قبل هذه الزيارة، كان السياسيون اللبنانيون يذهبون إلى هذا القصر مضطرّين مُجبَرين، مضطرّين إلى القبول بحكم الطاغية حتّى لو قتل آباءهم. هكذا زار القصر وليد جنبلاط بعد أربعين والده، وأمين الجميّل بعد أربعين أخيه بشير، وسعد الحريري بعد قتل رفيق الحريري.
لكنّ زيارة وليد جنبلاط لقصر الشعب أنهت هذه المأساة اللبنانية المستمرّة منذ عقود. دخل البيك مرتاحاً القصر الجاثم فوق جبل قاسيون، وترك لشيخ عقل الدروز سامي أبي المنى أن يقول: “قلقُ الأقليّة يحتاجُ إلى عدالة الأكثرية”، ودعا إلى دستور يحترم الخصوصيات الدينية، في دولة المواطنة،في رسالة سلّمها إلى الشّرع خلال اللقاء.
في النهاية، لبنان وطن الأقلّيّات. الدروز أقليّة في المنطقة. والعلويون أقليّة، والمسيحيون أقليّة، والأكراد أقليّة. وها هو زعيم الأكثرية أحمد الشرع يجلس في القصر اليوم، تارةً يلبس البلايزر، وطوراً يلبس ربطة العنق، ويتحدّث عن حماية التنوّع، ويفعل كلّ ما بوسعه، ويحاول أن يطمئن هذه الأقلّيّات، فيستقبلها وينسّق معها ويضحكُ لها.