لم يرتبط لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون بأعضاء الوفد اللبناني إلى مفاوضات الناقورة حول الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، يوم الاثنين، بأيّ معطى داخلي أو خارجي يُنبئ بتحرّك الملفّ مجدّداً.
تفيد معلومات “أساس” بأنّ الاجتماع خاض بشكل أوسع في حيثيّات الجلسة الأخيرة من التفاوض غير المباشر مع العدوّ الإسرائيلي في 4 أيار. وتداول المجتمعون في الخطوات التي يمكن أن تدفع الجانب الأميركي إلى متابعة المفاوضات من دون شروط مسبقة، تحديداً لناحية حصر التفاوض بمساحة الـ 860 كلم مربعاً، وهو الأمر المرفوض بالكامل من جانب الوفد اللبناني، بالإضافة إلى بحث الخطوات المتعلّقة ببدء التفاوض مع الجانب السوري في الشمال.
وتضيف المعلومات أنّ لبنان لا يزال بانتظار الردّ السوري، الذي أبدى التجاوب في شأن الترسيم البحري شمالاً. وسيكون هذا الملف، وفق تأكيدات دمشق، محطّ متابعة بعد الانتخابات الرئاسية السورية. وقد انتقل الملف تلقائيّاً من الوزير المستقيل شربل وهبة، الذي كان يتابعه مع الجانب السوري، إلى يد وزيرة الدفاع ووزيرة الخارجية بالوكالة زينة عكر.
الجيش هو المعنيّ أوّلاً بالإعداد لهذا التفاوض وإدارته بعدما وضع دراسات وكتباً عن الأسباب الموجبة للترسيم، والخطوات الواجب اتّباعها، وبعد تكليف رئيس الجمهورية الوفد العسكري والتقني إلى مفاوضات الناقورة بمهمة إدارة المفاوضات المباشرة مع سوريا.
لبنان لا يزال بانتظار الردّ السوري، الذي أبدى التجاوب في شأن الترسيم البحري شمالاً. وسيكون هذا الملف، وفق تأكيدات دمشق، محطّ متابعة بعد الانتخابات الرئاسية السورية
الوفد يتألّف من العميد بسام ياسين رئيساً، والعقيد البحري مازن بصبوص، والخبير في المفاوضات الحدودية نجيب مسيحي، ورئيس هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط.
وفيما تردّدت معلومات عن احتمال توسيع الوفد المفاوض مع سوريا، يجزم مطّلعون أنّ “هذا الأمر لم يتطرّق إليه المسؤولون، خصوصاً أنّه مرتبط بهويّة الوفد السوري أيضاً. وفكرة التوسيع لا مشكله فيها، لكن شرط أن تأخذ طابعها التقني المحض، وليس بخلفيّة “الحشو” السياسي والحزبي. مع العلم أنّ مؤهّلات الوفد الحالي هي عالية المستوى والخبرة، وتتلاءم مع طبيعة التفاوض جنوباً وشمالاً. ويبدي الفريق العسكري التقني جهوزية عالية لبدء التفاوض مع الجانب السوري”.
يُذكر أنّ لقاء يوم الاثنين مع رئيس الجمهورية في بعبدا أتى بعد 20 يوماً من استئناف المفاوضات بين الوفد اللبناني والعدوّ الإسرائيلي، بعد خمسة أشهر من توقّفها، وذلك في الجلسة الخامسة اليتيمة التي عقدت في 4 أيار الجاري، والتي أعقبت زيارة مساعد وزير الخارجية ديفيد هايل لبيروت، واصطدمت بتعنّت أميركي، بالنيابة عن الجانب الاسرائيلي، عبر الإصرار على حصر التفاوض بين الخط 1 (الإسرائيلي) و23 (اللبناني)، أي في مساحة 860 كلم مربعاً، وهي المنطقة المتنازع عليها مع إسرائيل. ويتذرّع الوسيط الأميركي جون ديروشيه بكون الخطّ 23 هو الخطّ الوحيد المودع من الجانب اللبناني لدى الأمم المتحدة.
في المقابل، يتمسّك الوفد اللبناني، بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية، باستكمال التفاوض من دون شروط مسبقة وبفتح النقاش حول كل الخطوط استناداً إلى القانون الدولي وقانون البحار، وتحديداً الخط 29 الذي يطرحه الجيش بناءً على دراسات وإحداثيّات موثّقة تمنح لبنان مساحة إضافية إلى الـ860 كلم مربعاً تصل إلى 2290 كلم مربعاً. كلّ ذلك في ظل خلاف داخليّ مَنَع تعديل المرسوم 6433 لناحية تكريس حقّ لبنان في الخطّ 29، وإيداع الأمم المتحدة الإحداثيّات الجديدة.
تردّدت معلومات عن احتمال توسيع الوفد المفاوض مع سوريا، يجزم مطّلعون أنّ “هذا الأمر لم يتطرّق إليه المسؤولون، خصوصاً أنّه مرتبط بهويّة الوفد السوري أيضاً. وفكرة التوسيع لا مشكله فيها، لكن شرط أن تأخذ طابعها التقني المحض، وليس بخلفيّة “الحشو” السياسي والحزبي”
ولا تزال الكرة السياسية في ملعب رئيس الجمهورية المولج إجراء الاتصالات الخارجية التي قد تعيد استئناف مسار المفاوضات وتصويبه. وحتّى الآن لا موعد محدّداً لاستئناف التفاوض غير المباشر مع العدوّ الإسرائيلي في ظل تأكيدات متابعين أنّ الفريق الأميركي الجديد في إدارة جو بايدن الموكَل إليه الملفّ اللبناني لم يكتمل بعد، وأنّ الجانبين الأميركي والإسرائيلي يرفضان حتّى الآن الاستعانة بخبراء دوليين حياديين في ملفّ ترسيم الحدود جنوباً.
أمّا على الخطّ السوري، فالحدود البحرية الشمالية رسّمها لبنان، عام 2011، من جانب واحد، بموجب المرسوم 6433 نفسه، معتمداً طريقة خط الوسط.
أمّا السوريون فلم يُرسِّموا تلك الحدود مع لبنان حتى تاريخه، وإنّما اعترضوا على الترسيم اللبناني عام 2014، بموجب رسالة موجّهة إلى الأمم المتحدة.
إقرأ أيضاً: الترسيم البحريّ معلّق: هل يُحصّن عون الخط 29؟
وفي بداية العام الحالي، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد قانوناً لزّم بموجبه شركة “كابيتال” الروسية التنقيب عن البترول في بلوك متداخل مع الحدود البحرية (بلوك رقم 1)، بمساحة تُقدّر بحوالي 750 كلم مربعاً.
إزاء هذه الخطوات، استنتج الجانب اللبناني أنّ الجانب السوري ينوي ترسيم حدوده البحرية مع لبنان بخطّ يكون امتداداً لحدود البلوك النفطي (خط موازٍ لخطوط العرض)، جاعلاً المساحة المتنازع عليها بين الجانبين نحو ألف كلم مربع تقريباً (أي 750 كلم مربعاً هي منطقة تتداخل مع البلوك السوري رقم 1، إضافة إلى نحو 250 كلم مربعاً هي نهاية المنطقة المتبقية من خارج هذا البلوك).