أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط للبدء بفتح الطريق أمام انتخاب رئيس في جلسة التاسع من كانون الثاني المقبل… فهل بات “القائد” على أبواب قصر بعبدا؟
قبل هذا الإعلان، كان جنبلاط الذي يراقب جيّداً بوصلة تطوّرات المنطقة وصولاً إلى ساحة النجمة اللبنانية، قد زار باريس. وفي هذه الزيارة استمع جنبلاط إلى “الإرادة الدولية” التي تعبّر علناً عن دعمها لرئاسة جوزف عون، بعدما اختبرت قيادته لمؤسّسة الجيش اللبناني.
ما سمعه جنبلاط في باريس لا يعكس فقط موقف فرنسا. بل يأتي بعد اللقاء بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض، الذي جرى فيه، بحسب معلومات “أساس”، الاتّفاق على مقاربة الملفّ اللبناني في رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومسار استنهاض البلد بدءاً من إعادة الإعمار.
أعلن “اللقاءُ الديمقراطي” من دارة كليمنصو تبنّي ترشيح قائد الجيش جوزف عون لرئاسة الجمهورية. وفي هذا الإعلان اختراق كبير حقّقه جنبلاط
جنبلاط “يقرأ” المشهد المقبل
عاد جنبلاط وفي جعبته تصوّر عن مسار لبنان في اليوم التالي للحرب، متوجّهاً مباشرة إلى عين التينة حيث أطلع برّي على هذه الأجواء. وحضر جنبلاط استثنائياً اجتماع الكتلة من أجل هذا الإعلان الكبير الذي عبّر عنه اللقاء في بيان تحدّث بكلّ دقّة عن “دعم ترشيح قائد الجيش جوزف عون للرئاسة”.
في معلومات “أساس” أنّ “اللقاء الديمقراطي” لا يريد أن يدخل في نقاش مع القوى الأخرى حول هذا الترشيح، بل ينتظر مفاعيله.
في معلومات “أساس” أيضاً أنّ اجتماعات الكتل السنّية كانت في حال انعقاد مستمرّ للاتّفاق على رئيس. ووفق مصادره، اتّفقت على عدم دعم أيّ رئيس لا يحظى بتوافق عامّ، أي بأكثر من 86 صوتاً. وباتت مختلف أطيافها مستعدّة لدعم ترشيح قائد الجيش في الفترة المقبلة لتنضمّ إلى الكتلة الدرزية في هذه الخطوة، ضمن محاولة لاستقطاب كلّ القوى ليكون قائد الجيش مرشّحاً توافقياً للجميع.
في هذا الإطار قال النائب أحمد الخير إنّ “الصورة باتت أوضح عند الجميع، وهناك شبه اقتناع عند الغالبية بأنّ تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية في الجلسة المقبلة يحتاج الى توافق الجميع على قائد الجيش جوزف عون”.
ما سمعه جنبلاط في باريس لا يعكس فقط موقف فرنسا. بل يأتي بعد اللقاء بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووليّ العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان
كتلة وسطيّة متنوّعة وازنة: التّفاهم على قائد الجيش
على المقلب الآخر، يبدو أنّ الكتلتين، الدرزية والسنّية، ستشكّلان وزناً سياسياً كبيراً لن يكون يتيماً. فرئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل، بعد موقف سابق رافض لرئاسة عون، يبدو أنّه أعاد الحسابات معلناً أنّ قائد الجيش قاد المؤسّسة في ظروف استثنائية جداً، وبالتالي كتلة الكتائب مستعدّة لدعمه والتصويت له رئاسياً.
كذلك قوى أخرى في المعارضة التي تعقد اجتماعاتها في الوقت الراهن لمناقشة الملفّ الرئاسي. ومن دون الإعلان عن ذلك بشكل صريح بعد، إلا أنّ قوى متعدّدة من المعارضة تتحدّث في الكواليس السياسية عن استعدادها للذهاب إلى دعم قائد الجيش للرئاسة في المدى المنظور، خصوصاً أنّ هناك شبه قناعة وصل إليها الجميع بأنّ أيّ تلاقٍ لحصول الانتخاب لن يكون إلّا على مرشّح مدعوم خارجياً لإعادة إعمار البلد أوّلاً، واستنهاض القطاعات المختلفة ثانياً.
في معلومات “أساس” أنّ اجتماعات الكتل السنّية كانت في حال انعقاد مستمرّ للاتّفاق على رئيس. ووفق مصادره، اتّفقت على عدم دعم أيّ رئيس لا يحظى بتوافق عامّ
فرنجيّة: رئيس قويّ والأولويّة للاقتصاد
في عشاء الأربعاء أعلن رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية أنّ حظوظه أصبحت قليلة، وأنّه يدعم رئيساً قويّاً. ودعا فرنجية رئيس حزب القوات سمير جعجع إلى الذهاب إلى جلسة التاسع من كانون الثاني وانتخاب رئيس قويّ. وقال فرنجية إنّه يحافظ على أصدقائه ولو اختلف معهم على الرئاسة.
في هذا الكلام، يغمز فرنجية من قناة الاختلاف بينه وبين “الثنائي” في حال دعم قائد الجيش. فهو، بحسب مصادر مقرّبة منه، تحدّث عن المواصفات الرئاسية ولم يكن ينقص إلا أن يُعلن اسم جوزف عون ليؤكّد موقفه السابق الذي أعلنه من عين التينة.
عليه، فإنّ معلومات “أساس” أنّ كتلة فرنجية تشترك مع الكتل الوسطية في الطرح الرئاسي. وسيسهم ذلك حتماً في توسيع نطاق دعم رئيس توافقي بـ86 صوتاً، على أن يؤدّي ذلك إلى استقطاب “الثنائي الشيعي” من جهة، والقوات اللبنانية من جهة أخرى، تحت عنوان “الرئيس القويّ الذي يحظى بدعم دولي لاستنهاض البلد”.
في عشاء الأربعاء أعلن رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية أنّ حظوظه أصبحت قليلة، وأنّه يدعم رئيساً قويّاً
ماذا عن الثّنائيّ المسيحيّ؟
ما يزال هذا المشهد الرئاسي ينتظر إنضاجه في الأيام المقبلة، لا سيما على مستوى موقف “الثنائي الشيعي” بشقّيه، شقّ الرئيس برّي الذي لا يعبّر عن انفتاحه حتّى الساعة لانتخاب عون، وبشقّه المتعلّق بـ”الحزب” الذي ما يزال ينتظر إجراء بعض التفاهمات الداخلية حول اتّفاق وقف إطلاق النار ليعلن موقفه من الرئاسة بعد مرحلة سليمان فرنجية.
أمّا الثنائي المسيحي فحتّى الساعة كلٌّ له حساباته في الرئاسة:
- باسيل سيكون خارج السلطة في رفضه انتخاب قائد الجيش.
- وجعجع ينتظر خصومه لإعلان موقفهم.
خلاصة القول أنّ جلسة التاسع من كانون الثاني 2025 إن أنتجت رئيساً أو فتحت الجلسات المتتالية، فستضع القوى المختلفة أمام امتحان صعب سيحاسَبون عليه في المرحلة المقبلة.
إقرأ أيضاً: سليمان فرنجيّة: شريك في رئاسة “قويّة”
لمتابعة الكاتب على X: