيحيين، من تظاهرت الطلاب العونيين والقواتيين ضدّ “الاحتلال السوري”، مروراً بنداء المطارنة في العام 2000 بعد تحرير الجنوب، وصولاً إلى تشكيل “قرنة شهوان” ثمّ “لقاء البريستول”، بروحيّة ونواة مسيحيّتين، وليس انتهاءً باغتيال الحريري وانتفاضة الاستقلال، وما نعيشه منذ 2005 إلى اليوم.

لقد شهدنا الخلل الوطني بغياب القادة المسيحيين عن الحكم والسلطة يوصلنا إلى هنا، فكيف بغياب السُنّة، وفي غياب المال، وفي غياب رفيق الحريري، وفي غياب أيّ انتباه دولي، أو رافعة شبيهة بالتفويض العربي والدولي لسوريا، وفي ظلّ فوضى عالمية من أوكرانيا والصين وروسيا، مروراً بسوريا، وصولاً إلى إسرائيل وما بينهما من حروب ظلّ بين إيران وحلفائها وخصومها والعرب والخليج…

رئيس الجمهوريّة الجديد

تسمح هذه الفوضى بـ”تمرير” الانتخابات في لبنان، لاستعادة شرعية الحكم، نيابياً وحكومياً، وربّما لاحقاً بانتخاب رئيس للجمهورية ليس بعيداً عن توجّهات ميشال عون، استراتيجيّاً ومحليّاً، وإن كان الرئيس برّي سيضغط هذه المرّة للأخذ برأيه، الذي لو أُخِذَ به “لَما وصلنا إلى جهنّم العهد العوني”.

تعاني قوى 8 آذار اليوم من غياب الشريك السنّيّ. ليس هذا وحسب. بل إنّها لا تجد مَن تفاوضه، ولا تجد مَن يتحدّث إليها. حتّى لو قرّرت أن تخسر الانتخابات، فلِمَن ستهدي الأكثريّة؟ لا يوجد طرف مؤهّل ليفوز. والعرب لا يريدون التحدّث مع حلفائهم، فكيف مع مَن يعتبرونهم خصومهم؟

إقرأ أيضاً: 8 آذار تربح الانتخابات (1/2): 67 نائباً “بالجيبة”؟

في ظلّ فوضى الإقليم، وانهيار القوى المعارِضة لحزب الله وحلفائه، مع مقاطعة سنّيّة شبه رسمية، وحياد جنبلاطيّ “سلبيّ”، فإنّ “إسناد” جبران باسيل ببعض النواب المسيحيين المصطنَعين بأصوات شيعيّة، وتوسيع الحصّة السنّيّة في 8 آذار، سيكونان هما المخطّط في برلمان 2022، بانتظار انقشاع غيوم الحروب، من إقليمية إلى عالميّة ثالثة.

إلى ذلك الحين، أهلاً بكم في جمهورية حزب الله… وهذه المرّة بالصناديق، وبما يشبه التزكية.

مواضيع ذات صلة

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…

الثنائي وترشيح عون: سوياً ضده… أو معه

كعادته، وعلى طريقته، خلط وليد جنبلاط الأوراق عبر رمي قنبلة ترشيحه قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية، ليحرّك مياه الرئاسة الراكدة. قبيل عودته إلى…