“وقف الأمور لمّا توصل بيت الشّعر”. كلمات كان قد قالها وليّ عهد أبو ظبي الشّيخ محمّد بن زايد في خضمّ عمليّة “عاصفة الحزم” سنة 2016 مخاطباً المُنتسبين للخدمة الوطنيّة.
اليوم، عادَ الإماراتيّون وروّاد مواقع التّواصل الاجتماعي ليتداولوا المقطع الذي يشدّد فيه “بو خالد” على أنّه: عندما تصل الأمور لـ “بيت الشّعر” والمساس بالأرض والعرض، فحينها لن يجد ذاك المتعدّي منّا سوى لغة النار والبارود، فلا مجال للتفريط بالوطن، ولا خيار للرّجال سوى حمايته، فهو “فرض”.
ارتكبت ميليشيات الحوثي خطأً فادحاً، وخطّت بيدها بداية النّهاية. لن يمرَّ استهداف العاصمة الإماراتيّة أبو ظبي مرور الكرام. هذا ما تُؤكّده مصادر عليمة بطريقة تفكير المسؤولين الإمارتيين وقيادة التّحالف. وهذا ما يُؤكّده أيضاً الخطأ الذي ارتكبته المليشيات.
قرّرَ الحوثيّون تعدّي حدود قواعد الاشتباك، وعليه بدأت مرحلة جديدة في اليمَن لن تكون لصالح “الإرهابيين” على حدّ وصف المصادر. الثّمَن الذي سيدفعه الحوثي سيكون باهظاً، خصوصاً أنّه يستعمل المُنشآت المدنيّة في اليمن، وتحديداً مطار صنعاء الدّولي وميناء الحُدَيْدة، غطاءً لاعتداءاته على المملكة العربيّة السّعوديّة ودولة الإمارات العربيّة المُتّحدة.
تضيف مصادر التّحالف العربيّ لـ”أساس” إلى أنّ استهداف المُنشآت المدنيّة في أبو ظبي فتَحَ باب النّقاش داخل أروقة التّحالف عن كيفيّة الرّد على الاعتداءات الحوثيّة. وصار من شبه المُؤكّد أنّ الرّد على الميليشيات المدعومة إيرانيّاً سيكون ثُلاثيّ الأبعاد.
الأوّل: مطار صنعاء الذي يُسَيطر عليه الحوثيّون وعناصر الحرس الثّوريّ وحزب الله فقدَ حصانته المدنيّة بعد تحويله إلى قاعدةٍ عسكريّة ونُقطة تخزينٍ وإطلاقٍ للطائرات المُسيّرة الانتحاريّة والهجوميّة. وهذا ما وثّقه التّحالف في الخرق الاستخباريّ الذي عَرضَ نتائجَه المُتحدّث باسم التّحالف العميد الرّكن تُركي المالكي قبل أسابيع قليلة. ومن هذا منطلق اعتبار مطار صنعاء هدفاً مشروعاً للتّحالف.
الثّاني: ميناء الحُديْدة يُعتبَر شرياناً أساسيّاً لتغذية التّرسانة الحوثيّة بالطّائرات المُسيّرة والصّواريخ الباليستيّة الآتية من الموانئ الإيرانيّة. وتُؤكّد أنّه على الرّغم من ما أسمته “إعاقة” بعض الجهات الدّوليّة لتحرير الميناء من هيمنة الحوثيين تحت حججٍ مُتعدّدة منها “الحلّ السّلميّ” و”مدنيّة المُنشأة”، فإنّ قضيّة تحرير الميناء من القبضة الحوثيّة صارت محلّ نقاشٍ جديّ لدى قيادة التّحالف التي قد تُعلن قريباً عن خطوات من شأنها إعادة الميناء إلى الشّرعيّة اليمنيّة.
الثّالث: تعتبر مصادر التّحالف العربيّ أنّ أبلغَ ردٍّ على “العدوان الحوثي” سيكون على جبهات القتال. إذ اعتبرَت أنّ الدّافع الأوّل لاستهداف أبو ظبي من قِبَل الميليشيات الموالية لإيران هو الخسائر الفادحة التي مُنيَت بها على مُختلف جبهات القتال في مأرب وشبوة والبيضاء والجوف وقريباً في تعز.
الدّور الإماراتي في دعم ألوية العمالقة التي يطغى عليها الطّابع اليمنيّ الجنوبيّ كان السّبب المُباشر في إصابة الحوثيين في “نوبة هستيريا” دفعتهم لاستهداف أبو ظبي
في إطار تنسيق الرّد، سُجِّلَ مساءَ الاثنيْن اتصالٌ بالغ الأهميّة بين وليّ العهد السّعوديّ الأمير محمّد بن سلمان ووليّ عهد أبو ظبي الشّيخ محمّد بن زايد. وفي المعلومات التي حصلَ عليها “أساس” أنّ الاتصال بحثَ تطوير التّنسيق بين البلديْن لردٍّ مُتناسِب على الميليشيات الحوثيّة. كما بحثَ الجانبان تنسيق العمل الدّبلوماسيّ في الأُمم المُتّحدة ودول القرارِ للضّغط على جماعة الحوثيّ.
وتجدُر الإشارة إلى أنّ دولة الإمارات عضوٌ غير دائم في مجلس الأمن الدّوليّ، وستستثمر هذا الموقع لإعادة تكوين واقع سيّاسيّ دُوليّ حول اليمن مُختلف عن الوضع الحالي. وفي الحراك الدّبلوماسيّ الإماراتيّ، ذكرَ موقع AXIOS الأميركي نقلاً عن مسؤول إماراتيّ رفيع المُستوى أنّ وزير الخارجيّة الإماراتيّ الشّيخ عبدالله بن زايد آل نهيّان طلَبَ من نظيره الأميركيّ أنتوني بلينكن في اتصالٍ بينهما يوم الاثنين إعادة تصنيف واشنطن المليشيات الحوثيّة مُنظّمة إرهابيّة .
خالد بن سلمان: مليشيا الحوثي تتحمّل العواقب
أما نائب وزير الدّفاع السّعوديّ، الأمير خالد بن سلمان، فقد أكّد في تغريدةٍ عبر حسابه على تويتر مساءَ الثلاثاء، أنّ ميليشيات الحوثي “اختارت مساراً تصعيديّاً وستتحمل منفردة نتيجة عبثها بمستقبل اليَمن، وتعنّتها واعتداءاتها على دول الجوار”.
وأكّدَ أنّ “استمرار دعم ميليشيا الحوثي الإرهابيّة بالأسلحة والمعدّات وتدفّقها عبر البحر من خلال ميناء الحُدَيْدَة وميناء الصليف، وتحويل الميناءين إلى مركزيْ تهديدِ لأمن الدّول المجاورة والمَمَرّات البحريّة الدولية، يُمثُّل خرقاً لقرارات الأمم المُتّحدة والقوانين والأعراف الدوليّة، ويستدعي جهداً دولياً للتّصدي له”.
وختَمَ بالقول: “في هذه اللّحظات التاريخيّة التي تشهدُ تقدماً عسكريّاً في جميع المحاور في اليمن، ستُسجّل المواقف البطوليّة لكلِّ قادتها ورجالها من كل الأطراف بأحرفٍ من ذهب، وسيتبعها تحقيق نجاحات أخرى – بإذن الله- تعجل بالأمن والاستقرار للشعب اليمني والمنطقة”.
إقرأ أيضاً: الإمارات وراء سد مأرب… إيران وراء حروبها
باتَ مُؤكّداً أنّ الدّور الإماراتي في دعم ألوية العمالقة التي يطغى عليها الطّابع اليمنيّ الجنوبيّ كان السّبب المُباشر في إصابة الحوثيين في “نوبة هستيريا” دفعتهم لاستهداف أبو ظبي. كما أنّ الطّائرات المُسيّرة الصّينيّة التي زوّدت بها أبو ظبيّ “العمالقة” كان لها الدّور الحاسم على جبهات القتال التي تهاوت أمام أرتال العمالقة.
في الآونة الأخيرة، دائماً ما كانت المملكة العربيّة السّعوديّة ودولة الإمارات تدعوان الحوثي لـ”التّعقّل” والجلوس إلى طاولة المُفاوضات لحلّ الأزمة اليمنيّة على اعتبار أنّه جزءٌ من النّسيج اليمنيّ. لكنّ إصرار الحوثيّين على تجاوز الخطوط الحمراء برهنَ أنّ الميليشيات ليست سوى ذراعاً إيرانيّة تعبث بأمن اليمن والخليج العربيّ… وبناءً على هذا الأمر ستُترجَم الوقائع على الأرض. للأحداث تتمّة…