نستكمل في الجزء الثّاني من هذا التقرير، وقائع لقاءات مدير الـCIA ويليام بيرنز، في أثناء زيارته عاصمة كيان العدوّ الإسرائيلي تلّ أبيب، ومقرّ السّلطة الفلسطينية في رامَ الله.
تطرّقنا في الجزء الأوّل إلى لقاءات بيرنز مع رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنياع الذي وصف الرّئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بـ”المُضطرب ذهنيّاً”، والقسم الأكبر من لقاء بيرنز مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، بحسب معلومات حصلَ عليها “أساس” من مصادر أميركيّة موثوقة ورسمية.
كشف ويليام بيرنز للرّئيس عبّاس أنّ واشنطن تدرس سُبل دعم السّلطة الفلسطينيّة ماليّاً في المرحلة المُقبلة، لمواجهة التّحدّيات الماليّة التي تعصفُ بالسّلطة
بعدَ نصيحة بيرنز لرئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت بمراعاة “القوّة الدّاخليّة” للرّئيس الأميركي جو بايدن، تطرّق مدير الـCIA إلى ملف “الاستثمارات الصّينيّة في إسرائيل”، معتبراً أنّ بلاده لا تُحبّذ أن تكون أراضي حليفتها الرّئيسيّة نقطة ارتكازٍ لانطلاق الصّين في المنطقة، خصوصاً مع تنامي الاستثمارات الآتية من الشّرق الأقصى في قطاعات التكنولوجيا والطّاقة والنّقل الإسرائيليّة، وليس آخرها مرفأ حيفا، ومع إيلاء بلاده أولويّة لمحاربة النّفوذ الصّيني المُتنامي عالميّاً.
بعد النّفوذ الصّينيّ، بدأ الكلام عن ضرورة تعزيز السّلطة الفلسطينيّة في رامَ الله. وقد طلب بيرنز من بينيت الموافقة على بناء آلاف الوحدات السّكنيّة للفلسطينيين في المناطق المُصنّفة “ج” في الضّفة الغربيّة بحسب اتفاق “أوسلو”. بدوره، لم يتردّد رئيس الحكومة الإسرائيليّة في الموافقة على هذا الطّلب الذي، بحسب كلامه، “يدفع عمليّة السّلام قُدُماً”.
في الكرياه: أمن الأردن خطّ أحمر
بعد اللقاء مع بينيت، كان اللقاء في “الكرياه”، مقرّ وزارة الدّفاع الإسرائيليّة، مع وزير الدّفاع بيني غانتس، بحضور رئيس الموساد “ديدي برنياع”.
لم يختلف لقاء بيرنز مع غانتس كثيراً عن لقاءيْه مع بينيت و”ديدي”، إلّا أنّ بيني غانتس قدّم لرئيس الـCIA تقارير من إعداد الاستخبارات العسكريّة عن البرنامج النّوويّ الإيرانيّ، بالإضافة إلى نشاطاتها في لبنان وسوريا والعراق واليمن.
وطلَب غانتس من “بيل بيرنز” ضرورة أن تتحرّك أميركا، ومعها المُجتمع الدّوليّ، في وجه “هذه النّشاطات” من أجل تعزيز الاستقرار في الشّرق الأوسط.
أمّا بيرنز فركّز في اللقاء مع غانتس على ضرورة دعم وتعزيز “السّلطة الفلسطينيّة” وباقي القوى “المُعتدلة” في المنطقة، مؤكّداً في الوقت عينه على ضرورة “استقرار الأردن”، ورفض بلاده اتّخاذ أيّ إجراءات أو خطوات إسرائيليّة تهدِّد أمن المملكة الهاشميّة، في إشارة إلى خطط نتانياهو السّابقة لضمّ الضّفة الغربيّة وغور الأردن.
في رامَ الله: هل يكون ماجد فرج الرّئيس الفلسطيني المُقبل؟
من تلّ أبيب انتقل مدير الـCIA إلى مقرّ السّلطة الفلسطينيّة في رامَ الله، حيث التقى رئيس السّلطة محمود عبّاس، بحضور رئيس جهاز الاستخبارات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج، الذي أولاه بيرنز اهتماماً بالغاً خلال لقاء ركّزَ على عنوانيْن رئيسيّين:
الأوّل: تعزيز السّلطة الفلسطينيّة والحدّ من نفوذ حركة “حماس”.
والثّاني: استكمال ما بدأه المبعوث هادي عمرو في زيارته أثناء حرب غزّة الأخيرة لجهة إطلاق عمليّة السّلام.
طلب بيرنز من بينيت الموافقة على بناء آلاف الوحدات السّكنيّة للفلسطينيين في المناطق المُصنّفة “ج” في الضّفة الغربيّة بحسب اتفاق “أوسلو”
في اللقاء مع “أبو مازن” نقَل بيرنز إلى الرّئيس الفلسطيني موافقة بينيت على السّماح ببناء الوحدات السّكنيّة في مناطق التّصنيف “ج” في الضّفة الغربيّة، ثمّ طلب من عبّاس أن يلتقي بينيت قريباً برعاية أميركيّة، وهذا ما لم يرفضه رئيس السّلطة الفلسطينيّة كمقابلٍ لبناء الوحدات السّكنيّة الفلسطينيّة.
لم يقف العرض الأميركيّ عند هذا الحدّ. إذ كشف ويليام بيرنز للرّئيس عبّاس أنّ واشنطن تدرس سُبل دعم السّلطة الفلسطينيّة ماليّاً في المرحلة المُقبلة، لمواجهة التّحدّيات الماليّة التي تعصفُ بالسّلطة، واعداً بالعمل أيضاً على وقف الحسومات الإسرائيليّة التي تزيد على 15 مليون دولار شهريّاً من أموال السّلطة الفلسطينيّة.
مع نقل “البشارة”، عرَضَ بيرنز على “أبو مازن” واللواء فرج أن يعود التنسيق بين الـCIA والاستخبارات الفلسطينيّة التي وصفها بـ”النّشطة”. وقال “بيل” إنّ عودة التنسيق تصبّ في مصلحة الحدّ من نفوذ حركة “حماس”، ومنعها من الانقلاب على السّلطة في رامَ الله، مُقترحاً في الوقت عينه أن يكون هذا التنسيق عبر اللواء ماجد فرج الذي ترى واشنطن أنّه ينبغي أن “يُعزّز وجوده في السّلطة وحركة فتح” لكونه “رجل المرحلة المُقبلة”، في نظر الأميركيين.
إقرأ أيضاً: لقاء CIA – الموساد (1/2): رئيسي مُضطرب ذهنيّاً
لم تكن زيارةً استثنائيّةً، إن في تل أبيب أو في رامَ الله، لكنّ الأهمّ انتظار كيف ستتبلور نتائج زيارة بيرنز للأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة في الأيّام المُقبلة. ولعلّ أوّل التماسٍ لنتائجها سيظهر مع زيارة نفتالي بينيت بعد أسبوعين من اليوم إلى المكتب البيضاويّ للقاء بايدن…