من الأسباب التي ادّعى رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّها دفعته الى القبول باتفاق مع لبنان لوقف إطلاق النار الآن، “التركيز على التهديد الإيراني”، و”القيام بكلّ شيء لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي”. قال نتنياهو إنّ “إزالة التهديد الإيراني أولوية لضمان أمن إسرائيل”، غير أنّ صحيفة “جيروزاليم بوست” التي تدعم مواقفه تعتبر أنّ ذلك يتطلّب من إسرائيل إعادة تعريف مهمّتها هذه بحيث لا تقتصر على النجاة من تهديدات خامنئي فحسب، بل وتحييد مصدرها.
إذ إنّ للمرشد الأعلى علي خامنئي، كما تذكر الصحيفة، “مهمّة واضحة: تدمير إسرائيل بحلول عام 2040. وقد أظهر أنّ الردع الذي تمارسه إسرائيل لا يمكن إلا أن يؤخّر عدوانها وليس أن يوقفه. إسرائيل الآن في حرب من سبع جبهات ضدّ طهران ووكلائها الإرهابيين”.
لا يكفي لضمان الأمن لإسرائيل، بحسب الصحيفة، مضاعفة جهود الردع، بل يتطلّب استراتيجية مضادّة جريئة: تفكيك نظام الخميني. وعلى إسرائيل إعادة تعريف مهمّتها بحيث لا تقتصر على النجاة من تهديدات خامنئي فحسب، بل وتحييد مصدرها.
كاتبا المقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسّسة الدفاع عن الديمقراطيات، الخبير في البرنامج النووي الإيراني وشبكة التهديد العالمية، وزميله في المؤسّسة جاكوب ناجل، المستشار السابق للأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يعتقدان أنّ “إنهاء دكتاتورية خامنئي ليس خيالاً، بل هدف واضح وقابل للتحقيق. وعلى الرغم من عدوانيّته، فإنّ النظام الديني هشّ. فالشعب الإيراني يكره خامنئي وأتباعه لأنّهم دمّروا الاقتصاد وجعلوا أنفسهم أثرياء بالفساد. يتمّ سجن المعارضين وتعذيبهم. وأولئك الذين يحتجّون يخاطرون بحياتهم بسبب إطلاق قوات الأمن الرصاص الحيّ. لكنّ الاحتجاجات مستمرّة، ولا يزال الناس يهتفون “لا غزّة، ولا لبنان، حياتي من أجل إيران”.
إذا كانت المهمّة هي القضاء على إسرائيل بحلول عام 2040، فإنّ مهمّة إسرائيل يجب أن تكون تفكيك نظامه
إطاحة الإيرانيّين بالنّظام
برأي الخبيرين بالشؤون الإيرانية، من الممكن “أن يطيح الشعب بالنظام من تلقاء نفسه. ولكنّ خامنئي تعلّم من بشار الأسد في سوريا كيفية قمع الثورة: التعذيب والقتل والغاز المسيّل للدموع ضدّ المعارضة السلمية والعنيفة. ولكنّ المساعدة من الخارج يمكن أن تقلب ميزان القوى ضدّ النظام. وقد تكون مساعدة المعارضة غير مجّانية، لكنّها يمكن أن تقضي على سلسلة كاملة من التهديدات التي أجبرت إسرائيل على إنفاق مبالغ كبيرة، عاماً بعد عام، لمواجهتها. والجمهورية الإسلامية الإيرانية هي أكثر الدول رعايةً للإرهاب، وإسرائيل هي هدفها الرئيسي.. إنّها قوّة مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، تحاول إحباط اتفاقيات أبراهام والرغبة في السلام مع إسرائيل.. وهي على وشك امتلاك أسلحة نووية، وهو ما سيسمح لخامنئي بتحقيق هدفه، وهو الإبادة الجماعية”.
وفق الكاتبين، “يتّفق القضاء على النظام تماماً مع استمرار الحملة ضدّ البرنامج النووي الإيراني، والضربات الإسرائيلية للدفاعات الجوّية الاستراتيجية الإيرانية المفترضة، والعمليات السرّية الإسرائيلية التي قضت على الآلاف من أعضاء “الحزب”، أو أحد قادة حماس في طهران، أظهرت قدرة إسرائيل على هزيمة خصوم راسخين من خلال الذكاء الدقيق والتكنولوجيا المتقدّمة والعمليات الجوّية الرائعة. بل لقد وصل سلاح الجوّ الإسرائيلي بالفعل إلى أحد مكوّنات برنامج إيران النووي الشهر الماضي”.
لكنّهما يعتقدان أنّ “العملية المشتركة بين الولايات المتحدة وإسرائيل من شأنها أن تزيد بشكل كبير من فرص نجاح الحملة ضدّ برنامج خامنئي النووي، حيث إنّها تجمع بين الدقّة التشغيلية لإسرائيل والقوّة النارية والقدرات اللوجستية والنفوذ الدبلوماسي للولايات المتحدة. كما أنّ الضربات الوقائية والحرب السيبرانية لتعطيل أنظمة القيادة والإجراءات السرّية لتخريب المكوّنات النووية تشكّل العمود الفقري لهذا الجهد”.
خامنئي تعلّم من بشار الأسد في سوريا كيفية قمع الثورة: التعذيب والقتل والغاز المسيّل للدموع ضدّ المعارضة السلمية والعنيفة
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، يرجّح الكاتبان أن تواجه الجمهورية الإسلامية عودة العقوبات كجزء من سياسته “للضغط الأقصى”. ففي ولايته الأولى، أدّت العقوبات إلى تدمير عائدات طهران النفطية، واستنزاف احتياطاتها من النقد الأجنبي، وتسبّبت في تضخّم مؤلم، وانهيار عملة إيران، وتقييد قدرتها على تمويل شبكتها الإرهابية.
أجندة إسرائيل الإيرانيّة
في رأيهما أنّ الجمهورية الإسلامية هي الكيان الغريب لإيران والشعب يعرف أنّها السبب الجذري لبؤسه. وبالتالي ستساعد عودة الضغط الأقصى في تهيئة الظروف لانتفاضة جديدة. لذا يتعيّن على إسرائيل أن تعمل مع حلفائها، وخاصة الولايات المتحدة، على:
– إعادة فرض العقوبات وتوسيعها، بحيث لا تستهدف البرنامج النووي الإيراني فحسب، بل والحرس الثوري الإسلامي، شريان الحياة للنظام لتصدير الإرهاب والقمع.
– زيادة الضغط دبلوماسياً على طهران من خلال الاعتماد على اتفاقيات أبراهام، والانتهاء إلى عقد اتفاق سلام مع السعودية. وقد أثار دعم إيران لروسيا في أوكرانيا حفيظة الحكومات الأوروبية التي قد تكون الآن على استعداد لممارسة ضغوط دبلوماسية إضافية.
– تكثيف العمليات السرّية والاستخبارية الإسرائيلية هو ركيزة أساسية أخرى لهذه الاستراتيجية، لأنّها تركّز على نقاط القوّة الحاسمة للنظام وتستهدف المنشآت النووية الإيرانية، وعلماء الأسلحة النووية، وقادة الحرس الثوري الإسلامي، والقدرات السيبرانية، والشبكات المالية.
– أخيراً، على إسرائيل مضاعفة دعمها للشعب الإيراني، من خلال تزويد المعارضين بمنصّات الاتصالات، والمعلومات الاستخبارية القابلة للتنفيذ ضدّ النظام، ويمكن لإسرائيل زيادة فرص نجاح الشعب الإيراني للتحرّر من نير القمع. إذا اختار الناس مقاومة عنف النظام بالقوّة، فإنّهم يستحقّون توفير الأسلحة لهم أيضاً.
إقرأ أيضاً: إغناتيوس: إيران وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار
ينهي الكاتبان مقالهما: إذا كانت مهمّة خامنئي هي القضاء على إسرائيل بحلول عام 2040، فإنّ مهمّة إسرائيل يجب أن تكون تفكيك نظامه. يجب تعبئة جميع عناصر القوّة الإسرائيلية، بدعم من الإدارة الأميركية المقبلة. النصر هو الخيار الوحيد. وهذا يعني ضمان أن يصبح نظام خامنئي من بقايا التاريخ قبل وقت طويل من بلوغ خطّه الزمني المدمّر ثماره.
لقراءة النص الأصلي: