من داخل مبنى وزارة الخارجيّة الأميركيّة، قرّر الرئيس الأميركي جو بايدن أن يُلقيَ أوّل خطابٍ له عن سياسته الخارجيّة ألغى فيه كلّ سياسات سلفه دونالد ترامب الذي لم يكن له سياسة خارجيّة واضحة أساسًا.
كان الشّرق الأوسط أبرز الغائبين عن خطاب الرئيس الجديد لأسباب عديدة أبرزها أزمة كورونا وتداعياتها على الاقتصاد الأميركي، واهتمام الإدارة الجديدة بالعلاقة مع الصّين وروسيا والحلفاء والملف النووي الإيراني. كلّ هذه العوامل جعلت من الشّرق الأوسط لاعبًا على “دكّة الاحتياط” إلى حين مجيء وقته.
رغم الغياب عن الخطاب إلّا أنّ الشّرق الأوسط ولبنان حضرا في الاتصال بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون. لبنان استطاع أن يُسجّل حضوره في البيان الصّادر عن قصر الإليزيه، بينما سقطَ عمدًا من سطور بيان البيت الأبيض.
وكشف مصدرٌ من إدارة الرئيس بايدن لـ”أساس” عن أنّ غياب لبنان عن بيان واشنطن يعود لـ3 أسباب:
أوّلًا: التّاكيد على الأولويّات الخارجية لبايدن التي ليس من ضمنها لبنان.
ثانيًا: التأكيد على تلازم الحلّ الشّامل في لبنان مع حلّ قضيّة النووي الإيراني والصّواريخ البالستيّة والأذرع الإيرانيّة في المنطقة.
ثالثاً: والأهم… اتفاق الرئيسين بايدن وماكرون على أن يدير الأخير الأمور في لبنان مؤقتًا بطريقة تمنع انهيار أسس الدّولة في ظلّ الأزمة التي يمرّ بها لبنان.
رغم الغياب عن الخطاب إلّا أنّ الشّرق الأوسط ولبنان حضرا في الاتصال بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون. لبنان استطاع أن يُسجّل حضوره في البيان الصّادر عن قصر الإليزيه، بينما سقطَ عمدًا من سطور بيان البيت الأبيض
وأكّد المصدر أنّ ماكرون كان مُهتمًا جدًا خلال اتصاله ببايدن على استعادة الدّور الفرنسي في المنطقة برمّتها، خصوصًا في لبنان وسوريا والعراق، بضوءٍ أخضر أميركي، وهذا ما حصل عليه الرئيس الفرنسي في ظلّ انشغال بايدن بأولويّاته.
وعلم “أساس” أنّ ماكرون أبلغ الرئيس الأميركي الجديد أنّه سيعمل على “فكّ ارتباط” الحزب بإيران عبر تطبيق سياسة تحييد لبنان. ووعد أنّه سيعمل على سياسة “التعامل بواقعيّة” مع نظام الأسد، وفكّ ارتباطه بإيران بالدّرجة الأولى بتسوية سياسيّة دوليّة.
وقال المصدر: “باعتقاد الفرنسيين أنّ أي تسوية في سوريا قد تدفع الحزب للعودة إلى لبنان كخطوة أولى نحوَ تحييد لبنان وفكّ الارتباط القائم بين الحزب وطهران. رغمَ أنّ الولايات المُتحدة مُقتنعة بأنّ الحزب لن يفكّ ارتباطه بطهران إطلاقًا”.
وفي الوقت عينه، أعاد المصدر التأكيد على أنّ الموقف الأميركي من حزب الله ثابتٌ ولم يطرأ أيّ تغيير على الخطوات التي اتّخذتها إدارة ترامب في الفترة الماضية، من المُحتمل أن تمضي الإدراة الجديدة بنهج مُشابه لنهج الإدارة السّابقة تجاه الحزب، إنّما أخفّ حدّة.
على إثر الموافقة الأميركية، أعلن الإليزيه أنّ الرئيس الفرنسي سيتوجّه أواخر الشّهر الجاري إلى المملكة العربيّة السعوديّة ودولة الإمارات العربية المُتحدة لبحث الملفات ذات الاهتمام المُشترك التي من ضمنها لبنان وسوريا والعراق، وبطبيعة الحال الملف النووي الإيراني.
علم “أساس” أنّ ماكرون أبلغ الرئيس الأميركي الجديد أنّه سيعمل على “فكّ ارتباط” الحزب بإيران عبر تطبيق سياسة تحييد لبنان. ووعد أنّه سيعمل على سياسة “التعامل بواقعيّة” مع نظام الأسد، وفكّ ارتباطه بإيران بالدّرجة الأولى بتسوية سياسيّة دوليّة
أمّا بما يتعلّق الاتفاق النووي مع إيران، علم “أساس” أنّ الرئيسين الأميركي والفرنسي، ناقشا ضرورة طمأنة حلفائهما العرب إلى أنّ أي مُفاوضات مع إيران ستلحظ بلا شك البرنامج الصّاروخي لطهران، الذي يُقلق أوروبا أيضًا، وكذلك الأنشطة الإيرانيّة في المنطقة. أي التمدّد الإيراني في الدول العربية.
إقرأ أيضاً: مصر “تعود” إلى لبنان: شراكة مع المبادرة الفرنسية
كما اتفق بايدن وماكرون على التنسيق الكامل بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين وفي مُقدّمتهم فرنسا التي كان لها الموقف المُعاكس لقرار ترامب بعيد انسحابه من الاتفاق النووي، ما أدّى إلى توتّر العلاقات بين الرّجلين.
وعلم “أساس” أنّ الرئيس الأميركي أكّد لماكرون إنهاء “غضّ البصر” الذي منحه ترامب للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان لـ”مُضايقة” باريس في ليبيا والمُتوسّط و”قرّه باغ” على إثر خلاف ماكرون والرئيس السّابق على الملف الإيراني.
رهان ماكرون على فوز بايدن لم يذهب سُدىً، إذ إنّه سيستثمر عمل الرئيس الجديد في إعادة الحرارة إلى العلاقة بين البيت الأبيض وحلفائه الأوروبيين للعب دور الشّرطيّ في “الشّرق الأدنى”، وبالتّالي تحقيق الطموح الفرنسي في المُتوسّط. وإلى حين محاولة ماكرون إيجاد بعض الحلول “الآنيّة”، ينتظر اللبنانيّون بلورة سياسة بايدن تجاه بلدهم بشكل واضح، إلّا أنّ المحسوم فيها أنّ ثوابت واشنطن التي يتقدّمها أمن إسرائيل لم تتغيّر حتّى السّاعة، ويبدو أنّها لن تتغيّر إطلاقًا.