عام 2011 في عهد حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الثانية، يوم كان جبران باسيل وزيراً للطاقة، عرض “الصندوق الكويتي للتنمية” تمويل وتنفيذ مشاريع بناء معامل لإنتاج الكهرباء. غير أنّ هذا العرض اصطدم برفض وزارة الطاقة.
يومذاك نقل مقرّبون من الوفد الكويتي عنه انطباعه بوجود “عوائق متعمَّدة من قبل القيّمين على وزارة الطاقة اللبنانية لإعاقة تنفيذ المشروع من قبل الصندوق الكويتي والمؤسسات العربية بشروط ميسّرة”.
معلومات “أساس”: رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيضع مجموعة أولويّات سيطرحها في الأيام الأولى من عمر حكومته، سيكون أبرزها قطاع الكهرباء وإمكان استرجاع العرض الكويتي
داخليّاً كان لرئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط تغريدة قال فيها: “على حدّ علمي أتت شركات متعدّدة من أجل حلّ مشكلة كهرباء لبنان إلى جانب الصندوق الكويتي، فواجهتهم قضية العمولات ومَن وراءها”.
بعد رفض وزارة الطاقة العرض، وجّه خصوم باسيل أصابع الاتّهام إلى دوره في رفض العرض الذي يشترط مراقبة دفتر الشروط والمناقصات والتنفيذ. واتّهموه بأنّه عرقله لمصلحة خيار البواخر. اليوم ومع حديث رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأخير عن مبادرة لبنان إلى محاولة استعادة عرض الصندوق الكويتي، يعود الجدل في حقيقة موقف وزارة الطاقة ومنتقديها.
فهل ستقبل الحكومة ما رفضته منذ عشر سنوات؟
يروي النائب السابق بطرس حرب لـ”أساس” وقائع رحلة الوفد الحكومي اللبناني برئاسة تمّام سلام عام 2014 إلى الكويت، قائلاً: “توجّه إلينا موفد الصندوق إلى لبنان يومئذٍ، متسائلاً: لماذا اللبنانيون لا يعملون لأجل لبنان. واستشهد باجتماع الوفد مع وزير الطاقة جبران باسيل. حينذاك قال باسيل للوفد: نحن لسنا بحاجة إلى هذا القرض لأنّ لدينا المال لتنفيذ المشاريع”.
كان قد سبق هذه الحادثة استجوابٌ للحكومة قدّمه حرب عام 2011، تناول أسباب رفضها “عرض الصندوق الكويتي لتمويل مشروع إنتاج 700 ميغاوات على رغم التوفير الكبير الذي سيستفيد منه لبنان”. وأشار حرب وقتذاك إلى أنّ “وزير الطاقة والمياه جبران باسيل رفض عرض تمويل المشروع من الصندوق الكويتي، على الرغم من أنّ قبول عرض الصندوق الكويتي يوفّر على الخزينة وعلى اللبنانيين عشرات ملايين الدولارات، باعتبار أنّ فوائد قروض هذا الصندوق متدنّية جدّاً لا تتجاوز 2 في المئة، فيما تدفع الخزينة لقاء توفير الأموال لتنفيذ خطة الكهرباء فوائد تصل إلى 7 في المئة، وباعتبار أنّ قروض الصندوق الكويتي تُقسَّط على ما يفوق عشرين سنة، مع فترة سماح، فيما قروض الدولة من السوق تُقسَّط على خمس سنوات، من دون فترة سماح”. ووجد حرب أنّ الدافع إلى رفض عرض الصندوق الكويتي هو “الرغبة بالتفرّد والتحكّم بتلزيم المشاريع وتنفيذها بعيداً عن أيّ رقابة دولية جدّيّة”.
كان لرئيس الحزب التقدّمي الاشتراكي وليد جنبلاط تغريدة قال فيها: على حدّ علمي أتت شركات متعدّدة من أجل حلّ مشكلة كهرباء لبنان إلى جانب الصندوق الكويتي، فواجهتهم قضية العمولات ومَن وراءها
من جهتها، تنفي مصادر وزارة الطاقة لـ”أساس” هذا الكلام، وتشير إلى أنّ هذه الرواية “كذبة كبيرة” لأنّ “القرار وقتذاك لم يكن لوزارة الطاقة، بل كان القرار لبنانياً. وقد اقتضى القرار بأن تكون خطة الطوارئ بتمويل لبناني. أمّا المعامل فكانت الخطة تقضي بأن يتولّاها القطاع الخاصّ”. وترفض هذه المصادر إلصاق التهمة بوزارة الطاقة في ما خصّ هذا القرار لأنّ “وفد الصندوق يومذاك التقى عدداً من المسؤولين اللبنانيين، وليس فقط وزير الطاقة، وبالتالي قرار الرفض كان لبنانياً، ولم تستأثر به الوزارة”.
بعد عشر سنوات يعود الكلام عن قرض الصندوق الكويتي مع كثير من التساؤلات:
– أوّلاً: عن رغبة الكويت بالعودة إلى لبنان من باب الاستثمار بالقطاع المهترئ، ومقابل ماذا؟
– ثانياً: عن حقيقة وجود قرار سياسي بعودة الصناديق العربية والخليجية إلى لبنان والاستثمار فيه.
– ثالثاً: عن حقيقة الموقف اللبناني من العرض في حال تجدَّد.
إقرأ أيضاً: وزراء “ملوك”: العبرة في التصويت… والاستقالة
تشير معلومات “أساس” إلى أنّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيضع مجموعة أولويّات سيطرحها في الأيام الأولى من عمر حكومته، سيكون أبرزها قطاع الكهرباء وإمكان استرجاع العرض الكويتي.
هل يعيد هذا الطرح الخلافات السياسية السابقة أم زمن الأوّل تحوّل؟ وهل يقبل لبنان ما رفضه قبل 10 سنوات؟
لا بد في الختام من الإشارة إلى مقال رئيس تحرير جريدة الراي الكويتية وليد الجاسم الذي كتب أمس بعنوان: “على عيني وراسي «العروبة»… ولكن أهل الكويت أولى“. وفي النصّ يطلب الجاسم من قيادة الكويت عدم مساعدة لبنان قبل إنهاء كلّ الملفات المطلبيّة في الكويت. وهو ما يعبّر عن رأي عامّ كويتي ضدّ مساعدة لبنان. ونقتبس من الجاسم: “كيف أقنعهم وأنا «أفسفس» الأموال ذات اليمين وذات الشمال؟ كيف أقنعهم وأنا أعطي الغير وأحرم عيالي؟ وهم يعرفون أن ما يحتاجه البيت يحرم على الجامع كما يقول المثل”.