تتسارع خطوات تخفيف الإجراءات الاحترازية حول العالم، تمهيداً للدخول في مرحلة التعايش مع فيروس كورونا. وقد تخلّصت دول كثيرة بالفعل من بعض الإجراءات المتعلّقة به، فيما تتّجه دول أخرى إلى التخلّص من كلّ القيود التي فرضتها الجائحة على مدار أكثر من سنتين.
الوضع في لبنان
وصلت نسبة الذين تلقّوا جرعتين من اللقاح إلى 41.9% حتى تاريخ أمس، وهي نسبة متدنّية، فما هي أسباب عدم وصول لبنان إلى مناعة مناسبة تتخطّى 80% أو 85%، تماماً كما حصل في الدول التي رفعت قيود كورونا؟
مصادر وزارة الصحة لـ”أساس”: سبب تدنّي نسبة التلقيح هو قلّة الوعي، مشيرة إلى أن لا نقص في اللقاحات أو أيّ شي آخر
رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية المعدية في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، والمستشار في لجنة “منظمة الصحّة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط” البروفيسور غسان دبيبو أكّد لـ”أساس” أنّ “سبب ذلك يعود إلى الخوف والتردّد في أخذ اللقاح لأسباب واهية، فهناك مَن يعتبر أنّ الكورونا لا تستدعي أخذ اللقاح، فيما قسم آخر يعتقد أنّه أُصيب بالفيروس ولا داعي للّقاح. وينطبق هذا الأمر على المناطق الواقعة خارج بيروت، وتحديداً في الشمال والبقاع والجنوب، حيث ما زالت نسبة التلقيح متدنّية. ومن الممكن أن لا نصل إلى نسبة تلقيح جيدة مقارنة بالدول الأخرى على الرغم من توافر اللقاحات”.
من جهتها، أكّدت مصادر وزارة الصحة لـ”أساس” أنّ سبب تدنّي نسبة التلقيح هو قلّة الوعي، مشيرة إلى أن لا نقص في اللقاحات أو أيّ شي آخر.
بالمقابل، تساءل وزير الصحة الأسبق محمد جواد خليفة عبر “أساس” عن سبب تدنّي نسبة التلقيح فيما تتوافر اللقاحات ولم يعد المرض عامّاً كما في السابق.
ورأى خليفة أنّ “عدد الإصابات سيشهد تراجعاً كبيراً مع اقتراب الطقس الدافئ. فالمرض تحوّل من pandemic، أي من كونه مرضاً شاملاً في كلّ الدول مع إجراءات هي نفسها في كلّ أرجاء الكرة الأرضية، إلى مرض يصيب دولاً أكثر من أخرى. لذلك نرى دولاً ما زالت متشدّدة بالإجراءات، ودولاً أخرى استرخت مثل الدول الإسكندينافية”.
وتوقّع نهاية فيروس كورونا خلال هذا العام، قائلاً “سيبدأ بالانحسار بشكل كبير، وسينحصر انتشاره في بؤر محدّدة حول العالم، ولا سيّما الدول التي لم تستطع أن تصل إلى نسب تلقيح مرتفعة. الأمر الأهمّ أنّه تحوّل من مرض قاتل ومجهول طبّياً ليست له علاجات إلى مرض أصبحت له علاجات، وتمكّن الأطبّاء من التأقلم معه، وسيحوِّله توافر اللقاحات إلى مرض نتعايش معه، وسيُضاف لقاحه إلى لقاحات الإنفلونزا السنوية”.
فهل آن أوان التخلّي عن الكمّامة والإجراءات الوقائيّة؟
يسيطر على اللبنانيين نوع من الاسترخاء في ما يتّصل بالإجراءات الوقائية من كورونا. لذلك نصح خليفة بالاستمرار في اتّباع الإجراءات الوقائية بحدّها الأدنى، إذ لا نستطيع أن نرفع القيود بالوتيرة نفسها التي رفعتها الدول الأوروبية والإسكندينافية، ولا نستطيع مقارنة لبنان بها، فنحن نتعلّم من هذه الدول وأرقامنا لا تزال خلف أرقامها بكثير.
توقّع خليفة نهاية فيروس كورونا خلال هذا العام، قائلاً “سيبدأ بالانحسار بشكل كبير، وسينحصر انتشاره في بؤر محدّدة حول العالم، ولا سيّما الدول التي لم تستطع أن تصل إلى نسب تلقيح مرتفعة
من الدول التي رفعت قيود كورونا:
– قطر: أعلنت عدم إلزام المواطنين والمقيمين والزائرين بارتداء الكمّامات في الأماكن العامّة المفتوحة، ويستمرّ العمل بإلزاميّة ارتداء الكمّامات في جميع الأماكن المغلقة.
– الإمارات: أعلنت أنّها ستلغي القيود على الطاقة الاستيعابية لكلّ الأنشطة والفعّاليات تدريجياً.
– سلطنة عُمان: قرّرت السلطات تخفيف القيود المتعلّقة بفيروس كورونا المفروضة على عدّة أماكن، بينها المساجد ومواقع العمل.
– تونس: أعلنت وزارة الشؤون الدينية استئناف صلاة الجمعة.
– الكويت: صدر قرار العودة إلى رصّ الصفوف في المساجد وفتح المجمّعات التجارية أمام الجميع، وإلغاء التباعد في قاعات السينما والمسارح والحفلات للمحصّنين، فيما يدخل غير المحصّنين إذا كان بحوزتهمPCR سلبيّ النتيجة.
– الأردن: أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة فيصل الشبول أنّ تنفيذ الإجراءات التخفيفية سيبدأ في الأوّل من آذار.
– السويد: تمّ إلغاء كلّ القيود تقريباً، وإيقاف معظم الفحوصات للكشف عن الإصابة بالفيروس. وأعلنت الحكومة السويدية أنّها ستلغي القيود المتبقّية وستسمح للمطاعم بالبقاء مفتوحة بعد الساعة 11 مساء من دون قيود على عدد الأشخاص، ورفع القيود عن عدد الحضور في الفعاليّات المقامة بالأماكن المغلقة، وإلغاء إلزامية شهادات “التطعيم”، معلنةً بذلك انتهاء الجائحة فعليّاً.
– فرنسا: أعلن المتحدّث باسم الحكومة غابرييل أتال أنّه سيتمّ قريباً إلغاء إلزامية شهادة “التطعيم” في أواخر آذار أو أوائل نيسان المقبلين بسبب تحسّن الوضع الصحّي.
– الولايات المتحدة: أعلنت سلطات ولاية نيويورك إنهاء إلزاميّة ارتداء الكمّامة داخل الأماكن المغلقة، وإلغاء إلزام الشركات لعملائها بتقديم شهادات اللقاح.
هل تسرّعت هذه الدول؟
أرجع وزير الصحة الأسبق محمد جواد خليفة في حديثه إلى “أساس” أسباب قرار بريطانيا رفع قيود كورونا إلى أنّها “تمكّنت من الوصول إلى نسبة مناعة مرتفعة عبر اللقاحات تخطّت 75%، وعبر المصابين الذين اكتسبوا مناعة إثر إصابتهم بكورونا”.
إقرأ أيضاً: كورونا: حاسّة الشم قد لا تعود
واستشهد بـ”دراسة بريطانية أُجريت أخيراً أظهرت أنّ نسبة المناعة وصلت إلى 93%، وهي مناعة مركّبة اُكتُسبت عبر اللقاحات وعبر الإصابة بالفيروس. من هذا المنطلق قرّر المعنيّون التخفيف من الإجراءات بشكل كبير، ورفع القيود بشكل تدريجي مع مراقبة عدد الإصابات، فيما نسبة الفحوصات الإيجابية لم ترتفع”.
وختم بالقول: “لقد كرّرنا طويلاً الدعوة إلى تحقيق نسبة مناعة تتخطّى 80% كي نتمكّن من السيطرة على المرض، على غرار الدول التي أعلنت تخفيف أو رفع الإجراءات”.