يُعتبر الكتاب درساً في كيفية “بناء العصبية” والتحالفات الاجتماعية القويّة لاستدامة السلطة، لأنّ الكتاب في معظمه دراسة حول الأتراك وصعود حكمهم لمناطق العرب. وهو يقول، في جزئه الأخير والأكبر، إنّ بقاء الحكم العربي التابع لتركيا في السلطة مرهون بتوازن القوى الإقليمية، خصوصاً في ظلّ دعم تركيا لنظامه، وإنّ العلاقة بين العرب والترك كانت مليئة بالتوتّرات، حيث كان العرب ينظرون إلى الأتراك في بعض الأحيان كقوّة غازية أو محتلّة، وإنّ التدخّلات العسكرية والإقليمية قد تؤدّي إلى تثبيت السلطة لفترة معينة، لكنّها قد تواجه تحدّيات اجتماعية داخلية تتعلّق بتوزيع السلطة والسيطرة على الموارد، وهو ما قد يؤدّي إلى انهيار النظام إذا لم يتمّ التعامل مع هذه التحدّيات، ونتيجة ضعف الجذور الاجتماعية والاقتصادية، كما كان الحال مع الأتراك في العصر العثماني.
اشتهر ابن خلدون بنظريّته حول “صعود الإمبراطوريّات وانهيارها”. وكان يشير دوماً إلى أهمّية التوازن بين “القوّة العسكرية” و”الإدارة الحكيمة”… هذه رسالة جنبلاط الأخيرة، قبل أن يغادر جبل قاسيون، ويعود إلى جبل لبنان.