“السيّد” يستعجل تبرئة حزبه.. فيهاجم الجيش و”المعلومات” وصوّان

مدة القراءة 7 د

كلاٌم “خارج السياق” وجّهه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى الأجهزة الأمنية، من جيش و”قوى أمن داخلي” (قاصداً “شعبة المعلومات”) للكشف عن تحقيقاتها في كارثة المرفأ، وذلك لسببّين أساسيّين:

الأول: كثيرة هي الحوادث التي وقعت في نطاق سيطرة حزب الله وبقعه الأمنية وطوّقها الأخير بإحكام مانِعاً القوى العسكرية والأمنية من الدخول إليها ومعرفة أسبابها. وآخرها الانفجار الغامض الذي وقع في قرية عين قانا الجنوبية وتسبّب في سقوط جرحى. ونقلت وكالة “رويترز” يومها عن مصدر أمني قوله إنّ “الانفجار وقع في مستودع للأسلحة تابع لحزب الله بسبب خطأ فنّي والحزب فرض طوقاً أمنياُ”، فيما قال سكّان من البلدة لوكالة الصحافة الفرنسية إنّه “مركز للحزب على شكل منزل.

الثاني: قانوناً، ليست الأجهزة الأمنية اليوم هي صاحبة الصلاحية في الكشف عن أيّ معطى يتعلّق بانفجار المرفأ. فالقضية مُحالة إلى المجلس العدلي وثمّة محقّق عدلي مسؤول عن كل تفصيل فيها، وهو المولج بوضع الرأي العام في صورة تطوّرات هذا الملفّ.

وتؤكّد مصادر قضائية لـ”أساس” أنّ “الكشف عن معطيات التحقيق من قبل جهازٍ أمنيّ هو خرقٌ وإفشاء لسريّة التحقيق، والأمر بيد المحقّق العدلي، حتّى لحظة إحالة القضية والمٌدّعى عليهم إلى المحاكمة.

بينما تقول مصادر أمنية لـ”أساس” إنّ “كلّاً من الشرطة العسكرية وشعبة المعلومات، ضابطة عدلية تأتمر بأمرة القضاء وتنفّذ إشارته القضائية. وقد أجريا تحقيقاتهما وأوقفا متّهمين بإشراف القضاء المختصّ، منذ كان الملف بعهدة  القاضي فادي عقيقي ثم مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، وصولاً إلى استلام القاضي فادي صوّان مهامه. وقد تمّ جمع التقريرين في تقريرٍ واحد رُفِع إلى المحقّق العدلي.

تؤكّد مصادر قضائية لـ”أساس” أنّ الكشف عن معطيات التحقيق من قبل جهازٍ أمنيّ هو خرقٌ وإفشاء لسريّة التحقيق، والأمر بيد المحقّق العدلي، حتّى لحظة إحالة القضية والمٌدّعى عليهم إلى المحاكمة

وكان واضحاً في كلام السيّد نصرالله المنحى التشكيكي في أداء صوّان “الذي يشتغل على قاعدة 6 و6 مكرّر” (يقصد الادّعاءات). وأشار إلى “خوف صوّان من “شوية” متظاهرين يَنزلوا لِعندك على باب البيت، أو من جماعة التواصل الإجتماعي. ليس هذا الذي يَعملك قويّاً يا جَناب المحقّق العدلي. قل للبنانيين ما الذي جرى في المرفأ. هل هو إهمال أو عمل تخريبي عدواني عبر صاروخ أو عبوة ناسفة أو طيران أو سيارة مفخّخة”. واعتبر أنّ “الطريقة التي يَشتغل بها (صوّان) فيها ارتياب”.

وفي اليوم التالي قالت قناة “المنار” التابعة لحزب الله، نقلاً عن مصادر مطلعة، أنّ “التحقيقات تناولت السبب المباشر للحريق والانفجار ومواد التفجير، واستندت إلى أكثر من 30 عيّنة من مسرح الانفجار، من التراب والبحر والأجسام المُنفجِرة والاجسام الثابتة والمتحرّكة”.

وأضافت “المنار”: “نتيجة التحقيقات الداخلية والخارجية تبيّن أن الانفجار ليس ناجماً عن اعتداء خارجي أو صاروخ أو مواد استخدمت للتفجير وليس بفعل فاعل، بل بسبب عملية تلحيم الباب وبقاء بعض الشرارات داخل العنبر 12 لأكثر من ساعة”. كذلك في “المنار” أنّ “التحقيق بنسخته الأجنبية لم تختلف في جوهرها عن النسخ التي انتهت إليها الأجهزة الأمنية اللبنانية. ولو كان الانفجار من فعلِ فاعل لكان الأميركيون أماطوا اللثام عن النتائج، لأنّ قدرة توجيه الاتهام يميناً وشمالاً أو نحو جهة محدّدة ستكون متاحة وبالدليل”. وهذا يعني أنّ الحزب يعتبر نتيجة التحقيقات حتّى الآن تبرّئه من المسؤولية، لذلك أبقيت “قيد الكتمان”، ويعتبر أنّ صوّان يسعى لحرف التحقيق عن مساره.

بالمقابل يفنّد تقرير “شعبة المعلومات” “ظروف” دخول الباخرة “روسوس” إلى مرفأ بيروت وتفريغها وبقاء كميات نيترات الأمونيوم لسبع سنوات في المرفأ وخارطة تحديد المسؤوليات وهوية العارفين بهذه المواد والمقصرّين في تلفها أو ترحيلها وتفاصيل ما جرى في الأشهر الأخيرة الفاصلة عن الانفجار… في حين تجزم مصادر أمنية موثوقة ومعنية بمسار التحقيق لـ”أساس” أنّها “ليست جريمة غامضة وفصولها باتت واضحة ويجب بالتالي ألا يستغرق الإعلان عن أسبابها كلّ هذا الوقت”.

تقول مصادر أمنية لـ”أساس” إنّ “كلّاً من الشرطة العسكرية وشعبة المعلومات، قد أجريا تحقيقاتهما وأوقفا متّهمين بإشراف القضاء المختصّ، منذ كان الملف بعهدة  القاضي فادي عقيقي ثم مدّعي عام التمييز القاضي غسان عويدات، وصولاً إلى استلام القاضي فادي صوّان مهامه. وقد تمّ جمع التقريرين في تقريرٍ واحد رُفِع إلى المحقّق العدلي

والمصادر نفسها تؤكّد في المقابل أنّ “الاختبارات على التربة والماء والحديد أكّدت عدم وجود آثار لمواد متفجّرة بل فقط نيترات الأمونيوم ومواد تُستخدم في المفرقعات، لكنّ البعض مصرّ على نظرية المؤامرة. مع العلم أنّ هناك الكثير من المواد التي دخلت إلى العنبر رقم 12 من دون تسجيلها في قيود الجمارك”.

في المقابل، هذه المعطيات الأمنية لا تزال تُقابل بتشكيك جهات أساسية في الداخل منها رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بحديثه مؤخّراً عن “وجود صاعق” واحتمال وجود عمل مقصود. وسبقه الى ذلك وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق بإشارته الى وجود “تواطؤ أميركي – اسرائيلي – لبناني لتضييع التحقيق في انفجار المرفأ”، راسماً علامات استفهام حول سبب عدم وصول الصور الجوّية المطلوبة حتّى الآن”، وامتلاكه “معطياتٍ شبه ملموسة بأنّ التفجير حصل بأيادٍ اسرائيلية”.

أتى ذلك بالتزامن مع الكشف عن نقطة أساسية في تقرير “أف بي آي” بأنّ 500 طن من النيترات انفجرت من أصل 2750. وهنا تفيد معلومات التحقيق أنّ “الخبيرة ميراي مكرزل أكّدت في تقريرها عام 2015 بعد الكشف على نيترات الأمونيوم أنّ الأكياس وُضعت بطريقة عشوائية، وبحسب قسيمة الإدخال فإنّ عدد الأكياس الممزّقة 1950 من أصل 2750”.

إضافة الى ذلك لا بدّ من ذكر خبر وكالة “رويترز” عن “عدم توصّل خبراء الـ”FBI” إلى استنتاجات حاسمة حول سبب الانفجار، وأنّه لا بدّ من توجيه المزيد من الأسئلة إلى السلطات اللبنانية”.

وأمام المسؤوليات الملقاة على عاتق القاضي صوّان باستكمال التحقيق إلى حين بتّ محكمة التمييز بدعوى الارتياب المشروع والكشف عمّا توصّلت اليه التحقيقات، فإنّ المحقّق العدلي أصدر حتّى الآن، عبر مجلس القضاء الأعلى، ثلاثة بيانات حول انفجار المرفا آخرها في 10 كانون الأوّل الماضي قال فيه إنّ “التحقيق يتمّ بدقة وتأنٍ مع ما يتطلّبه ذلك من احترام للأصول القانونية والعلمية وبما لا يتعارض مع احترام سريّة التحقيقات”، مع العلم أنّ مسار التحقيق منذ البداية تعرّض لانتهاكات صارخة من خلال التسريبات المنظّمة إلى وسائل الإعلام ومجالس السياسيين.

كما أشار البيان إلى الكتاب (المرفق بالمستندات) الذي وجّهه صوّان إلى مجلس النواب، حول وجود شبهات جدّية تتعلّق ببعض المسؤولين الحكوميين، وإرساله طلبَ تعاونٍ إلى الأمم المتحدة للحصول على صور جوّية التقطتها بواسطة الأقمار الاصطناعية لمكان الانفجار، وهو الطلب اللبناني الذي لم ينفّذ حتى اليوم”، والمقصود تعاون الدول المعنية والتي تملك مثل هذه المعلومات.

إقرأ أيضاً: “السيّد” ساوى خصومه وحلفاءه: كلّهم يعطّلون.. إلا أنا

وتضمّن البيان إشارة إلى أنّ “التحقيق المفتوح في باريس يفيد بأنّ النتائج المخبرية المتطوّرة والمتخصّصة التي تحلّل العينّات المستخرجة من موقع الانفجار، لن تصدر قبل شهر شباط أو آذار 2021، وبأنّ التحقيق القضائي الفرنسي المذكور يتزامن مع التحقيق الجاري في لبنان”.

مواضيع ذات صلة

مبعوث ترامب إلى الشّرق الأوسط: معجب “بروحانية” نتنياهو..

تشبه الشّخصيّات التي رشّحها الرّئيس الأميركيّ المُنتخب دونالد ترامب شخصيّته الجدليّة. فهو كما فاجأ المراقبين يومَ فازَ في انتخابات 2016، وبفوزه الكبير في انتخابات 2022،…

هوكستين موفد ترامب… فهل يضغط لإنجاز الاتّفاق؟

كثيرٌ من الضبابية يحيط بمصير المفاوضات التي قادها آموس هوكستين بين لبنان وإسرائيل، أو بالأحرى بين “الحزب” وإسرئيل، عبر رئيس مجلس النواب نبيه برّي. التفاؤل…

الاتّفاق Done: إعلانه خلال أيّام.. أو أسابيع؟

بين واشنطن وتل أبيب وبيروت أصبحت شروط الاتّفاق معروفة، ولا ينقصها سوى لمسات أخيرة قد تستلزم يوماً واحداً، وقد تطول لأسابيع، أربعة ربّما. لكن ما…

“اليوم التّالي” مطعّم بنكهة سعوديّة؟

لم يعد خافياً ارتفاع منسوب اهتمام المملكة العربية السعودية بالملفّ اللبناني. باتت المؤشّرات كثيرة، وتشي بأنّ مرحلة جديدة ستطبع العلاقات الثنائية بين البلدين. الأرجح أنّ…