في هذه الحلقة الأخيرة من الدراسة الموسعة لتوماس بويو (Tomas Pueyo) حول استراتيجيات محاربة كورونا والموازنة بينها، يشرح الكاتب خطة معدّلة من استراتيجية قمع الفيروس، تختصرها عبارة “المطرقة والرقصة”، وهي تتطلّب إجراءات شديدة خلال أسابيع، ثم المضيّ بحياة شبه طبيعية، تحت الرقابة، إلى حين اكتشاف اللقاح، وهو الحلّ النهائي.
4- المطرقة والرقصة
نحن نعلم الآن، أنّ استراتيجية التخفيف من وطأة الفيروس قد تكون خياراً فظيعاً، وأنّ لاستراتيجية القمع فائدة كبيرة في المدى القصير.
لكن للناس مخاوف مشروعة حول هذه الاستراتيجية:
فكم ستدوم فعلياً؟ وكم ستكون كلفتها؟ وهل سنشهد ذروة ثانية من الإصابات إن لم نفعل شيئاً؟
هنا سنلقي نظرة على ماذا تعنيه استراتيجية حقيقية لقمع الفيروس. ويمكننا تسميتها المطرقة والرقصة.
المطرقة
أولاً، تتحرّك بسرعة وعدائية. من أجل كل الأسباب التي أشرنا إليها آنفاً. وبالنظر إلى قيمة الوقت، نريد إطفاء هذا الشيء بأسرع وقت ممكن.
الرسم البياني رقم 11: القمع مقابل التخفيف مقابل عدم فعل أيّ شيء – المذكور سابقاً
أحد الأسئلة الأكثر أهمية هو: كم ستدوم هذه الاستراتيجية؟
يكمن الخوف في أنّه على الجميع أن يبقوا محصورين داخل منازلهم لأشهر من الزمن، مع ما يتبع ذلك من كارثة اقتصادية وانهيارات ذهنية. وردت هذه الفكرة لسوء الحظ في الورقة البحثية الشهيرة للمعهد الإمبراطوري:
هل تذكرون هذا الرسم البياني؟ مساحة اللون الأزرق الفاتح التي تمتد من نهاية آذار إلى نهاية آب، هي المدة الزمنية التي توصي الورقة البحثية بأن تكون مرحلة “المطرقة”، أي القمع الأساسي الذي يتضمّن التباعد الاجتماعي الشديد.
إن كنتَ سياسياً، ووجدت أنك في خيار بين أمرين، الأول ينطوي على ترك مئات الآلاف أو الملايين يموتون في “استراتيجية التخفيف”، والثاني يفيد بتعطيل الاقتصاد خمسة أشهر قبل الوصول إلى الذروة نفسها من حالات الإصابة والوفاة، فهذان الخياران لا يبدوان جذّابين.
لكنّنا لا نحتاج إلى هذا الخيار. وهذه الورقة البحثية التي تقود السياسات اليوم، قد انتقدت بقسوة لأخطاء أساسية فيها: فهي تتجاهل تعقّب اتصالات المُصاب (وهذا في قلب السياسات المعتمدة في كوريا الجنوبية، وفي الصين أو سنغافورة من بين بلدان آخرى)، وتتجاهل أثر التجمعات الكبيرة في نشر العدوى…
إنّ الوقت اللازم للمطرقة هو أسابيع لا أشهر.
الرسم البياني رقم 12: حالات الإصابة في ووهان وتطوّر العدوى
يعرض الرسم البياني الحالات الجديدة في كلّ مقاطعة هيوباي (60 مليون فرد) كلّ يوم منذ 23 كانون الثاني. فخلال أسبوعين، بدأت العودة إلى العمل. وخلال 5 أسابيع تقريباً، كان الوباء تحت السيطرة تماماً. وخلال 7 أسابيع، كانت نتائج التشخصيات الجديدة ضئيلة. فلنتذكّر أن هيوباي كانت المنطقة الموبوءة الأسوأ في الصين.
ولنتذكّر مرّة أخرى أنّ هذه هي الأعمدة البرتقالية. أما الأعمدة الرمادية، التي تمثّل الحالات الحقيقية، فقد هبطت في وقت أبكر بكثير (انظر الرسم البياني رقم 9).
إنّ الإجراءات التي اعتمدوها هي مشابهة إلى حدٍّ ما بتلك التي اعتمدت في إيطاليا، وإسبانيا أو فرنسا: العزل، والحَجْر، وعلى الناس البقاء في منازلهم ما لم يكن ثمة طارئ ما، أو لشراء طعام، وتعقّب الاتصالات، والفحص، ومزيد من الأسرّة في المستشفيات، وحظر السفر…
لكن التفاصيل مهمّة على أيّ حال.
إن إجراءات الصين كانت أقوى. على سبيل المثال، لم يُسمح إلا لواحد من كل منزل بالخروج لشراء طعام، وكل ثلاثة أيام. كذلك، فإن فرض تنفيذ الإجراءات كان شديداً. ومن المرجّح أنّ هذه الشدة هي التي أوقفت الوباء على نحوٍ أسرع.
إقرأ أيضاً: استراتيجيات مواجهة كورونا (3/2): قمع الفيروس.. وشراء الوقت
في إيطاليا كما في فرنسا وإسبانيا، لم تكن الإجراءات بهذه الصرامة، وفرضها لم يكن بهذه الشدة. ظلّ الناس يمشون في الشوارع، وكثير منهم من دون أقنعة. وهذا ما نتج عنه مطرقة أبطأ: يحتاج الأمر إلى وقت إضافي للسيطرة كاملاً على الوباء.
بعض الناس يفسّر ذلك بالقول: “إن الديموقراطيات لن تكون قادرة أبداً على تكرار التقليص في حالات الإصابة“. هذا خطأ.
الرسم البياني رقم 12: الإصابات الجديدة بالكورونا يومياً في كوريا الجنوبية
لأسابيع عدة، كانت كوريا الجنوبية تعاني من أسوأ انتشار للوباء خارج الصين. الآن، أصبح الوباء تحت السيطرة إلى حدٍّ كبير. وفعلوا ذلك من دون مطالبة الناس بالبقاء في المنازل. لقد أنجزوا ذلك تقريباً بوساطة حملة فحص شرسة جداً، وتغقّب الاتصالات، وفرض الحَجْر والعزل.
الجدول التالي يمنح فكرة جيدة عن الإجراءات المختلفة التي اعتمدتها البلدان وكيف كان تأثيرها فيها (هذا عمل في تقدّم مستمر ونرحّب بالمعلومات الإضافية).
الرسم البياني رقم 13: الإجراءات غير الدوائية (NPI) في كل بلد
هذا الرسم البياني يعرض كيف أن البلدان التي كانت مستعدة، بسلطة قوية لمكافحة الأوبئة، وتعليم الناس على إرشادات الصحة والتباعد الاجتماعي، والكشف المبكر والعزل، لم تكن بحاجة لاعتماد إجراءات أشدّ فيما بعد.
بالعكس تماماً، فإنّ بلداناً مثل إيطاليا وإسبانيا أو فرنسا، لم تكن تتصرّف بشكل جيد بإزاء الوباء، وكان عليها إذاً تنفيذ استراتيجية المطرقة بإجراءات شديدة في العمق للحاق بالوباء.
أما نقص الإجراءات في الولايات المتحدة وفي بريطانيا، فهو تناقض حادّ، لا سيما في الولايات المتحدة. فهذه البلدان ما تزال لا تفعل شيئاً من الذي سمح لسنغافورة وكوريا الجنوبية أو تايوان السيطرة على الفيروس، على الرغم من أنّ انتشاره في تلك البلدان كان يتطوّر عمودياً. لكنّها مسألة وقت. فإما أن يصاب هذان البلدان بانتشار واسع للوباء، أو يدركان خطأهما متأخّرين، فيعمدان إلى التعويض عن النقص بمطرقة أثقل. لا مفرّ من ذلك.
لكن هذا ممكن القيام به. فإن كان الوباء ممكناً السيطرة عليه، في كوريا الجنوبية خلال أسابيع، دون فرض التباعد الاجتماعي، فإن البلدان الغربية، التي تطبّق الآن مطرقة ثقيلة مع إجراءات صارمة من التباعد الاجتماعي، يمكنها حتماً السيطرة على الوباء خلال أسابيع. هي مسألة انضباط، وتنفيذ، ومدى انصياع السكان لما تنصّ عليه القواعد.
متى نُفّذت استراتيجية المطرقة بات الوباء تحت السيطرة، وتبدأ المرحلة التالية: وهي الرقص.
الرقص
إذا ضربتَ الفيروس بالمطرقة، فستُسيطر عليه خلال أسابيع قليلة، وتكون أنت في حال أفضل للتعامل معه. الآن يأتي الجهد الأطول مدىً لإبقاء هذا الفيروس في حال الاحتواء إلى أن يكتشف لقاح مضادّ له.
الرسم البياني رقم 13: القمع مقابل التخفيف مقابل الامتناع عن فعل شيء –المذكور سابقاً
ربما يكون هذا الخطأ الوحيد الأضخم، والأكثر خطورة، والذي يقترفه الناس بشأن هذه المرحلة: إنّهم يظنون أنّ هذه الاستراتيجية تضعهم في المنازل لأشهر. هذا ليس صحيحاً على الإطلاق. في الواقع، من المرجّح أن حياتنا ستعود إلينا بما يقترب من الحالة الطبيعية.
الرقص في البلدان الناجحة
كيف حدث أنّ بلداناً مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان واليابان كانت لديها إصابات لوقت طويل، وكوريا الجنوبية كان لديها آلاف المصابين، ولم تفرض تلك البلدان على الناس البقاء في المنازل؟
في هذا الفيديو، تشرح وزيرة خارجية كوريا الجنوبية كيف فعلتها بلادها. الأمر بسيط نوعاً ما: فحص فعّال، وتعقّب فعّال للاتصالات، وحظر السفر، وعزل فعّال، وحجر فعّال.
رابط الفيديو:
https://www.bbc.com/news/av/world-asia-51897979/coronavirus-south-korea-seeing-a-stabilising-trend
وهذه الورقة البحثية تشرح مقاربة سنغافورة:
https://academic.oup.com/jtm/advance-article/doi/10.1093/jtm/taaa039/5804843
هل تخمّن ما هي إجراءاتها؟ إنّها نفسها في كوريا الجنوبية. في حالتهم، أضافوا إلى هذه الإجراءات تقديم العون الاقتصادي للذين قبعوا في أماكن الحَجْر، والذين تعرّضوا لإلغاء رحلاتهم وتأجيلها.
هل تأخرت كثيراً البلدان – حيث ينتشر الوباء – عن اللحاق بهذا النموذج؟ لا.
من خلال تطبيق استراتيجية المطرقة، يحصلون على فرصة جديدة، على جرعة جديدة لفعل ما هو صائب. وكلما انتظروا، فستكون استراتيجية المطرقة أثقل وأطول زمناً، ويمكن بها السيطرة على الوباء. لكن ماذا لو أنّ كل هذه الإجراءات لم تكن كافية؟
رقصة R
أنا أسمّي مدّة الأشهر الطويلة بين المطرقة واللقاح، أو العلاج الفعّال، بـ”الرقصة”. لأنّنا لن نكون في حقبة زمنية حيث الإجراءات القاسية هي نفسها. سنرى انتشاراً مجدّداً في بعض المناطق، ومناطق أخرى لن تشهد الوباء لمدد زمنية طويلة. لذلك، سنحتاج إلى تشديد إجراءات التباعد الاجتماعي أو سنكون قادرين على التحرّر منها، وفقاً لتطوّر حالات الإصابة. هذه هي الرقصة R: هي تمايل الإجراءات بين استعادة حياتنا كما كانت، ونشر الوباء، أي معادلة الاقتصاد مقابل الرعاية الصحية.
كيف تعمل الرقصة؟
كل شيء يدور حول R. إن كنت تتذكّر، فـ R، هي نسبة انتقال العدوى. ففي نموذج مبكر، في بلد غير مستعد لمواجهة الوباء، تكون نسبة العدوى بين 2 و3: خلال أسابيع قليلة من إصابة شخص ما، سينقل العدوى إلى اثنين أو ثلاثة كمعدّل. إن كانت النسبة فوق 1، فستزداد الإصابات بشكل عمودي باتجاه الانتشار الوبائي. وإن كانت النسبة تحت 1، فإن الإصابات ستهدأ.
وخلال تنفيذ استراتيجية المطرقة، فإن الهدف هو جعل نسبة العدوى قريبة من الصفر قدر الإمكان، وبأسرع ما يمكن، لقمع الوباء. في ووهان، حُسبت نسبة العدوى بأنها كانت 3.9، في البداية، وبعد الإغلاق والحَجْر المركزي، انخفضت النسبة إلى 0.32.
لكن متى دخلنا إلى مرحلة الرقص، فلسنا بحاجة لفعل ذلك إطلاقاً. نحتاج فقط أن تكون نسبة العدوى تحت 1: إن كثيراً من إجراءات التباعد الاجتماعي كانت لها حقاً آثار قاسية على الناس. يمكن أن يفقدوا وظائفهم، وأعمالهم، وعاداتهم الصحية…
بمقدورك إبقاء نسبة العدوى تحت الواحد R=1، أي أنّ كلّ مصاب ينقل العدوى لواحد فقط، ومع إجراءات بسيطة قليلة.
الرسم البياني رقم 14: نسبة نقل العدوى خلال مراحل فيروس الكورونا في المرضى
هكذا يستجيب مختلف أنواع المرضى تقريباً مع الفيروس، بقدر ما يحملونه من إمكانية نقل العدوى. لا أحد يعرف الشكل الحقيقي لهذا المنحنى، لكننا جمعنا الداتا من مختلف أوراق البحث لتقريب النظر إليه.
فبعد أن يتواصل المصابون مع الفيروس، يكون لديهم شيء من إمكانية نقل العدوى. كلّ هذه الأيام من العدوى مجتمعة، ترفع نسبة نقل العدوى إلى 2.5.
ثمة اعتقاد أنّ حالات عدوى حدثت فعلاً أثناء مرحلة “عدم ظهور أعراض”. بعد ذلك، مع تطوّر الأعراض، يذهب الناس عادة إلى الطبيب، فيخضعون للتشخيص، وتنخفض إمكانية نقلهم العدوى للآخرين.
على سبيل المثال، إن أُصبتَ بالفيروس في مرحلة مبكرة، ومن دون أعراض، فأنت تتصرّف إذاً كما هي العادة. عندما تتحدث مع الناس، تنشر الفيروس. عندما تلمس أنفك ثم تمسك مقبض الباب لتفتحه، فإن الشخص التالي الذي يفتح الباب بعدك، ثم يلمس أنفه، سيُصاب.
وكلما تكاثر الفيروس في بدنك، أصبحت مُعدياً أكثر. لذلك، عندما تظهر عليك أعراض الإصابة، اِبدأ ببطء بالتوقف عن الذهاب عن العمل، اِبقَ في السرير، ارتدِ قناعاً، أو اِبدأ بالذهاب إلى الطبيب. وكلما تزايدت أعراض المرض لديك، عليك الابتعاد أكثر عن الآخرين، من أجل تقليل انتشار الفيروس.
وعندما تخضع للاستشفاء، حتّى لو كُنتَ مُعدياً جداً، فلن تنشر الفيروس بقدر ما كنتَ تنشره عندما كنتَ في العزل.
من أجل ذلك، يمكنك رؤية الآثار الكبيرة للسياسات المتبعة في سنغافورة أو كوريا الجنوبية:
*إن خضع الناس للفحص على نطاق واسع، فبإمكانهم تحديد المصابين حتى قبل أن تظهر الأعراض عليهم. وعندما يخضعون للحَجْر، لن يكونوا قادرين على نشره.
*إذا دُرّب الناس على تحديد أعراض الإصابة لديهم مبكراً، فسيقلّصون عدد الأيام الزرق في الرسم البياني، وبالتالي سيخفّضون إمكانية نقلهم للعدوى عموماً.
*إذا خضع المصابون للعزل بمجرد ظهور الأعراض لديهم، فإن العدوى تختفي من المرحلة البرتقالية.
*إذا أُرشد الناس إلى معنى “المسافة الشخصية”، ولبس القناع، وغسل الأيدي أو تعقيم المساحات، فسيكون نشرهم للفيروس أقلّ خلال المدّة كلها.
عندما تفشل كل هذه الإجراءات، عندها فقط نحتاج إلى إجراءات أشدّ للتباعد الاجتماعي.
تقييم التباعد الاجتماعي
إذا كانت نسبة نقل العدوى فوق الواحد، على الرغم من كلّ هذه الإجراءات، فسنحتاج إلى تقليص معدّل الأشخاص الذين يلتقي بهم كلّ فرد. وهناك كثير من الطرائق الرخيصة لفعل ذلك، مثل حظر التجمّعات التي تتعدّى عدداً معيّناً من المشاركين (مثل 50، 500)، أو الطلب من الناس العمل من منازلهم عندما يمكن لهم ذلك.
ثمة إجراءات أخرى، هي مكلفة اقتصادياً أكثر بكثير، اجتماعياً وأخلاقياً، مثل إقفال المدارس والجامعات، والطلب من كلّ الناس البقاء في المنازل، أو تعطيل الأعمال.
الرسم البياني رقم 15: الوصول بنسبة نقل العدوى إلى حدود R=1
صُنع هذا الرسم البياني لأنّه غير موجود اليوم. لم يقم أحد بما يكفي من البحث حول هذا الموضوع، أو وضع كل هذه الإجراءات معاً بطريقة يمكن بعدها المقارنة بينها. هذا من سوء الحظ، لأنه الرسم البياني الأكثر أهمية، والذي يحتاج إليه السياسيون من أجل اتخاذ القرارات. فهذا الرسم البياني يوضح ما الذي يجري حقاً داخل أذهانهم.
إقرأ أيضاً: استراتجيات مواجهة كورونا (1/3): سنتحرّر خلال أسابيع إذا التزمنا
خلال مرحلة المطرقة، يريد السياسيون خفض نسبة نقل العدوى بقدر الإمكان من خلال الإجراءات التي تبقى متساهلة بنظر الناس. في هيوباي، ذهبوا بنسبة نقل العدوى إلى 0.32. قد لا نحتاج إلى هذه النسبة: ربما فقط 0.5 أو 0.6.
لكن أثناء مرحلة رقصة R، يريد السياسيون أن ترتفع نسبة نقل العدوى إلى ما يقارب الواحد قدر الإمكان، مع البقاء تحته إبان المدة الطويلة. هذا ما يجنّب انتشار الوباء مجدداً، مرفقاً مع حذف الإجراءات الأكثر شدّة.
ما يعنيه هذا، هو أن القادة سواء أكانوا يعون ذلك أم لا، يتخذون الإجراءات التالية:
*إحصاء كلّ الإجراءات الممكن اعتمادها لتقليص نسبة نقل العدوى.
*إدراك الفائدة من تطبيقها: تقليص نسبة نقل العدوى.
*إدراك كلفتها: الاقتصادية، والاجتماعية، والأخلاقية.
*ترتيب الإجراءات وفق معادلة التكاليف والمنافع.
*اعتماد الإجراء الذي يمنح أكبر تقليص ممكن لنسبة نقل العدوى، إلى حدود 1، بأقل كلفة ممكنة.
الرسم البياني رقم 16: كيفية الرقص حول نسبة نقل العدوى (R)
في الأساس، ستكون ثقتهم بهذه الأرقام متدنية. لكن ما تزال هذ الطريقة التي يفكرون بها، وما هو عليهم التفكير فيه.
ما نحتاج لفعله هو صياغة المسار: أي إدراك أنّ هذه هي لعبة أرقام، وعلينا أن نعلم من خلالها بأسرع ما يمكن أين موضعنا من نسبة نقل العدوى، وأثر كلّ إجراء في تقليص هذه النسبة، وأثمانه الاجتماعية والاقتصادية.
عندئذ فقط سيكون السياسيون قادرين على صناعة قرار عقلاني بشأن أيّ إجراء عليهم اعتماده.
الخاتمة: شراء الوقت
يستمرّ فيروس الكورونا في الانتشار في كلّ مكان تقريباً. هناك إصابات في 152 بلداً. نعمل بعكس الساعة. لكننا لا نحتاج لأن نكون بهذا الوضع: هناك طريق واضح يمكننا التفكير فيه.
بعض البلدان، لا سيما التي لم تُصب بعد على نحوٍ واسع بالفيروس، عليها أن تتساءل: ماذا سيحدث لها؟ والجواب هو: من المحتمل أنه سبق وأن وصل الفيروس. لكنك لم تلاحظ ذلك. فعندما يصيب الفيروس بلداً ما فعلاً، فسيكون نظامه الصحي بأسوأ مما هو الحال في البلدان الغنية التي نظامها الصحي قوي.
السلامة أفضل من الأسف، وعليك التفكير في البدء الآن.
بالنسبة إلى البلدان التي يوجد الفيروس فيها، فالخيارات أمامها واضحة.
من جهة، فإن البلدان التي تتبع طريق التخفيف من وطأة الوباء، ستصنع انتشاراً كبيراً له، وتُنهك النظام الصحي، وتجلب الموت لملايين الناس، وإطلاق سلالات جديدة من هذا الفيروس في البريّة.
من جهة أخرى، فإنه بمقدور الدول أن تكافح. يمكنها أن تُغلق البلاد لأسابيع قليلة لشراء الوقت لنا، وصياغة برنامج عمل تعليمي، والتحكّم بهذا الفيروس إلى أن نحصل على لقاح.
إن حكومات حول العالم اليوم، ومن ضمنها الولايات المتحدة وبريطانيا أو سويسرا، اختارت حتّى الآن طريق التخفيف من وطأة الوباء.
هذا يعني أننا نستسلم من دون قتال. هذه الحكومات ترى كيف حاربت بلدان أخرى هذا الفيروس بنجاح، لكنّها تقول: “لا يمكننا فعل ذلك!”.
ماذا لو قال تشرشل الكلام نفسه؟: “أصبح النازيون في كلّ مكان في أوروبا. لا يمكننا قتالهم. لنستسلم فقط”. هذا ما تفعله كثير من الحكومات حول العالم اليوم. إنهم لا يمنحونك فرصة لمحاربة هذا الفيروس. عليك أن تطالب بهذه الفرصة.
لقراءة المقال في موقع ميديوم اضغط هنا