الإليزيه تُفتح لباسيل… ما هي الشروط الفرنسية؟

مدة القراءة 5 د

بعد عودته من باريس، نقل المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم إلى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل استياء الإليزيه منه باعتباره المعرقل الأّول لتشكيل الحكومة بحسب دوائر الإليزيه. وأبلغه أنّ الفرنسيين جهّزوا لائحة بأسماء عدد من المسؤولين اللبنانيين لفرض عقوبات أوروبية عليهم على رأسها باسيل.

هذا الجوّ الذي نقله ابراهيم بعد تواصله مع مدير المخابرات الفرنسية برنارد إيمييه، كان سبق لباسيل أن تبلّغه من سفير لبنان في فرنسا رامي عدوان.

وعليه، تلقّى باسيل نصيحة من ابراهيم وعدوان بالذهاب إلى باريس للحديث مباشرة مع الفرنسيين وتوضيح وجهة نظره في الملف الحكومي، لعلّ ذلك يخفّف من وطأة الاستياء الفرنسي منه، وبالتالي عمل ابراهيم وعدوان على تأمين لقاء لباسيل في الإليزيه.

من جهتها، تبدو دوائر الإليزيه، بحسب معلومات موقع “أساس”، غير مهتمة بسماع تبريرات حكومية من أحد في لبنان. ولا تريد من أيّ طرف أن يقدم أعذاراً أو شكاوى. وتبدو حريصة على ألا يوظَّف أيُّ لقاء معها، إن حصل، في البازار اللبناني مع طرف ضدّ أي طرف آخر. وبالتالي بدا الجو الفرنسي إيجابياً تجاه زيارة باسيل شرط أن تكون مرافقة لانفراجات حكومية. فالفرنسيون وباختصار شديد، لا يريدون إلا سماع خبر تشكيل حكومة لبنانية. وليسوا على استعداد لتحمّل خيبة جديدة بعد فشل محاولاتهم السابقة.

تلقّى باسيل نصيحة من ابراهيم وعدوان بالذهاب إلى باريس للحديث مباشرة مع الفرنسيين وتوضيح وجهة نظره في الملف الحكومي، لعلّ ذلك يخفّف من وطأة الاستياء الفرنسي منه

وبالتالي، تشير المعلومات الواردة من فرنسا، إلى أنّه ما من لقاء محدّد حتى الآن مع رئيس التيار الوطني الحرّ بانتظار ضمانات حكومية، لكن لا مانع من تحديده في حال تأكيدها.

في مقابل هذا الجوّ الفرنسي، جاء تسريب خبر توسّط اللواء ابراهيم لحصول الزيارة يوم الأربعاء المقبل، وتحديد موعد لباسيل مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مزعجاً لباسيل.

فأوساطه رفضت التعليق على الخبر فور نشر التسريب، وسرعان ما نقلت إذاعة “المدى” (التابعة لباسيل) توضيحاً عبر “مصادر مقربة منه”، جاء فيه: “تعليقاً على المعطيات المتداولة عن توجّه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى فرنسا للقاء المسؤولين الفرنسيين بعد وساطة من اللواء عباس ابراهيم، أكد مقرّبون من رئيس التيار للمدى أنّ التواصل مع الفرنسيين قائم ودائم ومباشر ولا حاجة لوسطاء، مشيرين إلى أنّ الزيارة إلى باريس واردة ولكن ما يحكى في الاعلام حتى الآن ليس إلا تكهنات إعلامية”.

وأضاف المقرّبون أنّ باسيل لم يطلب أي موعد من الفرنسيين: “لكنّ التطورات إذا كانت إيجابية قد تفتح الباب على احتمال انفراجات”.

وأشارت مصادر مطلعة على المشهد السياسي إلى أنّ باسيل أراد أن يقول إنّه لا يحتاج إلى وساطة من أحد للقاء الفرنسيين، وإنه على تواصل معهم من خلال مستشار ماكرون لشؤون الشرق الاوسط باتريك دوريل الذي حافظ على تواصله مع كافة القوى اللبنانية التي اجتمعت على طاولة ماكرون في قصر الصنوبر.

ولم يشأ باسيل، كما ينقل عارفوه عنه، الإعلان عن إمكانية زيارته فرنسا إلا في حال تأكيدها أوّلاً، وحسب هوية المسؤول الفرنسي الذي سيلتقي به، ثانياً.وهو لن يقبل السفر إلى باريس للقاء مسؤول يعتبره دون مستواه السياسي.

إذاً، جاء تسريب وساطة ابراهيم مسيئاً لباسيل، وجاء ردّ المقربين من باسيل على وساطة ابراهيم مسيئاً للوساطة نفسها.

هذا المشهد الضبابي لا يلغي أن الرمال لا تزال متحركة وأن كل شيء قابل ليتغير أو يتعدل بحسب المفاوضات الحكومية التي يرعاها رئيس مجلس النواب نبيه بري على نار هادئة.

في المقابل، تشير مصادر مطلعة على أجواء قصر بعبدا إلى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون وباسيل لا يرغبان بأن تولد الحكومة من رحم عين التينة، بل يفضّلان بيع هذا الرصيد إلى الفرنسيين مباشرة أو إلى حزب الله.

جاء تسريب خبر توسّط اللواء ابراهيم لحصول الزيارة يوم الأربعاء المقبل، وتحديد موعد لباسيل مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مزعجاً لباسيل

وعليه، يبدو هذا الأسبوع حاسماً حكومياً، فإما الوصول إلى صيغة حكومية يتوافق عليها الجميع، وإما سنذهب إلى سبات طويل حتّى نفاد آخر دولار من الاحتياطي.

هل تنجح باريس بعقد لقاء مصالحة بين الحريري وباسيل؟ حتى هذه اللحظة يبدو باسيل متجاوباً . لكنّ الحريري يبدو حتّى الساعة منتظراً لضمانات حكومية منه، فهو لا يريد أن يكون اللقاء مع باسيل في حضرة الإليزيه غير منتج حكومياً.

فهل ستسعى باريس إلى عقد لقاء يجمع أكثر من طرف لبناني ليكون شبيهاً بمؤتمر وطني مصغّر شرط أن يثمر حلاًّ؟

إقرأ أيضاً: فصح بلا قيامة حكومية

كل شيء متحرّك حتّى اللحظة بانتظار أن تحصل باريس على ضمانات حكومية قبل تحديد مواعيد في قصر الإليزيه في الساعات القليلة المقبلة. وكل شيء متحرّك أيضاً بانتظار معرفة مصير التدقيق الجنائي الذي يعقد من أجله اجتماع اليوم بين ألفاريز ومارسيل ووزارة المال والمصرف المركزي.

يُتوقع أن ينضمّ رئيس الجمهورية إلى الاجتماع عبر تقنية الزوم. فالمرجح أنّ عون بتغريدته النارية أمس حول هذا الاستحقاق قد وضع مصير نجاح المبادرات الحكومية رهناً بتحقيق التدقيق الجنائي أو إجهاضه.

مواضيع ذات صلة

“الحزب” لرئيس الحكومة: إصرِف من جيْب الحكومة!

بين الميدان وغرف المفاوضات المُحصّنة في تل أبيب و”الثلاثاء الأميركي الكبير”، سقطت الرهانات على وقف لإطلاق النار يسبق فتح صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة الأميركية….

لبنان يدخل العصر الأميركيّ؟

لطالما كان وجود الأميركيين العميق في لبنان، حيث تأسّس الحزب، عنواناً جذّاباً للبحث والنقاش، لا سيما أنّ العلاقة بينهما وبين كلّ منهما بالمكوّنات الأخرى، تغيّرت…

المبادرة الأردنيّة في طور الاستيضاح والاستيضاح المضادّ: من وراءها؟

من خارج سياق التوقّعات والتقديرات الدبلوماسية، ارتفع منسوب التفاؤل خلال الساعات الماضية بعد تسريب ما وصفه الإعلام الإسرائيلي بمسوّدة اتّفاق خطّه الموفد الأميركي آموس هوكستين…

هل تتبدّل اليونيفيل أم يتمّ توسيع صلاحيّاتها؟

تتزايد ضغوط الولايات المتحدة الأميركية بقوّة لإيجاد تنميط مختلف للقرارات الدولية، خاصة حول  دور قوات الطوارئ الدولية العاملة في الجنوب اللبناني التي تميل واشنطن إلى…