التيار – الثنائي في بعبدا: أخطاء.. قد تصير خروقات

مدة القراءة 7 د

في خطاب إعلان مرشّحي التيار الوطني الحر للانتخابات النيابية برّر النائب جبران باسيل تحالفه مع “يللي ما بيشبهونا”.

الرسالة الأوضح كانت تستهدف حركة أمل ورئيسها نبيه برّي. اختصر المعادلة بـ”دمج الأصوات من أجل رفع الحواصل، لكن رح نبقى نقاتل المنظومة المالية والسياسية الراكبة منذ الـ 90 والمتحكّمة برقابنا ولن ننغمس بفسادهم. ولمّا تخلص الانتخابات كل واحد بروح ع بيته”.

خطابٌ لاقى أصداء سلبية جداً في عين التينة، لكنّ “القرار الكبير” صَدَرَ بـ”قش” الأكثرية، واستطراداً استيعاب الضربات المتبادلة من تحت الزنّار فيما التحالف “راكب من فوق”.

أسّست انتخابات 2018 لمسارٍ من التوتّر بين محازبي التيار في بعبدا، وتحديداً بين رئيس بلدية الحدت جورج عون والقيادي في التيار جورج حداد من جهة، والنائب حكمت ديب ومحازبين في التيار من جهة أخرى

يُشكّل قضاء بعبدا إحدى أكثر البقع الانتخابية التي تُظهِر تحالف “الخصمين” بوضوح. لكن يبدو أنّ باسيل يواجه معضلة أكبر بكثير من “إحراج” وضع يده بيد حركة أمل.

فقد قادت المفاوضات، بعد عمليات حسابية، إلى ضرورة الاجتماع في لائحة واحدة.

أعلنت “حركة أمل” ترشيح فادي علامة وحزب الله رشّح علي عمّار، ودرزيّاً رسا الخيار على فاروق الأعور الذي اختاره النائب طلال أرسلان بديلاً من فادي الأعور الذي قدّم أيضاً ترشيحه للانتخابات.

انكشاف عونيّ

أمّا مارونيّاً فالانكشاف العوني كان مدوّياً. في بقعة القصر الجمهوري ونبع “العصبية” البرتقالية، منطقة الحدث، والمقرّ الأهمّ لمعظم التحرّكات الاحتجاجية للتيار الوطني الحر والداعمة لرئيس الجمهورية، أُقفل أمس باب الترشيح للانتخابات من دون وضوح في “الرؤية العونيّة”.

التيار الوطني الحر، الذي حَصد عاميْ 2005 و2009 في دائرة بعبدا المقاعد المارونية الثلاثة و”زَمّت” حصّته إلى مقعدين في الانتخابات الماضية، أعلن مرشّحه الأوحد في انتخابات 15 أيار آلان عون.

لذلك ستكون الغلّة النيابية لقوى 8 آذار والتيار في بعبدا التي بلغت عام 2018 أربعة من أصل ستّة مقاعد معرّضةً بنسبة كبيرة لخسارة المقعد الماروني الذي كان يشغله النائب حكمت ديب، فيما هناك مقعد ماروني محسوم للنائب القواتي بيار بو عاصي.

وفق المتابعين ارتكب التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي أخطاء يمكن أن تقود إلى “خردقة” اللائحة. فالتيار “كسّر” بمرشّحَيْ الحدت النائب حكمت ديب ومنسّق الماكينة الانتخابية في القضاء ربيع طراف

معركة المجتمع المدنيّ

دائرة جبل لبنان الثالثة التي يبلغ الحاصل الانتخابي فيها 13 ألف صوت مفتوحة على كلّ الاحتمالات، بما في ذلك تسجيل المعارضة أو لائحة المجتمع المدني والمستقلّين خروقات تكتسب للمرّة الأولى حظوظاً مرتفعة. لكن حتى الآن تبرز صعوبة في جَمع “المُعارضين” الموزّعين على “مشاريع” لوائح ضمن لائحة واحدة تسهِّل حصول الخرق.

يقول مصدر متابع للعملية الانتخابية لـ”أساس”: “المعركة الأهمّ في بعبدا عنوانها هذه المرّة المجتمع المدني. وبالتأكيد يمكن لتوحّد المرشّحين في لائحة واحدة أن يقلب الأمور في بعبدا رأساً على عقب إلى حدّ احتمال تسجيل خرق في المقعد الماروني أو الشيعي أو الدرزي، ويعزّز هذا التوجّه تراجع شعبية الأحزاب، والأهمّ بلوك المغتربين الذي يُقدّر بأكثر من 13 ألفاً (في هذه الدائرة) والقادر على أن يؤثّر في وجهة التصويت”.

عام 2018 نالت لائحة المجتمع المدني أكثر من 11 ألف صوت، أي أنّها لامست الحاصل. ويوضح المصدر: “حتى لو تمّ تشكيل لائحتين سيبقى خطر الخرق قائماً من قبل مرشّحي المجتمع المدني”. 

خطأ التيّار والثنائيّ

وفق المتابعين ارتكب التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي أخطاء يمكن أن تقود إلى “خردقة” اللائحة. فالتيار “كسّر” بمرشّحَيْ الحدت النائب حكمت ديب ومنسّق الماكينة الانتخابية في القضاء ربيع طراف.

من جهة أخرى، أبعَدَ حِلف التيار-الثنائي الشيعي أحزاباً حليفة، ولا سيّما الحزب القومي وتيار المردة. أحزاب تملك بلوك أصوات يناهز خمسة آلاف، وكان بإمكانها أن تحسم الحاصل الرابع الذي أصبح اليوم في دائرة الخطر.

هذا البلوك من “الحلفاء” سيتوجّه على الأرجح نحو لائحة المجتمع المدني، فيما اعتكافه عن التصويت قد يمنح لائحة القوات-الاشتراكي كسراً أعلى يحصلون من خلاله على الماروني الثالث.

كان لافتاً في هذا السياق نسبة الأصوات التفضيلية التي نالها في استطلاعات الرأي منسّق قضاء بعبدا في تيار المردة رئيس بلدية بزبدين بيار بعقليني. لكنّ الأخير لم يقدّم ترشيحه للانتخابات، حيث إنّ مكانه الطبيعي لائحة الثنائي الشيعي المتحالف مع التيار الوطني الحر الذي يخوض معركة “تثبيت” مقعد آلان عون.

حلّ نائب التيار آلان عون في الانتخابات الماضية رابعاً في ترتيب الفائزين بالأصوات التفضيلية، إذ نال علي عمار 13,692، بيار بو عاصي 13,498، هادي أبو الحسن 11,344، آلان عون 10,200، فادي علامة 6,348، ثمّ حكمت ديب 4,428.

استبعاد ديب من السباق الانتخابي وتقديم استقالته من التيار الوطني الحر هما انعكاس لحجم “المَشكل” بين قواعد التيار في بعبدا، الأمر الذي ستظهر تأثيراته الملحوظة في توزيع الأصوات، خصوصاً في منطقة الحدت.

الرسالة الأوضح كانت تستهدف حركة أمل ورئيسها نبيه برّي. اختصر المعادلة بـ”دمج الأصوات من أجل رفع الحواصل، لكن رح نبقى نقاتل المنظومة المالية والسياسية الراكبة منذ الـ 90 والمتحكّمة برقابنا ولن ننغمس بفسادهم

لا منصور بون في بعبدا

تمكّن آلان عون بعد مسار في النيابة منذ العام 2005 وانتخابات حزبية داخل التيار من تحصين نفسه بحيثيّة حزبية وشعبية، حتّى من خارج الملعب العوني، أهّلته ليفرض نفسه مرشّحاً طبيعياً في الدائرة.

المشكلة أنّ الخلافات الحزبية داخل التيار وعدم بروز وجه “بعبداوي” شبيه بمنصور البون أو فريد هيكل الخازن في كسروان أو ميشال فرعون في بيروت صعّبت كثيراً على باسيل أن يختار “زميل” آلان عون على اللائحة.

أسّست انتخابات 2018 لمسارٍ من التوتّر بين محازبي التيار في بعبدا، وتحديداً بين رئيس بلدية الحدت جورج عون والقيادي في التيار جورج حداد من جهة، والنائب حكمت ديب ومحازبين في التيار من جهة أخرى.

لذلك أُصيب “بلوك الحدت”، حيث الخزّان الأكبر للأصوات العونية، بتصدّعٍ سيكون له تأثير مباشر على احتمال خسارة العونيين مقعدهم الماروني الثاني.

الأسمر خيار عون

مع إقفال باب الترشيح أمس برز اسم كلّ من شادي واكد الأسمر وفادي أبو رحال. ويأتي تبنّي ثلاثة مرشّحين موارنة على لائحة التيار ضمن تكتيك انتخابي لرفع مجموع أصوات اللائحة، فيما سيكون هناك عراك مباشر بين العونيين على توزيع الصوت التفضيلي.

في لعبة الزواريب داخل التيار زكّى رئيس بلدية الحدت جورج عون خيار الدكتور شادي واكد الأسمر على حساب الإطاحة بحكمت ديب وربيع طراف تمهيداً، كما يقول العارفون، لإخلاء الساحة أمام جورج عون نفسه أو نجله لخوض انتخابات 2026 النيابية.

في مطلق الأحوال، كلّ الأسماء المارونية، باستثناء آلان عون وبيار بو عاصي، لم تستطِع فرض نفسها كـ”حيثية” تستأهل خوض معركة صعبة كمعركة بعبدا التي يُرجّح أن يخرج فيها التيار للمرّة الأولى منذ 2005 بنائب واحد.

تحالف القوّات-الاشتراكي

تبدو الصورة على جبهة تحالف القوات-الاشتراكي-الأحرار أكثر وضوحاً. فالمرشّحون الموارنة هم نائب القوات بيار بو عاصي، إلى جانب كميل شمعون وألكسندر كرم، إضافة إلى النائب هادي أبو الحسن عن المقعد الدرزي، فيما لم يُحسم الاسم الشيعي بعد مع ترجيح سعيد علامة.

إقرأ أيضاً: انتخابات 2022: الحزب يمثّل كلّ لبنان

نقاط ضعف لائحتيْ التيار والقوات قد تستفيد منها لائحة المعارضة التي لم تحسم هويّة ركّابها بعد. في هذا الإطار يبرز ترشيح الممثّلين عن “الخط التاريخي” المُنشقّ عن “تيار باسيل” نعيم عون (ماروني) ورمزي كنج (شيعي)، إضافة إلى عبدو دكاش ابن شقيق النائب السابق بيار دكاش (ماروني)، وتُبذَل الجهود لتشكيل لائحة تُرضي الرأي العام وتتمتّع بالصدقيّة.

ما يعترض توحيد اللائحة حتى الآن هو انقسام آل الحلو، إذ يرشّح حزب الكتلة الوطنية ميشال الحلو، فيما يدعم حزب الكتائب العميد المتقاعد خليل الحلو، والاثنان من بعبدا.

مواضيع ذات صلة

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…

تعيينات ترامب: الولاء أوّلاً

يترقّب الأميركيون والعالم معرفة ماذا تعلّم الرئيس ترامب من ولايته الأولى التي كانت مليئة بالمفاجآت وحالات الطرد والانشقاقات، وكيف سيكون أسلوب إدارته للحكم في ولايته…

الميدان يَنسِف المفاوضات؟

لا شيء في الميدان على المقلبين الإسرائيلي واللبناني يوحي بأنّ اتّفاق وقف إطلاق النار يسلك طريقه إلى التنفيذ. اليوم ومن خارج “دوام عمل” العدوّ الإسرائيلي…