وقوع لبنان على لحظة سياسية مشابهة لتلك التي أوصلت الرئيس ميشال عون إلى بعبدا تزداد حظوظه السياسية، وسببه المناظرة الرئاسية الأميركية بين دونالد ترامب وجو بايدن وتقدّم حظوظ الثاني في السباق الرئاسي. ليس مغامرة القول إنّ السياسة الخارجية الأميركية، للمرّة الأولى، يتقدّم فيها العنصر الخارجي إلى هذا الحدّ “على الرغم من كون هجمات 11 أيلول” ما تزال مؤثرة، وبينها احتواء إيران لا الاشتباك معها. ما يحصل الآن يتشابه من دون أن يتماثل مع لحظة انتخاب ميشال عون لطمأنة إيران، وفي هذه اللحظة السياسية “ربّما نشهد وصول سليمان فرنجية إلى سدّة الرئاسة الأولى”.
تشابه لا تطابق
المشهد السياسي هذا يرسمه النائب السابق فارس سعيد لـ “أساس” منطلقاً ممّا حصل عام 2016 لجهة انتخاب عون “بعدما خشي” محور الممانعة وصول المرشّح الحالي والرئيس السابق دونالد ترامب فسارع إلى انتخاب عون “لطمأنة ذاته” أوّلاً، وثانياً فقد كان من ضمن “احتواء إيران” والاعتراف به.
على الرغم من الوقائع والإشارات السياسية، وبينها المناظرة بين ترامب والرئيس جو بايدن، التي تشير إلى تقدّم الأوّل، اعتبر سعيد أنّ وصول أيّ من الاثنين لن يبدّل من سردية الحرب التي تتنقّل بالمنطقة، “فالمرشّحان محكومان حتى الساعة بتداعيات هجمات 11 أيلول الإرهابية”، وقال: “أعتقد أنّه منذ نهاية الحرب الباردة حدّدت الولايات المتحدة بعد هجمات 11 أيلول 2001 عدوّين هما الإرهاب الإسلامي ثمّ الصين. ومن ضمن السياسات العميقة للولايات المتحدة الأميركية ما تزال إيران تحتلّ أهمّية على قاعدة احتوائها، وبالتالي ما من فارق جوهري بين وصول ترامب أو استمرار بايدن”.
وقوع لبنان على لحظة سياسية مشابهة لتلك التي أوصلت الرئيس عون إلى بعبدا تزداد حظوظه السياسية، وسببه المناظرة الرئاسية الأميركية بين ترامب وبايدن
القلق السّياسيّ
ما ينبغي قبل سواه بالنسبة للنائب السابق سعيد هو التدقيق بالروزنامة السياسية الخارجية التي ساهمت في انتخاب عون، ومسار الاتفاق النووي مع إيران، وأشار إلى اختلاف الكيفيّات بين الماضي والحاضر، فوقتذاك حدث انهيار المعارضة السورية وانهيار حلب، وجاءت هذه اللحظة على أبواب انتخاب رئيس أميركي، وهو ما دفع إيران ومشايعيها في لبنان إلى استغلالها وانتخاب ميشال عون. وبهذا المعنى يمكن أن يتكرّر شيء من الماضي، وربّما نرى الوزير السابق سليمان فرنجية في قصر بعبدا. واستند سعيد بقناعته هذه إلى أنّ التفاهم الأميركي ـ الإيراني هو عدم تخطّي قواعد معيّنة. والأمثلة على ذلك:
1ـ قوّة الرضوان تشكّلت من أجل اجتياح الجليل، وحتى الآن لم تتقدّم سنتيمتراً واحداً.
2 ـ الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل رُسّمت في عام 2022، وها هي إسرائيل تستمرّ باستخراج الغاز من حقل كاريش ولا أحد يعيق عملها.
3 ـ آموس هوكستين وصفته باللغة الإنكليزية swinger، بمعنى أنّه يُرضي أهل العريس وأهل العروس في الوقت نفسه. وبالتالي يسعى بكلّ ما لديه من قوّة لكي يبرّد الأجواء بين الجبهتين.
ناخبو الخارج
هذه العناصر تجعل فارس سعيد أميَل إلى استبعاد نشوب حرب على نطاق شامل. لكنّه ما يلبث أن يتردّد في قراءته: “إذا خشيت إيران فعلاً من وصول دونالد ترامب إلى سُدّة الرئاسة فماذا ستفعل حينها، خصوصاً أنّ انتخاب الأخير يتعارض مع مصالحها؟ حينها قد يكون شغلها الشاغل إدخال رئيس جمهورية إلى بعبدا، وتجاوز قواعد الاشتباك التي ما تزال قائمة حتى الساعة”.
إقرأ أيضاً: لا مبادرة فاتيكانيّة وتكتّمٌ على “معطّلي” الرّئاسة!
على مستوى الانتخابات الأميركية سجّل سعيد مفارقة قد تكون فريدة في بابها، منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، وهي “حجم التدخّل الخارجي وتحوّله إلى ناخب في الانتخابات المُزمعة”، وأضاف: “كما فلسطين تنتخب اليوم داخل الولايات المتحدة، كذلك أوكرانيا والشرق الأوسط والصين ينتخبون”.