قبل انعقاد اللقاء المرتقب بين كتلة “الاعتدال الوطنيّ” ونواب الحزب الإثنين المقبل. برز تشدّد واضح من جانب الثنائي الشيعي يمكن أن يُفرمِل المسعى الرئاسي المحلّي الذي قادته أخيراً كتلة “الاعتدال” إلى حدّ محاصرته بالكامل. مع العلم أنّ كلام الكواليس لدى العديد من المرجعيات كان ينعى سلفاً “بَرمة أبي ملحم”. فهي لن تشكّل خرقاً يقود قريباً إلى التئام مجلس النواب لانتخاب الرئيس.
تحدّث نائب الحزب حسن فضل الله قبل أيام عن “رفض المقاومة الحوار الداخلي المقيّد بأيّ شروط أو فرض فيتوات وخيارات محدّدة”. لكنّ زميله في “حركة أمل” النائب علي حسن خليل ذهب أبعد من ذلك بنَسفه “الأساس” الذي انطلقت منه مبادرة “الاعتدال الوطنيّ”. وحجّته في ذلك عدم الركون إلى المسار التقليدي في الدعوة إلى الحوار. بل “التداعي والتشاور ورفع توصية لرئيس المجلس لفتح المجلس لانتخاب الرئيس بعد التوافق على اسم أو مجموعة أسماء”.
في كلامه إلى برنامج “صار الوقت” على محطة “أم تي في” مع الزميل مارسيل غانم. أكّد خليل ضرورة “توجيه الدعوة إلى رؤساء الكتل الموجودة في المجلس النيابي والاتّفاق مسبقاً عليها. وليس على قاعدة التداعي والتشاور في مجلس النواب. وعن طاولة مستديرة محضّرة وموجودة، ونكون عارفين لوين رايحين”.
كلام نائب “الحركة” أعاد الجميع إلى كلاسيكيّات طاولات الحوار السابقة المرفوضة بالمطلق من غالب القوى السياسية، لا سيّما المسيحية. وهو ما أوحى بالإطاحة بـ”الدعاية” الترويجية لنجاح مسعى نواب الاعتدال في جرّ الجميع قريباً إلى ساحة النجمة.
لا جلسات مفتوحة
بعكس كلّ منطق المعارضة الذي يتحدّث عن جلسات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس، قال خليل: “تُفتتح الجلسة وندخل في الدورة الأولى بنصاب 86 وانتخاب رئيس بـ 86 صوتاً. وإذا لم ننجح نذهب إلى دورة ثانية وثالثة ورابعة لانتخاب رئيس بالأكثرية… ولكن إذا لم نتمكّن من إتمام عملية الانتخاب لا نترك الجلسات مفتوحة. بل يختمها الرئيس بري لمزيد من التشاور لإنضاج القرار، وإلّا نعطّل عمل المجلس”.
أفادت معلومات “أساس” أنّ الورقة الفرنسية لم تردّ الحكومة اللبنانية عليها رسمياً بعد. وهي الورقة التي حَملها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيغورني إلى بيروت في 6 شباط الماضي
بشكل غير مباشر كرّر خليل التمسّك بترشيح سليمان فرنجية قائلاً: “لا أحد يشترط علينا التخلّي عن مرشّحنا. نحن نحتاج إلى دفع خارجي وتوافق داخلي والاثنين “مخربطين”.
تزامَنَ تشدّد الثنائي الشيعي الذي يرفع شعار فَصل حرب غزة عن الرئاسة مع لقاء سفراء “الخماسية” أمس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. ومع تبشير الأخير بقدوم الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قريباً إلى بيروت. وبوجود حديث جدّي مطلع الأسبوع المقبل عن وقف العمليات العسكرية في غزة.
في المعطيات يأتي لقاء الخماسية مع ميقاتي ضمن السياق المكمّل للقاء سفرائها مع الرئيس برّي في 30 كانون الثاني الماضي. إضافة إلى اللقاءات المتفرّقة بين أعضائها. من دون أن يقدّم أيّ وصفة حلّ يمكن الركون إليها خارج إطار تمنّيات “الخماسية” أن تجتمع القوى السياسية وتتوافق على مرشّح أو أكثر وعدم انتظار هدوء جبهة غزة نهائياً. “لأنّ هذا الأمر قد يتأخّر لأشهر طويلة”، على حدّ تعبير أحد أعضائها.
“الخماسيّة”: تسهيلات لا تسميات
أمس كرّر السفير المصري علاء موسى إثر انتهاء لقاء السراي أنّ “الخماسية لا تتناول أسماء، فهذا الأمر حقّ أصلي وحصري للبنان وللقوى السياسية اللبنانية”. مؤكداً “وحدة موقف “الخماسية” والتزامنا بتقديم المساعدة والتسهيلات ما دمنا نشعر أنّ الالتزام والإرادة موجودان بالفعل من جانب القوى السياسية. نحن نعمل من أجل موقف واحد والتزام واحد تجاه الانتهاء من هذا الاستحقاق بأسرع وقت”.
في المشهد العامّ تبدو “سِلسلة” الانتظارات طويلة ومعقّدة: ينتظر لبنان وباقي عواصم القرار نتائج المفاوضات المتنقّلة بين باريس والدوحة والقاهرة حول تكريس الهدنة “المؤقّتة” في غزة. وينتظر هوكستين تبلور أوّل التفاهمات الأمنيّة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني لزيارة المنطقة ولبنان.
بدوره ينتظر الحزب “العَرض” الأميركي جنوباً بعد العرض الفرنسي الأمنيّ المرفوض من قبله. وذلك ليبني على أساسه مقاربته الحدودية وفي الرئاسة، لكن ليس قبل وقف عدوان غزة.
قبل انعقاد اللقاء المرتقب بين كتلة “الاعتدال الوطنيّ” ونواب الحزب الإثنين المقبل. برز تشدّد واضح من جانب الثنائي الشيعي يمكن أن يُفرمِل المسعى الرئاسي المحلّي
بالمقابل، ينتظر الداخل اللبناني ردّة فعل الحزب على احتمال توسيع إسرائيل رقعة عدوانها على لبنان وتنفيذ توغّل برّي لتكريس المنطقة العازلة عن الحدود الإسرائيلية الشمالية. وذلك من أجل وضع تقديرات للمدى الزمني الذي يفصل عن حصول التسوية وانتخاب رئيس الجمهورية ووضع قطار الحلّ للأزمة الاقتصادية-الماليّة على السكّة.
يقود هذا الكادر الأوسع إلى مشهد داخلي مُشبَّع بالمزيد من التعقيدات والرهانات الخاطئة. وليس أوّلها إقناع بعض القوى السياسية نفسها بأنّ فصل الملفّ الرئاسي عن حرب غزة والوضع الجنوبي أمر ممكن. حتى لو وصلت صواريخ العدوّ الإسرائيلي إلى الغازية وبعلبك وعمق الضاحية.
الورقة الفرنسيّة
في السياق نفسه، أفادت معلومات “أساس” أنّ الورقة الفرنسية لم تردّ الحكومة اللبنانية عليها رسمياً بعد. وهي الورقة التي حَملها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيغورني إلى بيروت في 6 شباط الماضي. مع العلم أنّ الأمين العامّ للحزب السيد نصرالله وصفها في أحد خطاباته بأنّها “ورقة إسرائيلية”.
إقرأ أيضاً: عريضة الـ 26: باسيل يُحرِج “القوّات” والحزب
لكنّ اللافت أنّ وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب تحدّث أمس عن المبادرة الفرنسية المؤلّفة من ثلاث مراحل بإيجابية خلال مقابلة مع “الجزيرة”. إذ قال إنّ “الفرنسيين طرحوا أفكاراً جيّدة ندرسها وسنردّ عليها الأسبوع المقبل”. وتتضمّن المبادرة تفكيك مواقع الحزب ومنظوماته الصاروخية. وانسحاب مقاتليه نحو 10 كيلومترات شمال الخطّ الأزرق. وانتشار 15 ألف جندي من الجيش اللبناني في منطقة جنوب نهر الليطاني.
لمتابعة الكاتب على X: