الهيئة العامة فاقدة للنصاب: من المسؤول في دعوى فنيانوس؟

مدة القراءة 5 د

بدءاً من أمس، باتت الهيئة العامة لمحكمة التمييز برئاسة القاضي سهيل عبود خارج الخدمة تماماً بعد إحالة القاضي روكز رزق إلى التقاعد.

وقد بقي من أعضائها العشرة من رؤساء محاكم التمييز بالأصالة القضاة: سهير الحركة وعفيف الحكيم وجمال الحجار. أمّا البقيّة فهم في وضعية الانتداب في غرف التمييز، ولذلك لا يحقّ لهم المشاركة في اجتماعات الهيئة العامّة. 

والهيئة المناط بها النظر في دعاوى مُخاصمة الدولة فقدت نصابها قبل أن تبتّ دعوى مخاصمة الدولة المقدّمة من الوزير السابق يوسف فنيانوس، عبر وكيله المحامي نزيه خوري، عن المسؤولية الناجمة عن أخطاء ارتكبها المحقق العدلي في قضية انفجار كرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، خلال تحقيقاته. 

سنشهد أسابيع إضافية من الجمود في ملفّ التحقيقات، لن تتمكّن خلالها الهيئة العامة من بتّ دعاوى نقل جديدة بحقّ البيطار أو إصدار أيّ قرار

مماطلة عبّود

وتقول أوساط قضائية في هذا السياق لـ”أساس” إنّ “المهلة الفاصلة بين تسلّم الهيئة العامة دعوى فنيانوس وفقدانها النصاب كانت كافيةً لإصدار قرارها في الدعوى، لكن يبدو أنّ الريّس عبود كان يعلم أنّ آراء بعض أعضاء الهيئة العامة مخالفة لرأيه فتعمّد المماطلة في بتّ الدعوى”. 

وتتساءل المصادر: “هل هذا مُخطّط من جانب القاضي عبود للضغط على مجلس القضاء الأعلى والسلطة السياسية من أجل ملء الشغور في مراكز رؤساء غرف محاكم التمييز في مقابل بتّ دعوى فنيانوس وغيرها من الدعاوى التي قد تُقدّم إلى الهيئة العامة؟”. 

وهنا تفيد المعلومات عن وجود خلاف كبير بين ما يطلبه عبود من أسماء قضاة لتعيينهم في رئاسة غرف التمييز وبين رأي معظم أعضاء مجلس القضاء الأعلى.

ويروي العارفون أنّ القاضي عبود اصطدم أيضاً بموقف مجلس القضاء الأعلى حين وافق الأخير على استقالة القاضيات كارلا قسيس وجانيت حنّا ورولا الحسيني. 

وبعد عودة القاضيتين قسيس وحنّا عن استقالتهما، طالب عبود مجلس القضاء الأعلى بإصدار قرار قبول العودة عن الاستقالة، لكنّ المجلس رفض ذلك مؤكّداً أنّ الملف بات بعهدة وزير العدل.

فؤاد السنيورة

في سياق دعوى فنيانوس كان فريق الدفاع عن وزير الأشغال السابق يعوّل على أن يأتي قرار “الهيئة العامة” منسجماً مع قرارٍ أصدرته الهيئة نفسها قبل 21 عاماً قضى باعتبار ملاحقة الرئيس الأسبق للحكومة فؤاد السنيورة في ملفّ نفايات برج حمود من صلاحيّة المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

يُذكر أنّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز أصدرت في 25 تشرين الثاني الماضي أربعة قرارات برفض دعاوى مخاصمة (مداعاة) الدولة التي تقدّم بها رئيس الحكومة السابق حسّان دياب والنائب نهاد المشنوق، إضافة إلى خليل وزعيتر، ضدّ قرارات المحقّق العدلي وقضاة محكمتيْ الاستئناف والتمييز الذين سبق أن رفضوا طلبات ردّ البيطار.

معلومات “أساس”: الهيئة العامة لمحكمة التمييز ستبقى خارج الخدمة حتى إشعار آخر. فإجراء تشكيلات جزئية لتعيين رؤساء غرف بالأصالة دونه صعوبات بسبب غياب التوافق السياسي

لذلك لا قرار في دعوى فنيانوس قبل ملء الشغور في الهيئة العامة التي باتت معطّلة، ولن يستأنف البيطار تحقيقاته قبل بتّ دعوى ردّ القاضيين عيد وغنطوس من جانب القاضية المصري، ليُصار بعدها إلى معرفة مصير طلب ردّ القاضي البيطار.

وفي الخلاصة سنشهد أسابيع إضافية من الجمود في ملفّ التحقيقات، لن تتمكّن خلالها الهيئة العامة من بتّ دعاوى نقل جديدة بحقّ البيطار أو إصدار أيّ قرار.

الهيئة العامة خارج الخدمة

وفي معلومات “أساس” أنّ الهيئة العامة لمحكمة التمييز ستبقى خارج الخدمة حتى إشعار آخر. فإجراء تشكيلات جزئية لتعيين رؤساء غرف بالأصالة دونه صعوبات بسبب غياب التوافق السياسي، وهو يشكّل استكمالاً لأزمة التشكيلات القضائية التي رفض رئيس الجمهورية توقيع مراسيمها.

فالقضاة ناجي عيد (المطلوب ردّه) وجانيت حنّا ورندة كفوري يشغلون مواقعهم حالياً في غرف التمييز بالانتداب، وتعيين هؤلاء بالأصالة بات صعباً، مع العلم أنّ أسماءهم أُدرِجت في التشكيلات الماضية بصفة رؤساء غرف في محاكم التمييز.

لكنّ عدّة أعضاء في مجلس القضاء الأعلى يواجهون اعتراضاً على تعيينهم في هذه المواقع، وعلى رأسهم مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، على خلفيّة أدائهم في ملفّ المرفأ. 

وكانت كفوري ردّت دعوى فنيانوس ضدّ البيطار بسبب الارتياب المشروع، وقبلت دعوى نقابة المحامين ضدّ القاضي غسان خوري بكفّ يده عن النظر في دعوى المرفأ بسبب الارتياب المشروع.

وبالنسبة إلى أعضاء في مجلس القضاء الأعلى والعديد من القضاة، خالف كلٌّ من القاضيين جانيت حنّا وناجي عيد نصوصاً قانونية مُلزِمة لهما بتبليغ أطراف الدعوى بالدعوى قبل النظر في طلب ردّ القاضي البيطار.

في ظلّ هذه المعطيات بات الحديث عن قرب صدور القرار الظنّيّ في تحقيقات المرفأ لا يتناسب مع الواقع، حتّى مع تأكيد المحقّق العدلي أخيراً أمام أهالي ضحايا انفجار المرفأ أنّه سيصدر القرار الظنّيّ في غضون ثلاثة أشهر!

تجميد تحقيق المرفأ

التحقيق مجمّد منذ 13 كانون الأول الماضي، حين أبلغ القاضي ناجي عيد المحقّق البيطار بدعوى طلب ردّه من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر. 

لم يقف الأمر هنا. في اليوم التالي من تسلّم القاضي عيد طلب ردّ القاضي البيطار تقدّم في 4 كانون الأول المحامي محمد زعيتر، بوكالته عن النائبين خليل وزعيتر، بطلب ردّ رئيس غرفة محكمة التمييز المدنية القاضي عيد، الذي كانت الهيئة العامة لمحكمة التمييز قد كلّفته النظر بطلبات ردّ المحقّق العدلي.  

وقد مرّ شهر وأسبوع قبل تكليف الرئيس الأول لمحكمة التمييز القاضي سهيل عبود رئيسة الغرفة الثانية في محكمة التمييز القاضية رولا المصري النظر في طلب ردّ عيد والمستشارة القاضية روزين غنطوس.

إقرأ أيضاً: الحوار يسقط.. والأمن يحذّر: لن نضبط الشارع

وفي حال قُبِل طلب تنحية القاضي عيد سيُصار إلى تكليف قاض آخر لبتّ طلب ردّ البيطار.

كل ما سبق من وقائع تؤكد أنّ كل محاولات إيجاد مخرج يصحّح مسار تحقيقات المرفأ قد سقطت، وكما في السياسة كذلك في القضاء، الفوضى تجتاح الجميع.

مواضيع ذات صلة

هل تملأ مصر فراغ التّسليم والتّسلّم؟

يترنّح المسار التفاوضي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية تحت وطأة الضغوط العسكرية التي تمارسها الحكومة الإسرائيلية في عدوانها الوحشي بحقّ لبنان. في الأثناء، يواظب الموفد…

برّي ينتظر جواب هوكستين خلال 48 ساعة

تحت وقع النيران المشتعلة أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب عن موافقته على أن يستكمل الرئيس جو بايدن مسعاه للوصول إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار…

الجيش في الجنوب: mission impossible!

لم يعد من أدنى شكّ في أنّ العدوّ الإسرائيلي، وبوتيرة متزايدة، يسعى إلى تحقيق كامل بنك أهدافه العسكرية والمدنية، من جرائم إبادة، في الوقت الفاصل…

وزير الخارجيّة المصريّ في بيروت: لا لكسر التّوازنات

كثير من الضوضاء يلفّ الزيارة غير الحتميّة للموفد الأميركي آموس هوكستين لبيروت، وسط تضارب في المواقف والتسريبات من الجانب الإسرائيلي حول الانتقال إلى المرحلة الثانية…