المفاوضات النّوويّة: عصا رئيسي الوهميّة…

مدة القراءة 4 د

لن يؤثّر انتخاب رئيسٍ من صقور تيّار “حزب الله” الصّاعد والمُقرّب من المرشد الإيراني علي خامنئي، على مُجريات المُفاوضات النّوويّة القائمة في العاصمة النّمساويّة فيينا التي ستشهد جلستها الأخيرة الشّهر المقبل.

وتيار حزب الله هو تيّار يتبنّى أفكار الخامنئي وينفّذ أوامره، منفصل عن التيار الخميني، أي الجيل الأوّل من الثورة، وهو بات عنوان “الدولة العميقة” في إيران، التي قرّرت تسلّم السلطة بلا مواربة.

بقيادة هذا التيار، تمضي إيران نحو الجلسة السّادسة، والأرجح أن تكون الأخيرة، من محادثات فيينا، وفي يدها عصا رئيسي وجزرة الوقت المُتبقّي من أيّام الثّنائي المُحبّب إلى الغرب، حسن روحاني ووزير خارجيّته محمّد جواد ظريف. هكذا سترمي الكرة في ملعب واشنطن والمجموعة الدّوليّة: “النّوويّ أوّلاً، ثمّ الصواريخ الباليستية والأذرع في المنطقة”.

رئيسي، أو “قاضي الموت”، كما وصفته الصحافة الغربية، بسبب مصادقته على إعدام آلاف المعارضين، هو الذي “حشدوا الشّمسَ والقَمَرَ لإيصاله إلى الرّئاسة”، بحسب المُرشّح الرّئاسي مُحسن مهر علي زاده

بات قرار السّياسة الخارجيّة لبلاد فارس حصراً في يدِ مُرشدها، الذي يرغب في العودة إلى الاتفاق. وهذا ما أكّده مدير مكتب الأمن القومي الأميركي جايك سوليفان عبر شبكة ABC قبل يومين: “القرار النهائي بشأن العودة إلى الاتفاق رهن بالمرشد الأعلى. لا يهمّ مَنْ هو الرئيس بقدر استعداد نظامهم لتقديم التزامات بالحدّ من برنامجهم النووي”.

دعم الرّئيس الإيراني المُنتخَب إبراهيم رئيسي استمرار المُحادثات في فيينا، في خطاب عكس توجيهات مرشده، بالقول إنّ حكومته “ستدعم المفاوضات النّوويّة بما يخدم مصلحة الشعب الإيراني”. وهذا تأكيد على استنتاج سوليفان.

رئيسي، أو “قاضي الموت”، كما وصفته الصحافة الغربية، بسبب مصادقته على إعدام آلاف المعارضين، هو الذي “حشدوا الشّمسَ والقَمَرَ لإيصاله إلى الرّئاسة”، بحسب المُرشّح الرّئاسي مُحسن مهر علي زاده. ولم يعُد خافياً على أحدٍ أنّ رئيسي كان مُرشّح خامنئي.

ورئيسي، المُعاقَب أميركيّاً في قضايا “حقوق الإنسان” وإعدام آلاف المعارضين وإخفائهم بكلّ راحةٍ، إلى حكمِ إيران، لم تنافسه سوى الأوراق المُلغاة، ثمّ قائد الحرس الثّوري الأسبق محسن رضائي وعبد النّاصر هِمَّتي بأصوات أقلّ. وعلى وقعِ وصوله، كان الأميركيّون يسحبون عدداً من منظومات الدّفاع الصّاروخي “الباتريوت” من الخليج العربيّ.

وقد ظهر جليّاً أنّ المُرشِد الأعلى أمر بتأجيل العودة إلى الاتفاق النّوويّ مع الولايات المُتحدة الأميركيّة والمجموعة الدّوليّة إلى ما بعد انتخاب رئيسي. ولأنّ التأجيل كانت أسبابه إيرانيّة داخليّة، لن تجدَ الولايات المُتحدة وإيران وقتاً أفضلَ من الفترة الانتقاليّة، قبل تسلّم رئيسي مهمّاته في شهر آب المُقبل، للعودة أو إحراز تقدّم كبير نحو الاتفاق.

قد تستغلّ عاصمة القرار واشنطن الفرصة للعودة إلى الاتفاق مع ما تبقّى من وقت لحكومة الرّئيس حسن روحاني بدلاً من إبرامه مع التّيّار الأصولي الصّاعد. أمّا في طهران فسيكون تيّار “حزب الله” أمام استعراضٍ سياسيّ للحكم على التيّار الإصلاحي بالموت السّريري بحجّة “الاستسلام للغرب” في اللحظات الأولى من إعادة إحياء الاتفاق. وفي المرحلة الثّانية، يقطف ثماره الاقتصاديّة لتحصين وضع “الحزب اللهيّين” داخليّاً، خصوصاً بعد بروزه تيّاراً ثالثاً أمام الخطّين التاريخيّين لإيران: الإصلاحي والمحافظ.

رئيسي الذي دَعَمَ مُفاوضات فيينا في كلمته بُعيد انتخابه، كان في الوقت عينه يرسم خطوط خامنئي الحمراء في التّفاوض النّوويّ: “برنامج الصّواريخ الباليستيّة غير قابل للنّقاش”، وفي الخطاب نفسه كان يؤكّد أنّ  النّقاش في بقيّة الملفّات، بما فيها الأذرع الإيرانيّة، سيكون بعد إنجاز الملفّ النّوويّ.

إقرأ أيضاً: انتخاب رئيسي يعرقل فيينا ويؤجّل ملفّات المنطقة

وعلى الرّغم من إعلانه أنّه لن يلتقي الرّئيس الأميركي جو بايدن، إلّا أنّ الرّئيس الإيراني الجديد سيكون حاضراً باسمه إلى طاولة المحادثات النّوويّة مع الأميركيين. إذ توقّع مصدرٌ أميركيّ مُطّلع على مفاوضات فيينا، في حديث لـ”أساس”، أن “يثير الإيرانيّون مسألة رفع اسم المرشد علي خامنئي وإبراهيم رئيسي من لوائح العقوبات مع استئناف المحادثات المُتوقّعة الشّهر المُقبل”، وإلا فسيكون أوّل رئيس إيراني يخضع للعقوبات الأميركيّة أثناء وجوده في منصبه. وكشف المصدر الأميركي أنّ “الأمر قيد النّقاش في واشنطن، لكن ليس من دون تنازلات إيرانيّة”.

مواضيع ذات صلة

هل يستبدِل برّي حليفه فرنجيّة بأزعور؟

يدور الاستحقاق الرئاسي في حلقة مُفرغة، أحد أبرز عناصر كَسرِها التوصّل داخلياً إلى تسوية تَمنع الثنائي الشيعي من أن يكون في جلسة التاسع من كانون…

مشاورات “الأعياد”: لا 65 صوتاً لأيّ مرشّح بعد!

تَجزم مصادر نيابية لموقع “أساس” بأنّ المشاورات الرئاسية في شأن جلسة التاسع من كانون الثاني قد تخفّ وتيرتها خلال فترة الأعياد، لكنّها لن تتوقّف، وقد…

السّيناريو البديل عن الانتخاب: تطيير الجلسة تحضيراً لرئاسة ترامب!

في حين يترقّب الجميع جلسة التاسع من كانون الثاني، يحتلّ عنوانان أساسيّان المشهد السياسي: من هو الرئيس المقبل؟ وهل يحتاج موظّفو الفئة الأولى، كقائد الجيش…

1701 “بضاعة” منتهية الصّلاحيّة؟

لا شكّ أنّ ما يراه المسؤولون الإسرائيليون “فرصة لا تتكرّر إلّا كلّ مئة عام” في سوريا تتيح، بعد سقوط نظام بشار الأسد، اقتطاع منطقة من…