أنا لا أكره جبران باسيل

مدة القراءة 3 د


أنا لا أكره جبران باسيل. ليس هناك من أسباب موجبة عندي كمواطن لبناني بيروتي سنّي من موجبات كي أراكم الكراهية ضدّ هذا الرجل، وأُمعن في البغضاء والحقد تجاهه في كلّ مكان وحين.

لم يَدّعِ جبران باسيل يوماً حبه لاتفاق الطائف، لا بل كان مراراً وتكراراً يؤكد في الإعلام والجلسات والاجتماعات سراً وعلانية، رغبته بتعديل الدستور واستعادة صلاحيات الرئيس. لا بل كان وقحاً برغباته، فاخترع أعرافاً مسبوقة لم نجد لها مثيلاً في صفحات الحكم والتاريخ.

لم يقل إنه سيؤمّن لنا نحن السُنّة وظائف، وسيبني لنا الجامعات والمدارس والطرقات، وسيحقّق لنا من الأحلام الكثير. فالرجل قال دون لبس، أريد استعادة الوظائف والمناصب التي هي من حقوق الموارنة والمسيحيين. أريد أن أنقل جامعة البحار من عكار إلى البترون بكل التفاصيل. أريد نصف وظائف بلدية بيروت، صغير الدرجة منها والكبير. أريد المناصفة بالمشاريع، عقد بعقد وقرشٍ بقرش لا ينقص عن ذلك أبداً. ولكن لا اعتراض لدينا إن كان يزيد.

الرجل لم يكذب علينا نحن أهل السُنّة بشيء. لقد كذب، وأخلف الكثير من وعوده معنا كمواطنين، عندما وعدنا بالكهرباء 24/24، وعندما حدّثنا عن النفط والقطار، وكيف ستنافس ليرتنا الدولار وكلّ العملات الأجنبية. والأهم، لقد كذب علينا عندما صرعنا و”طوش راسنا” كما نقول بالبيروتي بريادته لتيار الإصلاح والتغيير

لم يقل جبران باسيل لأهله خصمكم صديقي، فانتخبوه. وعد قومه بطريق فشقّ لهم كلّ طريق، وحدّثهم عن إنارة الشوارع، فغزت الطاقة الشمسية في البترون الجرد قبل الطريق. وعدهم بالحماية، فأحاطهم بحصانة في المخفر، وفي الشعبة، وفي القضاء، وفي كلّ تحقيق.

لم يمارس جبران باسيل حقداً شخصياً على الزعيم السعيد، بل ما مارسه معه في التكليف والتشكيل والعمل الحكومي، هو نفسه ما مارسه مع تمام سلام، وأيضاً مع الرئيس الميقاتي السيّد نجيب. ألا تذكرون ما قاله بوضوح ودون مواربة في جلسة بقاعية أكثرية حضورها من النُخب السُنّية، وكتب عنها زميلنا قاسم يوسف، ونقتبس منها “أنّ السُنّة هم من استولوا على مكاسب المسيحيين، وأنّ هذه المكاسب من السُنّة سيستعيد”.

الرجل لم يكذب علينا نحن أهل السُنّة بشيء. لقد كذب، وأخلف الكثير من وعوده معنا كمواطنين، عندما وعدنا بالكهرباء 24/24، وعندما حدّثنا عن النفط والقطار، وكيف ستنافس ليرتنا الدولار وكلّ العملات الأجنبية. والأهم، لقد كذب علينا عندما صرعنا و”طوش راسنا” كما نقول بالبيروتي بريادته لتيار الإصلاح والتغيير.

إقرأ أيضاً: جبران يدخل موسوعة “غينيس” في كسب الخصوم

أنا لا أكره جبران باسيل، ولكن بما أنه سياسيّ من هذه السلطة، فأنا أكره هذه السلطة وكلّ ما فيها من سياسيين. كلهم شركاء بإفقارنا، بدمار مدينتنا وأحلامنا. فما ارتكبوه بحق وطننا أبداً أبداً ليس بقليل.

 

ملاحظة: نحن في موقع “أساس” نحبّ جبران باسيل. فكلما نشرنا عنه ازداد عدد القرّاء. وكلما أمعنّا في شرح “شخصيته” ارتفعت أرقام القراءة إلى ما لا سابق له في صفحات الرأي.

مواضيع ذات صلة

سوريا الجديدة: نبوءة لم تتحقّق وسرّان كبيران

منذ الستّينيات تنبأ حنّا بطاطو الأستاذ يومها بالجامعة الأميركية ببيروت أنّ مشكلات داخلية كبرى ستحصل بالعراق لأسباب إثنية ودينية وجغرافية، فليس هناك شعب عراقي، وإنّما…

سوريا تسبق لبنان إلى الحاضنة العربيّة

هل تسبق سوريا لبنان إلى الانضواء تحت الحاضنة العربية في سياق الجهد الدولي العربي لإخراج البلدين من العباءة الإيرانية وعدوانيّة إسرائيل؟ في لبنان ما زالت…

السّعوديّة… “احتضان” اللّحظة السّوريّة

كانت لافتةً السرعة التي تفاعلت بها السعودية مع الحدث السوري الكبير. لا تردّد، لا تحفّظ، لا تريّث، ولا وقت للتأمّل والانتظار. بعد ساعات من إعلان…

سمير عسّاف: مرشّح لا يعرفه ناخبوه

مرّت على الرئاسة اللبنانية، قبل الاستقلال كما بعده، صنوف من البشر: المحامي والضابط والوزير والنائب والسفير والإداري والتاجر، الأمير والزعيم والخارج من بيت فقير متواضع،…