نسيب غبريل: لإغلاق 93 مؤسسة عامة

مدة القراءة 3 د


في إطار البحث عن حلّ لأزمتنا المالية والاقتصادية، توجه موقع “أساس” إلى مجموعة من الخبراء ورجال الأعمال والسياسيين بسؤال: ما هو الحلّ؟

رئيس قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة “بنك بيبلوس” نسيب غبريل، يؤكد أنه قبل الحديث عن أيّ حل، لا بدّ للسلطة السياسية من الإجابة عن سؤال محوريّ واحد: أي هوية نريدها للاقتصاد اللبناني؟ وبعد ذلك يصبح البحث عن حلول أمراً بديهياً، ذلك لأنّنا انحرفنا عن أصل الهوية الاقتصادية للبنان، المبنية على القطاع الخاص والمبادرة الفردية، وهما يشكّلان العجلة الرئيسية للاقتصاد والمحرك الأهم لخلق فُرص العمل.

يقول غبريل إنّ صندوق النقد الدولي “وضع لبنان في العام 2016 في المرتبة الرابعة بين الدول العربية من حيث حجم القطاع العام (20% من اليد العامة في لبنان) وربما تكون اليوم قد تخطت 30%”. فقد استقبلت الإدارة العامة نحو 31 ألف موظف جديد بين الأعوام 2014 و2018. خمسة آلاف شخص منهم وُظّفوا بطريقة غير قانونية قبيل الانتخابات النيابية الأخيرة. ناهيك عن احتكار القطاع العام لقطاعات حيوية مثل: الكهرباء، والمياه، والاتصالات، والمواصلات العامة.

منذ خمس سنوات إلى اليوم، نشهد تحوّلاً جذرياً لهذه الهوية من خلال انفلاش القطاع العام، وارتفاع النفقات بشكل غير مسبوق. قفزت النفقات من 5.7 مليار في العام 2005 إلى 17.8 مليار دولار في العام 2018، أي بارتفاع 163% (حينما كان القطاع العام يسيّر شؤونه بلا موازنات). هذا الانفلاش أدى إلى تراجع تنافسية الأعمال وإلى تدهور بيئة الاستثمارات، وإذا استمرينا بهذه الهوية، فإنّ الأولويات والإصلاحات ستصبح مختلفة: فرض المزيد من الضرائب على المواطنين، اعتبار القطاع الخاص مصدراً لتمويل الخزينة، الذهاب نحو تأميم المزيد من القطاعات… وهذا يعني أنّ اقتصادنا بات موجّهاً.

بينما العودة إلى الهوية الأصلية، تفرض شكلاً مختلفاً من الإصلاحات، يجعل القطاع العام مكملاً وداعماً للقطاع الخاص، من خلال إعادة الهيكلة وتحسين ظروف التنافسية للأعمال، واعتماد الحوكمة لإعادة العجلة الاقتصادية إلى الدوران. وانطلاقاً من هنا، فإن الاصلاحات تكون بعد تحديد الهوية، كالتالي:

1. إعادة هيكلة القطاع العام من خلال إغلاق أو دمج 93 مؤسسة عامة (هيئات ومجالس وإدارات وصناديق مستقلة)، وإلغاء الوظائف الوهمية، وإصلاح نظام التقاعد للحفاظ عليه للمتقاعدين المقبلين.

2. تحسين الجباية، وضبط الحدود والمعابر الشرعية وغير الشرعية، ومكافحة التهرّب الضريبي.

3. البحث عن حلّ سريع لأزمة الكهرباء من خلال إطلاق يد اللامركزية في كل مراحل الإصلاح وإشراك القطاع الخاص بها.

4. تفعيل الشراكة بين القطاع العام وبين القطاع الخاص، بغية فكّ احتكار الدولة لبعض القطاعات مثل الاتصالات والمياه والكهرباء والمواصلات العامة، لأنّ ذلك يعيد خلق المنافسة.

5. رفع مستوى الحوكمة والإدراة الرشيدة من خلال نشر كل موازنات المؤسسات والهيئات العامة والصناديق المستقلة، وفرض تطبيق القوانين كما يجب لأنّ ذلك يزيد من إيرادات الدولة ويحافظ على صحّة المواطن على السواء (مثل منع التدخين في الأماكن العامة، تطبيق قانون سلامة السير، وحماية الملكية الفكرية… الخ).

إقرأ أيضاً: وزير “ماكنزي”: هناك خطوات قبل صندوق النقد

مواضيع ذات صلة

آثار النّزوح بالأرقام: كارثة بشريّة واقتصاديّة

لم تتسبّب الهجمات الإسرائيلية المستمرّة على لبنان في إلحاق أضرار مادّية واقتصادية مدمّرة فحسب، بل تسبّبت أيضاً في واحدة من أشدّ أزمات النزوح في تاريخ…

استراتيجية متماسكة لضمان الاستقرار النّقديّ (2/2)

مع انتقالنا إلى بناء إطار موحّد لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، سنستعرض الإصلاحات الهيكلية التي تتطلّبها البيئة التنظيمية المجزّأة في لبنان. إنّ توحيد الجهود وتحسين…

الإصلاحات الماليّة الضروريّة للخروج من الخراب (1/2)

مع إقتراب لبنان من وقف إطلاق النار، تبرز الحاجة الملحّة إلى إنشاء إطار متين وفعّال للامتثال لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. تواجه البلاد لحظة محورية،…

لبنان “البريكس” ليس حلاً.. (2/2)

على الرغم من الفوائد المحتملة للشراكة مع بريكس، تواجه هذه المسارات عدداً من التحدّيات التي تستوجب دراسة معمّقة. من التحديات المالية إلى القيود السياسية، يجد…